زوِّجوا هؤلاء الشباب العطالة كما يفعل باكستانيو أمريكا !!

زوِّجوا هؤلاء الشباب العطالة كما يفعل باكستانيو أمريكا !!
  • 29 يوليو 2021
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمدزين

• قبل مدة كنتُ (أتونَّس) مع بعض شباب أهلِنا إسفيرياً، وكان أغلبهم قد تخرج في الجامعات، وبعضُهم يعمل في غير مجاله، أو في أعمال هامشية، وكثيرون منهم لا يعملون بالمرة !!

• (تونَّسنا) في أمور كثيرة عن حال البلد، والإقتصاد والثقافة والسياسة، ووجدتهم جميعهم يناقشون بمعرفة، ويشاركون بإحاطة، ويفتون في كل شئ، ولهم آراؤهم في كل شئ..

• لاحظتُ كذلك أن هؤلاء الشباب ليس بينهم متزوج واحد، وربما لا أحد منهم يفكر في الزواج تماماً، والسبب معروف طبعاً، فبالرغم من إنهم (جاهزون) جميعاً، وتماماً للزواج، والليلة قبل بكرة، ولكن، كيف وهم لا شغل ولا مشغلة، ولا إمكانيات لهم، ولا بيوت يأوون إليها، لأنهم إما أنهم ما يزالون يسكنون مع أهاليهم، أو مع أصدقائهم العزابة، وهم لا يملكون في هذه الحياة ولا أقل من قطمير، فكيف يتزوج المفلسون العطالة التائهون!!..
قالوا لي إنهم (جاهزون في رقبتهم دي تبب للزواج).. موية ونور، ولو الواحد منهم ضرب الحيطة دي يهِدَّها، ولكن لا يملكون غير هذه الجهوزية شيئاً، فمَن البنت التي ستقبل بهم، أو يقبل بهم من أهلها أزواجاً) !!

مما لاحظتُ كذلك، أن هذا كووووولو ليس أكبر المشاكل الآن، وإنما المشكلة الحقيقية بالنسبة لهم هي أنه لا يوجد أي بصيص ضوء في آخر النفق.. فبلادنا ما تزالُ (تكابس) من إجل توفير الكهرباء والماء والدواء والبنزين والطعام لشعبها، يعني لم تزل تكافح من أجل توفير ضروريات الحياة، وليس في بالها أبداً أي شبهة تفكير حتى من أجل فتح أبواب الأمل للشباب..فماذا يفعل هؤلاء الشباب ؟! وماذا أمامهم غير الإحباط، وفقدان الأمل، والعزوبية المتطاولة التي ليس لها نهاية قريبة !!!

• على زماننا كنا لا نجرؤ على مجرد التفكير في الزواج بعد التخرج إلا بعدما نكون قد ساعدنا في تحسين مستوى معيشة الأسرة من تصليح البيت أو بنائه من جديد، والمساهمة في تعليم إخوانك الصغار، وتزويج أخواتك، ثم بعد ذلك تلتفت إلى تزويج نفسك، إذا بقيَ فيك (حيل) للزواج..
أما هؤلاء الشباب (العطالة الجاهزون) فهم لا يستطيعون الآن، في ظروف البلد الحالية، لا تصليح بيت الأسرة، ولا المساهمة في تعليم إخوانهم الصغار، ولا المساعدة في تغطية تزويج أخواتهم، ولا شئ من ذلك، ولكنهم يستطيعون أن (يتزوجوا) بكل همة ونشاط وكفاءة، غير أنهم لا يستطيعون مجرد الجهر بهذا التفكير، لأنهم، إن جهروا، فسيبادر أهلُهم إلى تربيطهم بالحبال !!!

• لماذا لا يتاح -إذن- لهؤلاء الشباب (التزاوُج) ما دام هذا هو الشيء الوحيد الذي يستطيعون إنجازه بكفاءة ؟!

• طبعاً هذه الفكرة لأول وهلة، وفي ظاهرها، تبدو (عوجاء ومجوبكة وطائشة) إذ كيف يفكر عاقل في تزويج عاطل؟! ولكن الفكرة في حقيقتها وجيهة جداً، وعملية وعاقلة بالنسبة للبنات والأولاد..

