تبا للانقاذ فقد أغرقتنا

تبا للانقاذ فقد أغرقتنا
  • 08 سبتمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

علمت الإنقاذ الشعب السوداني أسوا الخصال، دمرت الطبيعة السودانية التي وجدتها يوم انقلابها المشئوم وحولت النفس السودانية المطمئنة إلى نفس شرهه غير مهتمة بالاخرين، اغدقت الإنقاذ الأموال والمناصب على من لا يستحقون، فحولت من كانوا عنوانا للمرؤة والشهامة إلى منبوذين، حاصرتهم وحاربتهم وجعلت السلطة في يد من يهينهم من الباحثين عن السلطة والنعمة والشهرة الذين لا يتورعون عن فعل أي منكر من أجل الاحتفاظ بسلطتهم.

صرفت الإنقاذ أموال بترول السودان ( في الفاضي )، ففي الوقت الذي تدخر فيه حكومات الدول القرش الأبيض لليوم الأسود، بعثرت الإنقاذ أموال الشعب السوداني على اليخوت وعلى منصرفات الرئيس واسرته وعلى العدد اللامتناهي من المساعدين والمستشارين الذين لا يساعدون ولا يستشارون، وعلى المنظمات السرطانية التي انتشرت في جسد البلاد تنهش لحمها باسم الدين والمشروع الرسالي، ثم أهدرت الإنقاذ ما تبقى من مال البلاد على مشروع الإخوان المسلمين العالمي وتركت مسلمي السودان يتضورون جوعا وفقرا.

سياسات نظام الإنقاذ جففت الريف وجعلته غير صالح للحياة، دمرت المشاريع الزراعية والحيوانية وجعلت الشعب يهاجر غصبا عنه إلى خارج البلد او إلى العاصمة الخرطوم، الهجرة الكثيفة من الريف إلى الخرطوم بحثا عن مصادر رزق جديدة، كانت سببا أساسيا للسكن العشوائي، للمغالاة في أسعار العقارات، لتتمدد الخرطوم في كل الاتجاهات حتى تجاوزت الجبال غربا والتصقت بمدن وقرى الجزيرة جنوبا، فانعكست هذه الهجرة السكانية الكثيفة على كل شيء، وأول شيء كان السكن الخاطيء، شيدت المنازل في مجاري السيول، المرابين وتجار العقارات ( الما بخافوا الله ) وتحت حماية النافذين من سلطة الإنقاذ باعوا للمساكين مجاري السيول، باعوهم للغرق وسقوط المنازل عند اول سيل او فيضان، وما يحدث اليوم في هذا الفيضان ماهو الا جزء من فيلم الفساد الإنقاذي.

مليارات البترول لم تستثمرها الإنقاذ في الطرق والخطط الإسكانية السليمة، ولا في التخطيط العمراني السليم، لم تستثمرها في حماية الشعب من هول الكوارث، فالانقاذ نفسها كانت أكبر كارثة تمر بأهل السودان. ثلاثون سنة وها هو السودان يغرق في شبر ماء، ثلاثون سنة وها هي المنازل تسقط في كل مكان وكان هذه البلاد لم تكن فيها حكومة تفكر في المستقبل، كان هذه البلاد لم يحكمها بشر يعرف معاني الله والأرض والإنسان والوطن.

يؤسفنا ان حكومة الثورة ورثت هذا الحال ( المايل )، وأنها ستعاني خلال السنين القادمة من تركة ثقيلة من الأزمات المتلاحقة، نشفق على من يتولون الأمر وعلى المواطن المغلوب على أمره وعلى بلاد كلما استنشقت عطر الحرية اوجعها الماضي الشمولي بالنكبات. يملؤنا الامل في الغد، ولكن الطريق إليه لن يكون مفروشا بالورود والاغنيات، بل سيكون مفروشا بهذه الكوارث، بالدموع والألم والتحديات، فلنتمسك بسلاحنا الماضي الذي أسقطنا به الانقاذ الفاسدة، الوحدة، وحدتنا هي خيارنا، وزادنا هو الايمان بالنهوض مهما تعددت العثرات واكفهر الزمان.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.