كيف كانت علاقة مصر الفرعونية بالبحر الأحمر (1)

كيف كانت علاقة مصر الفرعونية بالبحر الأحمر (1)
  • 23 فبراير 2021
  • لا توجد تعليقات

د. أحمد الياس حسين

يسعى المصريون منذ فترة الى القيام بالبحث عن كل ما من يساعدهم على اثبات وجودهم على ساحل البحر الأحمر لتعزيز أطماعهم في ميناء حلائب. وقد ارسلت لي الاستاذة امنة مختار – مشكورة – مشروع الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية في صعيد مصر ل “توثيق طريق الحج المصري القديم من قوص الى ميناء عيذاب على البحر الأحمر” فرأيت أن اعيد نشر بعض الموضوعات التي تناولت علاقة مصر بالبحر الأحمر، وتاربخ ميناء عيذاب لتساهم مع ما تكتبة الأقلام السودانبة في اثبات الحقوق السودانية منذ القدم في هذه المناطق.
ء —————————-

التفاصيل نشر بتاريخ: 16 أيلول/سبتمبر 2018 الزيارات: 2163 سودانايل

قدماءالمصريين والملاحة

اهتم المصريون منذ بداية تاريخهم بالملاحة في نهر النيل، وكانت الملاحة النيلية من أهم وسائل المواصلات خاصة وأن حدود مصر على طول حقب تاريخها انحصرت بصورة أساسية على جانبي النيل بين أسوان والبحر المتوسط. وقد أدى وقوع مصر على ساحل البحر المتوسط إلى اهتمامها بالملاحة فيه منذ بداية تاريخها، ساعد على ذلك تطور الحضارات في حوض البحر المتوسط منذ وقت مبكر حتى أصبح يعرف بقلب العالم القديم. وإلى جانب ذلك فقد أدى وجود المرافئ الطبيعية وتوفر وسائل الحياة على ساحل البحر المتوسط وظهيره إلى استقرار السكان وقيام المرافئ والمدن.
تناول سليم حسن (مصر القديمة ج 2 ص 258 – 266) علاقة مصر بجزر البحر المتوسط وأشار إلى احتمال رجوعها إلى عصور ما قبل الأسر. وقد توثقت علاقة المصريين بجزر البحر المتوسط وسواحل الشام منذ بداية عصر الأسر حتى إنهم كانوا يعتمدون اعتماداً أساسيّاً منذ بداية تاريخهم على خشب لبنان لبناء السفن والقصور الملكية. (سليم حسن مصر القديمة ج 2 ص 247)

وقد اختلفت علاقة مصر بالبحر المتوسط اختلافاً كبيراً عن علاقتهم بالبحر الأحمر الذي تفصلة عن مجال مصر الحيوي على النيل مناطق صحراوية ذات طبيعة قاسية تنعدم فيها وسائل الحياة. هذا بالاضافة إلى أن طبيعة سواحل البحر الأحمر والمناطق الداخلية المجاورة لها في مصر عبارة عن مناطق قاحلة تفصل البحر الأحمر عن النيل. بعكس الوضع على ساحل مصر المطل على البحر المتوسط الغني بموارده الطبيعية، إلي جانب ثروات وحضارات جزر وسواحل البحر المتوسط الشرقية مثل كريت وقبرص وسواحل الشام.

ولم تكن هنالك حاجة ملحة تؤدي إلى اهتمام المصريين بالبحر الأحمر في بداية تاريخهم القديم وتقودهم إلى تكبد مشاق الذهاب إليه. وعن بداية العلاقات بين المصريين والبحر الأحمر يقول سليم حسن (مصر القديمة ج 2 ص 259) “لم يركب المصريون متنه في سياحتهم إلا نادراً، إذ كان معظم ملاحتهم في البحر المتوسط”
و قد أدى استغلال المصريين لنحاس صحراء سينا منذ عصر الأسرتين الأولى والثاني – كما ذكر سليم حسن- إلى الاتصال المبكر بخليج السويس في النهاية الشمالية للبحر الأحمر. وكان النحاس المستخرج من سينا يحمل إلى عاصمة مصر مدينة طيبة في منطقة الأقصر الحالية في صعيد مصر.

