كيف نبني الدولة المدنية ( ١ )

كيف نبني الدولة المدنية ( ١ )
  • 08 مارس 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

في سعينا لبناء دولة مدنية تتمتع بالقوة والقدرة على الاستمرارية والتطور يلزمنا ان نبدأ من حيث انتهى الآخرون في المؤسسية في بناء الدولة، وتهمني هنا أبعاد ثلاثة؛ الفساد وحكم القانون، الحريات المدنية والسياسية، وخصائص وطبيعة نظام الحكم. فهي الثلاثية التي اذا احكمنا انجازها سرنا خطوات مقنعة لانفسنا وللعالم في طريق بناء دولة سودانية مدنية محترمة.

في بعد مكافحة الفساد وحكم القانون فإن الوثيقة الدستورية نصت على تكوين مفوضية للفساد، ولكنها لم تر النور حتى الآن بعد مضي أكثر من سنة ونصف على تكوين الحكومة الانتقالية، وهو قصور غير مبرر يكلف البلاد كثيرا من التعطيل في هذا البعد ويؤدي لغياب العدالة ويصنف السودان في سجل منظمات الفساد بغير الموثوق فيه نتيجة لغياب المعلومات والبينات. تعيين مفوضية مكافحة الفساد المستقلة وإكمال هرم التقاضي بإصلاح النظام العدلي وتعيين المحكمة الدستورية سيوفر المطلوبات الأساسية لبناء مؤسسة قوية لمكافحة الفساد يتم عبرها اكتشاف الفساد مبكرا ومعالجته في مهده، مع توفير كامل مراحل التقاضي للمتهمين لإثبات العكس، هذا يسمى بالمختصر دولة القانون وهي حلم الجميع واحد أهداف الثورة.

قد تتعارض لجنة ازالة التمكين وقوانينها مع قوانين مفوضية الفساد، ومع المؤشر العادل لمحاربة الفساد، ومع توفير فرص التقاضي العادل لكل متهم، لذلك يجب عند تعيين مفوضية مكافحة الفساد إلغاء لجنة إزالة التمكين او تحويل اللجنة نفسها إلى مفوضية للفساد مع إجراء التعديلات اللازمة في قانونها لتحويلها من لجنة سياسية إلى مفوضية قانونية.

في بعد الحقوق والحريات المدنية والسياسية فقد نصت الوثيقة الدستورية في فصلها الرابع عشر على وثيقة الحقوق والحريات، وهي كافية جدا للعمل بها واستخدامها مؤشرا قياسيا لحالة الحقوق والحريات في البلد، تكوين مفوضية مستقلة لحقوق الإنسان – نصت على تكوينها الوثيقة الدستورية- لمراجعة أوضاع الحقوق والحريات بصورة دورية ومستمرة سيجعل السودان يخطو إلى الأمام في هذا الملف الحتمي لبناء الدولة في العصر الحديث.

الحاكمين الآن من أحزاب الحرية والتغيير تعرضوا لمصادرة حقوقهم السياسية والمدنية طيلة فترة نظام الإنقاذ وهم أدرى الناس بفداحة وبشاعة سلب الآخرين حقوقهم وحرياتهم، لذلك يتوقع أن يكونوا الأكثر حرصا والتزاما ببذل الحقوق والحريات للاخرين، مع أن هذا الحرص لم يظهر بعد في ظل غياب مفوضية حقوق الإنسان والمحكمة الدستورية، الا ان حتمية ظهوره هي التي ستميز الحكومة المدنية من الحكومة الدكتاتورية.

يتبع ….


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.