هل يضبط السلام بوصلة الثورة؟

هل يضبط السلام بوصلة الثورة؟
  • 15 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

المستحيل الذي صنعه الشعب السوداني في ثورة ديسمبر باستمراره في الشوارع بالملايين لأشهر عدة حتى أطاح بالسفاح البشير كان يمكن أن يثمر عن تحقيق مستحيل مشابه على مستوى البناء وإعادة التعمير وخاصة عبر استخدام سواعد الأجيال الجديدة وكفاءات السودان بالخارج، ولكن ظروفا كثيرة وأزمات متعددة وقفت امام هذا البناء، في مقدمتها الاختلاف السياسي حول الوثيقة الدستورية وحول الاتفاق مع العسكر. الشرخ الذي صنعه رافضي الوثيقة الدستورية رغم قبول الجماهير لها جعل الثورة تتعطل في تلك المحطة وتفشل في الانتقال إلى محطة البناء والتعمير.

الأزمة الثانية التي عقدت المسار هي فض اعتصام القيادة العامة، سقوط عدد ضخم من الشهداء والترويع الذي ساد العاصمة الخرطوم لايام أفقد الجماهير الثقة في العسكر، وحول الحكام الجدد إلى متهمين، مما اوجد وضعا حرجا، سهل الانفجار، غير متماسك، ويحتاج إلى ( وزنة معلم) حتى يمضي إلى الامام بدون اختلال.

الأزمة الثالثة كانت اختطاف تجمع المهنيين بواسطة لافتات الحزب الشيوعي، وتحويله من قائد ثوري ملهم للشارع والشباب إلى مسخ مشوه ( لا يهش ولا ينش)، باختطاف تجمع المهنيين وتحوله فعليا إلى تجمعين، فقدت الثورة نموذجها الذي كان يمكن أن يقود الشباب والأجيال الجديدة في برامج بناء ضخمة وعظيمة ويتحول شعار ( حنبنيهو ) بالفعل إلى واقع على الارض.

هل وصلت الثورة إلى مرحلة فقدان المبادرة؟ ليس بعد، فالسلام الذي تم الاحتفال به اليوم الأحد يستطيع أن يعيد ترتيب المنزل الداخلي للثورة، يضبط بوصلتها، ويعطي دفعة قوية للحكومة الانتقالية، مما يزيد من قيمتها والاعتراف بها عالميا، وإذا عاد الحلو وعبدالواحد إلى مسار السلام سيكون المكسب أكبر وستعبر الثورة.

الخطر الراهن على الثورة لم يعد من العسكر ولا من فشل حملة ( حنبنيهو)، وإنما من الكيانات والأحزاب التي أعلنت انسحابها من قوى الحرية والتغيير وسحبت بالتالي اعترافها بالحكومة الانتقالية، هذه الأحزاب والكيانات ستجد نفسها معزولة من الجماهير ومن تيار السلام وحكومة الثورة، وهذا سيبعثر اوراقها ويقودها إلى التفكير في القيام بإنقلاب على حكومة الثورة، وهذا بالضبط ما يجب الانتباه له جيدا وأخذ الحذر والحيطة منه قبل أن يقع الفأس في الرأس.

sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.