وقد أورد سليم حسن فرضيتان حول طرق ترحيل نحاس سيناء إلى مدينة طيبة، فذكر أنه يمكن حمل النحاس من صحراء سينا إلى خليج السويس ثم يرحل عبر أحد طريقين: إما عبر البر إلى الدلتا ثم عبر النيل جنوباً إلى طيبة، أو عبر البحر الأحمر من خليج السويس جنوبا إلى منطقة القصير على خط عرض العاصمة طيبة 26 شمالاً. ثم ينقل عبر الصحراء إلى طيبة.
وتتميز المنطقة بين القصير وطيبة بأنها تمثل أقرب النقاط بين النيل والبحر الأحمر لانحراف النيل إلى الغرب في هذه المنطقة. بالاضافة إلى ذلك فقد سهل وجود وادي الحمامات – الذي يأتي من داخل الصحراء الشرقية ويصب في هذه المنطقة – عبور الصحراء والاتصال بالبحر الأحمر.
ويوضح سليم حسن (نفس المكان السابق) أنه لم يرد ما يوثق أي الطريقين كان سالكاً، ولو افترضنا أن طريق السويس القصير كان مستخدماً في عصر الدولة القديم [حتى نهاية الأسرة 6 في القرن 22 ق م] يكون أول اتصال المصريين في ذلك الوقت بالبحر الأحمر قد انحصر في الجزء الشمالي منه.

بلاد بونت
وقد ارتبطت محاولات المصريين المبكرة للابحار جنوباً في البحر الأحمر بالبحث عن بلاد بُونت التي كانت تعرف في ذلك الزمن القديم بالبلاد المقدسة وأرض الأرواح موطن الآلهة. وكانت بلاد بُونت كما يقول سليم حسن “من الأماكن التي يحيط بها الغموض والخيال والرهبة”. وقد اشتهر إطلاق بلاد بُونت في التاريخ المصري القديم على مناطق جنوب البحر الأحمر والقرن الافريقي.

فكانت بلاد بُونت تطلق على مناطق واسعة غير محددة تقع بعيداً عن البلاد المصرية في الجنوب تشمل كما ذكر بدج (Budge, Vol. 1p 138) الجزء الشرقي من وسط افريقيا. كما أطلِقت على المناطق التي وصل إليها حرخوف في رحلته المشهورة جنوب وغرب منطقة وادي حلفا في آخر عصر الأسرة السادسة في القرن 23 ق م. (سليم حسن، تاريخ السودان المقارن ص 29 و كذلك Budge, Vol. 1 p 523)
كما كانت بلاد بُونت تمثل – كما يقول بدج – في عصر الدولة المصرية الحديثة (القرنين 16 – 11 ق م) إحدى مديريات السودان الثلاث: واوات وكوش وبونت حيث كانت الضرائب ترسل إلى ملوك الدولة المصرية الحديثة من هذه المديريات.(Budge, The Egyptian Sudan Vol. 1 p 572 – 573)،وكانت المواد التي تتضمنها تلك الضرائب تشبه إلى حد بعيد السلع التي كانت تأتي من بلاد بونت جنوب البحر الأحمر مثل البخور والذهب والأخشاب مما يرجح أن بلاد بنت كانت تشمل أعالي نهري عطبرة والنيل الأزرق.

رحلة سحورع إلى بلاد بُـونت
ارتبطت أقدم الآثار المصرية التي تناولت السفر إلى بلاد بونت بسحورع ثاني ملوك الأسرة المصرية الخامسة في القرن 26 ق م. ذكر سليم حسن (مصر القديمة ج 2 ص 258 – 260) “أن قرائن الأحوال تدل أن المصريين لم يركبوا البحر الأحمر إلا نادراً إذ كان معظم سياحتهم في البحر المتوسط.” ووضح “أن أقدم وثائق في متناولنا عن ملاحة المصريين في البحر الأحمر يرجع تاريخها إلى الملك سحورع ثاني ملوك الأسرة الخامسة” في القرن 25 ق م، وذكر أنها أول رحلة إلى بلاد بونت، وأنها أحضرت إلى مصرالمر ومعدن الالكتروم والأخشاب الأجنبية بكميات وافرة”

