إنشقاق وشيك في اطباء الثورة

إنشقاق وشيك في اطباء الثورة
  • 23 أكتوبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

منذ شهور عدة تقود جهة بعينها صراعا داخل الأطباء من أجل الفتك بوحدة المكتب الموحد للاطباء الذي قاد الأطباء السودانيين وقاد ثورة ديسمبر المجيدة، المكتب الموحد يتكون من لجنة اطباء السودان المركزية ونقابة الأطباء الشرعية ولجنة الاستشاريين والاختصاصيين، وهي اجسام لا يزايد على قيادتها للاطباء الا جاهل بالحقائق والتاريخ.

دعت هذه الجهة منذ فترة قصيرة لاجتماع عام للاطباء وحددت له دار اتحاد الأطباء بالخرطوم من أجل ما سمته مناقشة قيام النقابة، ولكن الحقيقة ان هذا الاجتماع دبرت الدعوة له جهة تدير بالريموت كنترول هذا الصراع العبثي، وهدفها من ذلك اعتراضها السياسي على تمثيل أعضاء المكتب الموحد للاطباء في الحكومة وحاضنتها وتسنم بعضهم المناصب في وزارات الصحة او المستشفيات. وهو اعتراض شبيه باعتراض عبدالحي يوسف وفلول الكيزان على تمثيل قوى الحرية والتغيير للثورة وتحكمها في تعيينات الحكومة! فإذا كان قادة الثورة غير مخول لهم قيادة الدولة فمن يقودها اذا !!

قادة الاجتماع المزمع يتهمون المكتب الموحد بالوقوف أمام قيام النقابة! في الوقت الذي لم تجيز فيه حكومة الثورة قانون النقابات العام حتى الان، وفي الوقت الذي أعلن فيه المكتب الموحد للاطباء عن خطة زمنية شفافة وواضحة لتكوين اللجنة التمهيدية للنقابة، ولكنهم لا يريدون انتظار قانون النقابات ولا يريدون التمهيد بعد ثلاثين سنة من انفصال الأطباء عن النقابات ومعناها وقيمتها، هم يريدون مقعد النقابة اليوم قبل الغد من أجل ان يستولوا عليه ويصبحوا جزءا من الحاضنة وجزءا من الحكومة ويهيمنوا على المناصب واذا ارادت جهتهم السياسية سيفجروا الواقع الصحي والسياسي الهش بالإضرابات والاعتصامات عبر النقابة. وهؤلاء لا يتعظون من ما فعلوه بتجمع المهنيين فقد قاد تدبيرهم ومكرهم بالاستيلاء على سكرتارية تجمع المهنيين إلى أكبر فضيحة في تاريخ الثورة، وهو ما قاد إلى وضع تجمع المهنيين الراهن الذي هو بين الحياة والموت، فلا هو حي يقود الشارع كما كان ولا هو ميت فيدفن، مسخ مشوه لا يسر ثائر ولا يغيظ كوزا. وهم يصرون على تكرار نفس هذا الحدث في نقابة الاطباء، ويساعدهم بعض الأطباء الذين نعلم غيرتهم على الوحدة ولكنهم كالمنومين مغنطيسيا يسيرون خلف الفتنة بلا هدى ولا كتاب منير.

من عجب أن هذا التيار السياسي ( يحرش ) الأطباء ليل نهار على عدم التسجيل في حصر الأطباء الذي أعلنه المكتب الموحد، ويزينون لهم في نفس الوقت حصرا في قروب فيسبوك!! هل ثمة طبيب عاقل يقدم معلوماته لقروب فيسبوك! ويرفض تسليم المعلومات للجنة النقابية للمكتب الموحد التي كونت رسميا وباوراق حكومية للقيام بهذه المهمة؟! هل في الأصل يصح قانونا لأي قروب فيسبوك لا يملك أي صفة رسمية ان يطلب أوراق ومستندات تخص قيام جسم قانوني هو نقابة الاطباء؟! غياب النقابة وطول فترة الشمولية جعل الكثيرين غير مدركين لطبيعة الدولة الحديثة ومؤسساتها التي تتصف بقيمة واحدة مميزة وهي ( القانون)، لا يمكنك تخطي القانون بهذه الهمجية، حكم القانون هو هدف من أهداف ثورة ديسمبر فهل نضيعه بهذه البساطة!

الدعوة لاجتماع الأطباء غدا في دار اتحاد الأطباء ليست دعوة بريئة من اطباء لبعضهم، بل هي دعوة مخطط لها ومدبر لها، ومرسوم لها كيف تمضي وإلى أين تقود، ويسهر على مسارها المقصود نفر لا يراهم الأطباء ولن يروهم، اذا كان الأطباء يستكثرون على اعضاء المكتب الموحد الذين قادوا الأطباء في الوقت الصعب وقت السجون والرصاص والتعذيب ان يقودوهم الآن، فكيف بهم يسلمون زمام أمرهم للجنة تسمي نفسها اللجنة القيادية، لا قادتهم من قبل ولا يعرفون عنها شيئا!! هل الأطباء في وعيهم أم أن مس قد اصابهم واصبحوا لا يميزون؟!!

لا يمكن أن نقول ان مكتب الأطباء الموحد بلا اخطاء، ولكنها اخطاء يمكن التعامل معها والعبور فوقها وفاءا لتاريخ الأطباء الثوري. فبعد أن ضاع تاريخ تجمع المهنيين الثوري باختطافه، فليس من المنطقي أن نضيع تاريخ الأطباء في ثورة ديسمبر، التاريخ الذي أصبح نغمة على شفاه الجماهير ( كاكي البلد لابكوت) .

المكتب الموحد ظلا متاحا وظلت ندواته متواصلة لتمليك المعلومات للاطباء، ثم قام بطواف على الولايات وقام بأعداد طريقتين للحصر الكترونية وورقية، واجتهد اعضاءه الذين يعملون بلا راتب ولا مقابل في ظل بلاد كلها تعاني الامرين من ظروف اقتصادية ضاغطة، ورغم ذلك هناك من لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب، يريد أن يهيمن هو وحزبه على كل شيء ويسيطر على كل شيء ولو أدى ذلك إلى تفتيت تجمع المهنيين أو بعثرة وحدة الأطباء أو انفصال السودان او موت الجميع.

من اراد نقابة الاطباء فإن النقابة قادمة قانونا عبر المكتب الموحد للاطباء وان تأخرت، ومن أراد الفتنة وتمزيق وحدة الأطباء الهشة فإن اجتماع اتحاد الأطباء غدا الجمعة سيوفر له هذه الرغبة ولكنها رغبة لن تقود إلى نقابة بل إلى نسف وحدة الأطباء وهي رغبة من يديرون هذا الاجتماع من خلف البحار ومن بلاد تموت من البرد حيتانها.

اللهم هل بلغت اللهم فاشهد


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.