الصراعات حول مقاعد المجلس التشريعي

الصراعات حول مقاعد المجلس التشريعي
  • 21 يوليو 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

هنالك صراعات رهيبة تدور في الخفاء حول تشكيل المجلس التشريعي، الذي سيكون الضابط الرئيسي لإيقاع الحكومة الانتقالية، والباب الذي تعبر من خلاله القوانين والقرارات في صيغتها النهائية قبل أن تصبح نافذة.

يفترض في المجلس التشريعي ان يمثل جميع فئات الشعب، لهذا فإن انتخابات المجلس التشريعي تكون جغرافية في حال تم تشكيله بالانتخاب، وفي حال التعيين يجب أن يراعى ايضا تمثيل جميع المناطق الجغرافية في السودان، وجميع الفئات السياسية والمهنية والمجتمعية، لذلك تبدو المسألة شاقة وليست بتلك البساطة التي قد يتوقعها البعض.

قوى الحرية والتغيير تملك النصيب الأكبر من مقاعد المجلس التشريعي، ثم تجيء بعدها الجبهة الثورية ثم المجلس العسكري، رغم ان هذه القوى تتشارك الحكم، الا ان بينها اختلافات عديدة، بل ان قوى الحرية والتغيير تعاني من خلافات عديدة داخلها، والحال كذلك في الجبهة الثورية كما ظهر في بيان مناوي الرافض لوحدة الجبهة الثورية وحزب الأمة والمجلس المركزي، ولا يمكن استبعاد وجود الخلاف بين الجيش والدعم السريع، وخاصة بعد تصريحات رئيس مجلس الوزراء حولها في تنوير مبادرته، لذلك يبدو ومن الوهلة الأولى ان حتى الذين يفترض فيهم التناغم والتوافق في أمر تعيين المجلس التشريعي بينهم مسافات عديدة من الاختلافات التي قد تعرقل تشكيل المجلس أو تؤدي إلى تشكيله بتركيبة مفككة لا يجمع بينها رابط.

توجد قوى أخرى متعددة خارج هذه القوى، تريد أن تكون جزءا من المجلس التشريعي، وعلى رأسها لجان المقاومة، تخضع لجان المقاومة الآن لضغوط متعددة من داخل اللجان ومن خارجها، فهناك لجان تسيطر عليها كوادر مسيسة، وتديرها لمصلحة اجندة احزابها السياسية بدون وعي بقية الجماهير، وهناك لجان مستقلة تتعرض لضغوط من كل الاتجاهات.

هنالك الحزب الشيوعي الذي فارق قحت وانتمى للشارع، سيصارع الحزب العجوز من أجل الفوز بمقاعد عديدة في المجلس التشريعي حتى تكون لمعارضته قوة حقيقية، ويعلم الحزب الشيوعي أن شركاء الأمس لن يسمحوا له بالسيطرة على مقاعد عديدة تقوده إلى أن يكون بعبعا للحكومة داخل المجلس التشريعي، لذلك سيعمل على استخدام اذرعه في لجان المقاومة وفي المنظمات المطلبية وتجمع المهنيين وغيرها لتسريب عناصره للمجلس التشريعي.

هنالك الجماعات الإسلامية مثل أنصار السنة وأحزاب وتجمعات الإسلاميين ومنابرهم المتعددة وهؤلاء سيعملون جاهدين على الدخول في المجلس التشريعي وقد يجدون مقاعدا من حصة المجلس العسكري.

هنالك منظمة اسر شهداء ثورة ديسمبر ومنظمة جرحى ومصابي ثورة ديسمبر وهما الاثنان سيمثلان بلا شك في المجلس التشريعي، وغالبا سيكون ذلك عبر حصة قوى الحرية والتغيير.

الحزب الاتحادي الديمقراطي الاصل بقيادة الميرغني وحزب المؤتمر الشعبي، هما بنص الوثيقة الدستورية لا يمكنهما المشاركة في المجلس التشريعي لانهما ظلا مع المؤتمر الوطني في الحكم حتى سقط، ولكن هل سيلتزما بذلك ام سيسعيان بكل قوة إلى تسريب عناصرهما إلى المجلس التشريعي؟!

هنالك اللجنة الفنية للقوى السياسية التي تضم أجساما لا توجد ضمن المجلس المركزي للحرية والتغيير، وهذه ستطالب بحقها في المجلس التشريعي، وهو ما سيكون غير معروف كيف سيتم توفيره.

الولايات المختلفة لابد أن تسمي ممثليها داخل البرلمان، فلا قيمة للمجلس اذا لم يحتوي تمثيلا حقيقيا لجميع مناطق السودان الجغرافية، كيف سيتم اختيار هؤلاء؟ ومن مقاعد من؟ من قحت ام المجلس العسكري ام الجبهة الثورية؟ هذا سيكون بكل تأكيد محل نقاش بين الأطراف الثلاثة.

هنالك المهنيين من محامين وأطباء واعلاميين والخ سيطالبون بمقاعد في المجلس التشريعي، كيف سيتم توفير هذه المقاعد والاختيار لها؟ هذا يتطلب نقاشا وتوافقا دقيقا مع الأجسام المهنية واللجان التسييرية والجمعيات العمومية.

وبعد كل ذلك لا يجب أن ننسى أن الوثيقة الدستورية نصت على أن لا يقل عدد النساء في المجلس التشريعي عن ٤٠% وهو ما يعتبر تحدي أمام الجميع، فهل سيتم انجازه؟

التحديات كبيرة امام تكوين المجلس التشريعي، وأكبرها الصراع السياسي بين شركاء الحكومة والمعارضين، ولكن منذ متى كانت السياسة سهلة وميسرة؟! بل هي أصعب لعبة يعيشها الإنسان على الإطلاق.

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.