لم توضح النصوص التي دونت رحلة سحورع إلى بلاد بونت المكان الذي غادرت منه البعثة. ورأى بعض المؤرخين أن البعثة غادرت إلى بلاد بونت عبر البحر الأحمر دون تحديد الميناء الذي انطلقت منه. (عبد العزيز صالح، ص 141) وكذلك لم يحدده سليم حسن في نصه أعلاه.
ويبدو معقولاً أن تكون رحلة سحورع إلى بلاد بُونت قد انطلقت على النيل حنوباً من ألفنتين -في منطقة أسوان- ولم تبحر إلى بلاد بونت عن طريق البحر الأحمر. فقد ورد أن بعثة سحورع أحضرت أسرى من بلاد بونت، ومن المعروف أن رحلات المصريين إلى جنوب البحر الأحمر والقرن الأفريقي كانت رحلات تجارية ولم تكن غزواً مسلحاً كما كان يحدث في الحملات التي غزت السودان منذ بداية عصر الأسرة الأولى، وتعودت أن تحضر أسرى من المناطق التي تغزوها في السودان.
كما وجد رسم لأحد سكان بلاد بونت في الآثار الخاصة بابن الملك خوفو -ثاني ملوك الأسرة الرابعة – الذي كان أميرًا للبحر في عصر الأسرة المصرية الرابعة، والبحر هنا المقصود به النيل. ويشبه ذلك الرسم أسرى بلاد بونت الذين أحضرتهم بعثة سحورع (سليم حسن مصر القديمة ص 265) المفترض ذهابها إلى بلاد بونت جنوب البحر الأحمر.

فسكان بلاد بُونت في آثار خوفو يشبهون سكان بلاد بُونت في آثار سحورع مما يشير إلى أن الرحلتين ذهبتا إلى نفس المكان. ولم ترد في آثارالملك خوفو أخبار خروج رحلة عبر البحر الأحمر إلى بلاد بُونت. ولو كان ذلك قد تم فعلاً، فلا بد أن يكون قد أثبت في آثاره باعتباره حدثاً كبيراً كأول رحلة بحرية إلى تلك المناطق. هذا إلى جانب أن سليم حسن ذكر – أعلاه – أن أول رحلة وردت في الآثار المصرية إلى بلاد بونت ارتبطت بالملك سحورع في عصر الآسرة الخامسة وليس بالملك خوفو في عصر الأسرة الرابعة.

ويبدو منطقيّاً أن أمير البحر ابن الملك خوفو سافر بالبحر من ألفنتين جنوباً إلى بلاد بونت (دواخل السودان الحالي). وقد سبقه في ذلك كثير من ملوك وقادة مصر منذ عصر الأسرة الأولى. فأخبار السفر إلى بلاد بونت في تلك العصور المبكرة كانت إلى مناطق السودان الجنوبية ويبدأ الانطلاق نحوها من ألفنتين. ويرى آركل Arkell, p 87)) أن “رحلات المصريين إلى بلاد بونت كانت تتم عبر النيل” تبدأ من الفنتين ثم تتواصل بحراً و برّاً كما حدث في الرحلات المشهورة في عصر الأسرة السادسة.

ومما يؤيد أن رحلات المصريين المبكرة لم تذهب إلى بلاد بونت عن طريق البحرالأحمر بل ذهبت عبرالنبل جنوباً كما ورد في أخبار الملك أسسي الملك قبل الأخير من ملوك الأسرة الخامسة. فقد ورد في عصر هذا الملك أن أحد رجاله ويدعى باور جدي قد أحضر له قزماً من بلاد بُونت أرض الأرواح. ويتضح مما ذكره عبد العزيز صالح (ج 1 ص 152) أن باور جدي أحضر القزم من أسواق بلاد يام.
وذكر حرخوف في رحلته إلى بلاد يام في عصر الأسرة السادسة أنه أحضر قزماً من بلاد يام. وعندما علم الملك بيبي الثاني بذلك فرح فرحاً عظيماً ووضح أنه يفضل ذلك القزم على كل منتجات بلاد بُنت وثرواتها التي أتى بها حرخوف. (سليم حسن، تاريخ السودان المقارن ص 29) ومن الواضح أن بلاد بونت هنا قُصد بها بلاد يام حيث أحضر حرخوف قزمه، وحيث اشترى باور جدي قزمه من أسواقها. وتقع يام في بلاد بونت.

