جماعة طاشة وأخرى إكثر طشاشاً

جماعة طاشة وأخرى إكثر طشاشاً
  • 11 يوليو 2021
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمدزين

• صحيح أن السودان يعيش الآن في هرجٍ ومرجٌ عظيمين، غير أن أكثر أهله ‹طشاشاً› وضلالاً جماعتان متناقضتان ضالتان تائهتان لم يجمع الله بينهما في شئٍ قط إلا في معاداة الثورة، والحكومة الإنتقالية القائمة.. إحدى الجماعتين ‹وباسم الدين كما تقول› ضالةٌ ومتنكِّبة إلى الأسفل، وإلى القاع، وهي جماعة الكيزان.. وكل الذي يفعلونه اليوم من شوشرة وتخريب، وتلبيس على الناس، وكيد للثورة، هو من قبيل (فرفرة) التحدُّر إلى القاع لا غير !! وليس أضل من جماعة الكيزان إلا الجماعة الأخرى التي تدَّعي أنها الصادعة باسم البلوتاريا، والمناصرة للطبقة العاملة، وتجمعات الفلاحين، والمعادية للإمبريالية، وأصبحت (طاشةً) تسير إلى غير هدىً، إذ بات سيرُها (خبط عشواء ساكت) وهم جماعة الشيوعيين الأصوليين المتحجرين ‹حافظي العهد القديم› وكتب الديالكتيك، وأتباعهم..

‹والطشاش› في العادة، يوحِّدُ أهله، مثلما أن الهُدى والبصيرة توحِّدان أهلهما كذلك !! ولقد توحَّدت الفئتان -من عجب- في العداء للثورة، والثوار، ولحكومة الإنتقال، ولرئيس وزرائها في ظاهرة عجيبة هي أقرب إلى أن تكون إحدى علامات الساعة، إذ لم يسبق للجماعتين أن توحَّدتا في أمر رُشدٍ ولا غيره قط، وهاهما الآن تتوحدان في أمر معاداة حكومة الثورة، والكيد للثورة والشعب !! بل كان من الطبيعي المعتاد في السابق أنهما تكونان في مدافعةٍ مستمرة، وفي عداءٍ ومجالدة، لم يخسر فيها الكيزان إلا قليلاً جداً، وكان الشيوعيون في الغالب هم الأخسرين !

• وإذا كنا نجُد للكيزان ‹بعضَ› عذر في ضلالهم وطشاشهم وشوشرتهم وتخريبهم وتلبيسهم للناس، وعدائهم للثورة، وللحكومة، وللسودان، فلأنهم كانوا أهلَ مُلكٍ، وإفتراء، وسطوةٍ، وسلطان لم يحافظوا عليها كالرجال، فجاءت ثورة ديسمبر الشبابية المباركة وأقتلعتهم من جذورهم، وأستأصلت شأفتهم، إلا من بعض ‹فرفرةٍ› هنا وهناك..
لقد فعلت بهم الثورة بالضبط ما فعل هولاكو التتري بآخر ملوك العباسيين في بغداد، عندما لم يحافظ على مُلكِه كالرجال، إذ قيل إنه ‹كَمْسَدَهُ› في شوَّال، وربط عليه الشوال، وقذف به إلى قاع نهر دجلة، فجعل ‹يفرفر› ويرفس داخل الشوال، وهو يتحدّر إلى قاع النهر.. تماماً مثلما يفرفر الكيزان الآن داخل شوال العزل والضلال وهم يتحدَّرون إلى القاع !!
أقول إذا كنا نتفهم العداوة والبغضاء من فئة الطشاش الأولى، وهم الكيزان، فما بالُ الشيوعيين ؟! حيث لا أحد ينكر أن الشيوعيين كانوا قد لاقوا على أيدي الكيزان أشد العذاب والإضطهاد، ولقد كانوا من حُداة المقاومة والمعارضة لفئة الإنقاذ المتجبرة، ولقد لاقوا منهم ما لاقوا، ودفعوا من حرياتهم وحيَواتهم ما دفعوا، فما الذي يدفعهم إلى مشاركة ألدّ خصومهم قاع السقوط السحيق هذا ودرب ‹الطشاش والوَدار› ؟!

• أنا أعتقد أنَّ من فضلِ الله على الناس، وعلى كل ذي بصيرة، ومن أنواره المجانية الكاشفة لنا، وللناس جميعاً بعد الثورة، وقبلها بكثير، أنه كلما أشتكل على الناس شئٌ في أمر الوطن، أو في أمرِ الدين، أن ينظر الناس إلى أين يقف الكيزان ثم يقفون بكل ثقة في الجهة المضادة المقابلة، فكيف فات على الشيوعيين أن يرَوا الحقيقة بهذه البساطة وبهذه الأنوار المجانية الساطعة ؟!

• لقد نشأت حركة الإخوان المسلمين بالأساس ترياقاً للتأثير الشيوعي الذي كان آخذاً في التمدد على البلدان العربية والإسلامية وبلغ أوجه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ثم أصبحت كلُّ جماعةٍ تناسلت من حركة الإخوان المسلمين، بعد ذلك، تحمل معها جينات العداء للشيوعية، وتتبنى ذات وسائل المدافعة والخصومة للشيوعية !!

• إنَّ من بركات ثورة ديسمبر المباركة أنها جمعت بين الأضداد في صالح الثورة وفي عداوتها كذلك، والآن كادت أن تتوحَّد رؤية الشعب للفئتين المذكورتين الطاشتين ليراهما بمنظارٍ واحد، وتزول عن ناظره كل غشاوةٍ وغبش كانت تلبِّس عليه صحيح الرؤية في الزمن السابق..وربما لن يمضي وقت طويل حتى يتحقق في الفئتين منطوق الآية الكريمة:

(لِيَمِيزَ اللَّه الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا..)

ولله في خلقِه شؤون !!

•••

التعليقات مغلقة.