الفرق بين متاريس الثوار ومتاريس ترك

الفرق بين متاريس الثوار ومتاريس ترك
  • 19 سبتمبر 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

يقارن البعض بين إغلاق الثوار للطرق بالمتاريس ايام حكم المخلوع وبعد فض الاعتصام، وبين إغلاق ترك ومجموعته للطرق القومية، وهي مقارنة باطلة، فالثوار كانوا يغلقون الطرق بالمتاريس لمنع دخول الأمنجية والرباطة الذين لا يتورعون عن إطلاق الرصاص وحصد الرؤوس ودهس الثوار بالعربات واعتقالهم وتعذيبهم. بينما لا يواجه ترك اي شيء من ذلك، لا يواجه رصاص ولا يعتقله أمن ولا تدهس جماعته سيارات شرطة.

يتحدث البعض كذلك عن سيناريو لتمدد الفتنة، يقولون كما خروج ترك واهل الشرق، سيخرج أهل الشمالية وأهل الوسط، ويعتبرون أن هذا دليلا على فشل الحكومة الانتقالية وضعفها وخوارها، مع أن العكس هو الصحيح، فخروج الناس آمنين مطمئنين للشوارع للمطالبة بحقوقهم وهم يعلمون أن العسكر والامن لن يطلقوا عليهم النار او يعتقلونهم كما كان يحدث في عهد المخلوع، هو دليل على قيمة التغيير الذي حدث بعد ثورة ديسمبر، ودليل على أن أهم ما عند حكومة الثورة هو روح المواطن وحياته. 

ولكي نوضح هذا الفرق أكثر بين حكومة المخلوع وحكومة الثورة نورد هذه الأحداث:

في ٢٩/يناير/٢٠٠٥ في (الشرق )، خرج مواطنو بورتسودان وجماهير مؤتمر البجا في مسيرة مطالب سلمية، فتصدت لهم قوات الأمن الكيزانية وقتلت منهم أكثر من ٢٠ مواطن وجرحت العشرات، ولم يحاسب القتلة حتى اليوم.

في ١٣/يوليو/٢٠٠٧ في (الشمالية) خرج مواطنو مناطق كدنتكار في المحس في مسيرة سلمية رافضة لقيام سد كجبار، فتصدت لهم قوات الأمن الكيزانية وقتلت منهم أكثر من أربعة مواطنين وجرح اخرين، ولم يحاكم القتلة حتى اليوم.

في ٢٨/يوليو/٢٠٠٨ في (وسط السودان)، خرج مواطنو عدد من القرى حول منطقة الاعوج في مسيرة مطالب سلمية خاصة بمشروع سكر النيل الابيض، فتصدت لهم الشرطة بالرصاص وقتلت منهم ٤ مواطنين وجرح أكثر من ثلاثين مواطن، ولم يحاكم القتلة حتى اليوم.

في عهد المخلوع كانت احتجاجات المواطنين السلمية تواجه بالرصاص والقتل والدماء، وهذا ما لا يحدث في عهد حكومة الثورة، حيث يستطيع المواطنون ان يخرجوا للشوارع في أمن وسلام، وهذا هو الفرق الجوهري الذي حدث في السودان بعد ثورة ديسمبر، وهو تغيير يجب المحافظة عليه من الجميع وعدم أهداره او الشك فيه.

البلاد مازالت في وضع انتقالي، والناس لم يتعلموا بعد ثقافة الاحتجاج الحضاري، مازالوا يعتقدون بأنهم في غابة الإنقاذ، حيث تقتلع الحقوق بالقوة والزندية وحشد القبائل والعشائر وتعبئتهم بالخطابات الجهوية. لذلك كل هذا الضباب والفتن إنما هو مخاض طبيعي وعقبات لابد من المرور بها من أجل اكتمال الانتقال من دولة الشمولية إلى دولة الحرية والديمقراطية المستدامة. 


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.