وقد ناقشت الدكتورة سامية بشير دفع الله (ص 140 – 160) آراء المؤرخين حول موقع يام، ووضحت أنهم حصروا موقعها بين منطقتي كرمة وشمال دارفور الحاليتين. فتكون بذلك بعثة سحورع ورحلتي باور جدي في الأسرة الخامسة ورحلة حرخوف في الأسرة السادسة ذهبت إلى بلاد بونت عبر النيل ولم تتم عبر البحر الأحمر.

رحلات خنوم حتب في عصر الأسرة السادسة

جاءت أخبار رحلات أخرى إلى بلاد بُونت في نقوش على مقبرة بأسوان من عهد الملك بيبي الثاني آخر ملوك الأسرة السادسة (القرن 22 ق م). فورد أن خنوم حتب الذي يبدو أنه كان أميراً على البحر ذكر بافتخار أنه رافق سيده خوي “إحدى عشرة مرة إلى بلاد بونت” ويعلق سليم حسن (مصر القديمة ج 2 ص 265) على ذلك قائلاً: “على أننا لا نعرف إذا كان خوي هذا مخلصاً في قوله وأن هذه الرحلات – لو سلمنا أنها تمت فعلًا – قد نفذت عن طريق البحر الأحمر”

ويلاحظ أن سليم حسن رغم شكه في أن الرحلة قد تمت عبر البحر الأحمر لم يشر إشارة صريحة إلى الطريق الآخر وهو طريق النيل جنوباً إلى داحل السودان، وهو الطريق الذي سلكته الرحلة. فقد ذكر سليم أن السلع التي تأتي من بلاد بونت يمكن الحصول عليها من بلاد النوبة والسودان. كما أشار إلى صعوبة السفر إلى بلاد بنت عبر البحر الأحمر، أولا لصعوبة الوصول إلى البحر الأحمر من النيل حيث وصف سليم حسن الطريق من بدايته في قفط على النيل قائلاً:

“كانت القوافل تقطع المسافة في مدة أربعة أيام من قفط إلى البحر الأحمر سالكة طريقا وعرا لا ماء فيه، شمسه محرقة، وفي النهاية يصل الإنسان إلى ساحل قاحل لا سكان فيه ولا حياة. ومن أجل ذلك كان أول هم للبعثة أن تحمل معها كل المعدات لبناء السفينة التي كانت تقلع إلى بلاد بُونت”ويواصل سليم حين: “إذ لم يكن هناك مرفأ للسفن مهيأةً كما كان الحال عند مصبات النيل على البحر الأبيض المتوسط حيث المدن العظيمة. ولذلك كانت كل بعثة تريد الإبحار إلى بلاد بنت تبتدئ بتجهيز المعدات من جديد، فكانت تحضر معها المواد الغذائية والماء بمقادير عظيمة” ( سليم حسن، مصر القديمة ص 263)

والصعوبة الثانية تتمثل في الإبحار إلى بلاد بونت، يقول سليم حسن:
“هناك سلسلة عقبات للوصول إلى هذه البلاد، وذلك على فرض أن البحارة عرفوا أوقات هبوب الرياح الملائمة للسياحة والمعاكسة لها طوال العام، وأنه يمكنهم أن يوجدوا علاقات حسنة مع أهالي بُونت يضمنون بها شحن البضائع اللازمة في مدى بضعة أسابيع، وألّا يجدوا في طريقهم بحرا أية عقبة من العقبات الخطرة… وإذا كانت الأحوال الجوية حسنة تصل البعثة أخيراًإلى القصير … إلى النقطة التي أبحرت منها بعد غياب عام بأكمله.” (سليم حسن مصر القديمة ج 2 ص 264)

فالرحلة إلى بلاد بُونت لم تكن بالأمر السهل، إذ كان الطريق برّا وبحراً تتخلله المصاعب والعقبات. وتتطلب الرحلة عاما كاملاً في الذهاب والإياب الأمر الذي يصعب معه القيام بذلك العدد الكبير من الرحلات -أحد عشرة رحلة – التي أتت في أخبار خنوم حتب. والرأي المنطقي والمقبول أن تلك الرحلات أبحرت عبر النيل إلى بلاد بونت في داخل السودان.

وورد في عصر الملك بيبي الثاني من ملوك الأسرة السادسة ما يؤكد عدم وجود ميناء على البحر الأحمر جنوب خليج السويس حتى آخر عصر الأسرة السادسة. وأن المحاولات المبكرة للملاحة في البحر الأحمر انطلقت من خليج السويس كما يتضح من أحداث مهمة أحد كبار الموظفين “بيبي نخت” الذي خرج إلى بلاد العامو في عهد الملك بيبي الثاني.

