سيطرة قوى نداء السودان على الحكومة

سيطرة قوى نداء السودان على الحكومة
  • 10 فبراير 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

من التشكيل الجديد للحكومة يظهر ان تيار قوى نداء السودان بقيادة حزب الأمة القومي وحزب المؤتمر السوداني والجبهة الثورية قد أكمل سيطرته على مسار ثورة ديسمبر، ويحسب لهذا التيار انه ظل عبر مسيرة الثورة السودانية هو التيار الواقعي والموضوعي البعيد عن المثالية والأحلام التي لا وجود لها، وهي صفات سياسية تقود أحزابها إلى النجاح بلا شك، فقد كانت هذه القوى تملك تشخيصا دقيقا لافق الحل للمشكل السوداني تكون باكرا منذ اتفاق باريس بين حزب الأمة والجبهة الثورية والذي أثبت أن أزمة الوطن لا يكمن حلها في الحرب ولا القتال ولا الاختلاف المقعد وإنما في السلام وفي الخطاب السياسي التوافقي الذي لا يقصي من ثبت انتماءه للوطن ولمشروع الوطن في السلام والعدالة والديمقراطية.

في الطرف الآخر تقزم تيار الأحلام غير الواقعية والشروط المستحيلة بقيادة الحزب الشيوعي وحركة الحلو وحركة عبدالواحد، هذا التيار الذي بنى فلسفته على تغيير هوية المجتمع وتغيير تاريخه وإحداث قطيعة تاريخية بين الوطن وتاريخه وثقافته المشتركة، وهو تيار أظهر نوايا إقصائية لا تؤمن بالتوافق ولا الحلول الوسط ولا التنازلات، وهي نوايا مصادمة لعرف الشعب السوداني ولعرف العمل العام، وهي من ملامح الايديولوجيين الذين لا يرون سواهم ولا يعترفون بحق الا الذي بين يديهم، ولا يقبلون ببرنامج الا الذي يضعونه، وهو شطط سياسي قادهم في نهاية الأمر إلى الانزواء والانعزال، وقاد المجتمع الداخلي والدولي إلى مراجعتهم في هذه المواقف التي لا تترك مجالا لأبناء الوطن الآخرين ليكونوا شركاء في الوطن والتغيير، فمنهم من بدأ يستمع وسيأتي في الخط، ومنهم من استعصم وأبى وسيظل في عزلة.

التشكيلة الجديدة للحكومة منسجمة شكليا وجوهريا وهي ميزة نجاح، فقوى نداء السودان سارت معا مشوارا طويلا في الماضي، وإن شاب هذا المشوار بعض التعثر بعد انتصار الثورة نتيجة اعتراضات الجبهة الثورية على تحركات قحت، الا ان التوافق موجود والارضية الصلبة من الثقة والتفاهم والقدرة على العمل المشترك موجودة، وبغياب التيار الحالم الذي كان أساس الاضطراب في حراك الثورة بعد الانتصار واتجاهه للمعارضة تبدو الفرصة مواتية الآن لهذا التشكيلة الحكومية المنسجمة لتنجز اهداف ثورة ديسمبر في إكمال السلام واحقاق العدالة وتوطين الحرية والديمقراطية، خاصة وأن هذه التشكيلة هي الأكثر انفتاحا على الآخرين، تشكيلة غير منغلقة وغير ايدولوجية ولا توجد أمامها خطوط حمراء سوى كرامة الوطن والشعب.

عالميا سيحمل خبر التشكيلة الجديدة ارتياحا لدى المجتمع الدولي، فالتشكيلة الراهنة ذات مشروع مشترك مؤمن بالسلام العالمي والديمقراطية والتعددية والتوافق والدبلوماسية وبعيدة عن الهوس والهتافية. داخليا التشكيلة الحكومية الجديدة ذات ثقل جماهيري قاعدي كبير، وتحمل جيلين من أجيال الأحزاب السياسية، الأحزاب التاريخية التي يمثلها حزب الأمة القومي، والأحزاب الحديثة التي يمثلها حزب المؤتمر السوداني، وهو تمازج يستحق الاحتفاء والتطوير لبناء تواصل فعال على مستوى بناء الأحزاب السياسية على أسس وافكار وطنية غير مستوردة مما يقوي من رابطة العشق للوطن والتراب.

لا تقاس البلدان في بدايات عودتها من الشمولية بالرفاه الاقتصادي بقدر ما تقاس بقدرتها على تمثيل المجتمع والحفاظ على توافقه وكينونته وبناء لحمة وطنية صلبة تؤهل الحكومة والشعب لقيادة تحول ضخم من الشمولية إلى الديمقراطية ومن الفساد إلى العدل ومن الاستبداد الى المشاركة، ولن تستنكف هذه التشكيلة او تنكر ان يكون للقوات المسلحة السودانية دورا وطنيا رائدا في هذا التحول عبر الشراكة الانتقالية حتى الوصول إلى صندوق الانتخابات القومي.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.