• كان أهلُنا في الريف الكردفاني على الأقل، أكثر منا تحضراً، وفهماً للحياة ومغزاها، وكانوا لا يتوقفون كثيراً في مسألة توفير المال والبيت وخلافهما لتزويج البنات والأولاد ممن بلغوا سن التزويج..كانوا يزوجونهم فوراً بما تيسر، وأحياناً كثيرة لا يتيسر شيء، وكانوا فقط عند عجمِ عودِ العريس (يقولون إن هذا الولد باطش وأخشن، ولا يهاب العمل، وسيمسك بيتو إن شاء الله، وربنا حيوفقو) فيتم عقد نكاحه، ويتمون له الزواج (بالدُّخلة) ويقول هو لأم زوجتو عايزك يا عمتي (تديِّنِيني بنتك دي..دين الله والرسول).. يعني يستدين منها بنتها، والتي هي زوجته، فيدخل بها إلى حين ميسرة، فتوفِّر له أم زوجته بيتاً صغيراً أو ‹قطية› في حوشها، وتظل البنت مع أهلها وإخوانها في بيت أبيها تأكل وتشرب وتُكسَى معهم وكأن شيئاً لم يتغير سوى أنها تأوي ليلاً إلى زوجها في قطيتها المُلحقة بالحوش، ويخرج الشاب يبطش بالنهار، ويعود بالليل إلى (ست بيته) إذا شاء، فيتعشى في (الضرا) مع أهل الحلة، ثم يدخل إلى بيته المخصص ويخرج الصباح مجدداً باطشاً من أجل الرزق، وهكذا إلى أن يوفقه الله، ويسدد ما عليه من دَيْن على ظهره من بقية المهر ومطلوبات أم زوجته، ثم (يقطع رحط) زوجته، ويأخذها إلى حوش أهله، أو يبني لها بيتاً متكاملاً في جوار أهلها إذا شاء..المهم في هذه (المقاصَّة) أنه (إستدان) زوجته (وسكن) إليها، وسكنت إليه، وتحصَّنا من شرِّ العزوبة (وعُرامِها)، ومن سوء أسقامها، وأفضى بعضهما إلى بعض، ولم تتوقف الحياة أبداً بسبب البيت، أو المهر، أو تكاليف الزواج !!!

• هذه الفكرة الرائعة يطبقها الآن بالضبط، وبنجاح في أمريكا، أهلُنا الباكستان مع أبنائهم وبناتهم، خصوصاً طلاب الجامعات، وكنتُ كتبتُ عنها سابقاً، ولقد طبقها بعضُ السودانة في المهاجر مع أولادنا وبناتنا، وهم على إستعداد لتطبيقها المستمر، ولقد وجدوا فيها راحةَ ذهنٍ وإطمئناناً عجيبين على أولادهم وبناتهم لا يمكن وصفهما !!

• لماذا لا يطبق أهلنا في السودان على أولادنا وبناتنا هذه الفكرة الرائعة؟!

زوِّجوهم وليستمر آباء البنات والأولاد في الصرف على أولادهم وبناتهم كأن شيئاً لم يتغير، لحدي ما ربنا يفرجها عليهم ويشتغلون وينهضون بمسؤولياتهم، بدلاً من أن (يتزاوجوا) دون علمكم ؟!..
الشرط الوحيد الذي يمكن أن تشترطوه على هؤلاء الشباب هو أن يؤجًِلوا الإنجاب لحدي ما يعملوا ليهم بيوت، ويسددوا الديون التي عليهم (ويقطعوا رُحاطة) زوجاتهم !!

إذا فعلتموها فسوف لن تخسروا شيئاً، بل ستربحون أولادكم وبناتكم، وإستقرارهم، وإحساسهم بالمسؤولية، وكذلك تحمسونهم للعمل الجاد لإجتراح حلول (باطشة) لأوضاعهم الإقتصادية، وللإستقرار بسرعة في بيوتهم المستقلة !!

إيه رأيكم ؟!

التعليقات مغلقة.