ذكر بيبي نخت أنه خرج في بعثة “إلى بلاد العامو لإحضار جثة عنخت نيني. وقد كان الأخير ضابطا بحريا ومعه جنود وبحارة، وكان قد كُلف ببناء سفينة للإبحار بها إلى بلاد بونت. ومما يؤسف له أن الحملة قد داهمها سكان الرمال حريوشع وقتلوا رجالها.” ويواصل سليم حسن قائلاً: “ومن ذلك يتضح أن الملاحة إلى بلاد بونت كانت تبتدئ من ساحل خليج السويس. (سليم حسن مصر القديمة ص 262)

ورغم ما ذكر عن وجود طريق أو طرق أخرى إلى بلاد بونت غير طريق البحر الأحمر، وما ذكر عن صعوبة الوصول إلى بلاد بنت عبر البحر الأحمر مما يشير إلى عدم إمكانية سفر خنوم حتب أحد عشر مرة على البحر الأحمر إلى بلاد بُنت، رغم كل ذلك وبدون تفسير يقرر الدكتور محمد بيومي مهران أستاذ التاريخ القديم بجامعة الاسكندرية (ج 2 ص219 – 220) أن رحلة خنوم حتب تمت عبر البحر الأحمر قائلاً:

“أما رحلات المصريين إلى بلاد بونت فقد بدأت من الأسرة الخامسة وأخذت تتمدد بشكل واضح في عصر الأسرة السادسة حيث سجل أحد رجالها أنه سافر إلى بلاد بنت أحد عشرة مرة.” ويواصل قائلاً: “ومن المعروف أن المصريين كانوا ينقلون سفنهم مفككة من مدينة قفط بطريق البر إلى شاطئ البحر الأحمر، ثم يشيدونها هناك في ميناء يقع على مقربة من القصير الحالية”
ومن الواضح أن مهران كان يبحث عن كل ما يمكن أن يُستخدم لخدمة توثيق علاقات مصر القديمة بالبحر الأحمر. وبالطبع فهو لا يجهل ضعف ما يستشهد به.
وهكذا يتضح أنه حتى نهاية عصر الأسرة السادسة (في القرن 22 ق م) لم يكن هنالك ميناء لمصر على البحر الأحمر جنوب خليج السويس، بل كانت هنالك مناطق على البحر الأحمر تحمل إليها السفن عن طريق البر من مدينة قفط على النيل، حيث تركب السفن وتذهب إلى وجهتها. وعند نهاية المهمة تفكك السفن وتحمل مرةأخرى إلى النيل.

وقد دخلت مصر بعد عصر الأسرة السادسة في فترة اضطرابات وضعف فيما يعرف في التاريخ المصري بفترة الانتقال الأولى استمرت حتى القرن 21 ق م في عصر الأسر السابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة. ولم يكن لمصر في تلك الفترة ما يمكنها من محاولة إرسال البعثات البحرية جنوباً في البحر الأحمر. ولم تتمكن الدولة من استعادة قوتها إلا في بداية عصرالدولة الحديثة (الأسرة الحادية عشرة)
ونواصل: علاقة مصر بالبحر الأحمر في عصر الدولة الحديتة.

المراجع

  • بيومي مهران، الحضارة المصرية القديمة، ط 4 الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية 1989.
  • عبد العزيز صالح، الشرق الأدنى القديم الجزء الأول: مصر والعراق، القاهرة: مطبعة الانجلو المصرية 1990
  • سامية بشير دفع الله، تاريخ الحضارات السودانية القديمة منذ أقدم العصور وحتى قيام مملكة نبتة. ط2 الخرطوم: دار جامعة السودان المفتوحة للطباعة، 2011.
  • سليم حسن، مصر القديمة ط 199

– سليم حسن، تاريخ السودان المقارن إلى أوائل عصر بيعانخي، القاهرة: شركة نهضة مصر 2000.

  • Arkell, A. J. History of the Sudan, London: University of London, 1961.
  • Budge, E. A. Wallis, The Egyptian Sudan: Its History and Monuments, London: Kegan Paul, Trubner & Com. 1907.

التعليقات مغلقة.