هل تنجح محاولة إعادة المؤتمر الوطني للسلطة ليكون طوق نجاة للمجلس العسكري

هل تنجح محاولة إعادة المؤتمر الوطني للسلطة ليكون طوق نجاة للمجلس العسكري
  • 13 يوليو 2022
  • لا توجد تعليقات

عزالدين الجعلي…الرياض

قالها نائبه حميدتي صراحة وعلى الملأ: “سالي لينا سكاكينك وعايزيننا نمشي السكنات والله ما بنمشي” …
هذا رفيق درب البرهان .. ومن حديثه هذا وصلت الرسالة… إذن لمن يسلمان السلطة .. إما أن تبقى السلطة في يديهما وعسكرية وإما أن تذهب لمن يعطيهما الأمان من الأحزاب المدنية ولهذا فالحزب الذي يناسبهما يعرفه الشعب السوداني مثل جوع بطنه … إنه المؤتمر الوطني الذي باعتراف رئيسه البشير أنهم مارسوا القتل بما لم يكن في الحسبان من الشعب السوداني.. ومن هنا تتضح هوية من يسلمانه السلطة .. لابد أن يكون قاتلاً مثلهم لتتساوى الكفتان ويبدو أن الأمور تسير لتنفيذ الخطة المحكمة…
فالمجلس العسكري هم عسكريون بزيهم وينتمون إلى الجيش الذي تم تدجين الكثير من ضباطه ليكونوا قوة مساندة لحزب المؤتمر الوطني وبالتالي أصبحوا هم جزءاً أصيلاً وفعالاً في النظام البائد وحزبه ويتضح تماهيهم مع النظام السابق الذي أزالته ثورة ديسمبر المجيدة في كثير من المؤشرات والتعامل الواضح غير المنسجم مع المكون المدني حاضن الثورة (مثل فض الاعتصام وانقلاب البرهان في أكتوبر ليسد الطريق أمام استلام المدنيين للسلطة) بل كان المجلس العسكري عامل تشاكس وعراقيل مع المكون المدني طيلة مراحل الثورة المختلفة فهل يمكن أن يكون البرهان والمجلس العسكري وسيلة لإعادة سلطة حكم البلاد لحزب المؤتمر الوطني وهو الحاضن القديم الدافىء لهم بوجوه جديدة كانت تغرد بعيدا في كواليس الحزب بادعاء أن القوى السياسية لم تتفق ولم تتوحد أو بإجراء انتخابات مستعجلة في هذا الجو السياسي المضطرب وتؤول بها السلطة لحزب المؤتمر الوطني راجعين إلى المربع الأول المثقوب خاصة أن البرهان صرح مرة للتمويه كعادة الجماعة في التكتيك السياسي أنه لا يسمح لأي حزب أن يجعل الجيش مطية للوصول للسلطة ولكنه فعليا وعلى الواقع كان العمل جارياً وفي تواصل مستمر من قبل المجلس العسكري على إفساح المجال لرئة الحزب بالتنفس وإعادة الروح لها وكان يسير في تحقيق ذلك بخطوات مرتبة وبطرق شتى بدءاً بمحاولات الفريق عمر زين العابدين في بدايات عمر المجلس العسكري في مجلس السيادة حيث كان يصرح علاناً بضرورة بقاء مليشيات الدفاع الشعبي وجهاز أمن البشير وبعض واجهات الحزب ليظل الحزب باقياً في الساحة السياسية إلى أن يأتي الوقت المناسب ليعود إلى السلطة مرة أخرى ولكن تم إبعاده حين اتضح لهم عدم قبول الشارع لما يقول وتم تجديد التكتيك الذي يبقي المؤتمر الوطني فعالاً في الساحة السياسية بطرق أخرى مثل مساندة اعتصام القصر وجماعة الحرية والتغيير التوافق الوطني لشق المدنيين وإضعافهم وأعطى المجلس العسكري والبرهان بشارة الأمان والاطمئنان بإلغاء وإيقاف لجنة التمكين المفككة لنظام الإنقاذ وتم اعتقال أعضائها وأعاد لمنسوبي المؤتمر الوطني ممتلكاتهم التي وضعت اللجنة يدها عليها وبعض الواجهات التي كانوا يعملون من خلالها وتم إخراج بعض زعاماتهم من الاعتقال وبدأ حزب المؤتمر الوطني يخرج للعلن دون ضابط ورابط من حكومة البرهان بتصريحات بعض مسؤوليه وعقد المؤتمرات والاجتماعات في داره ولعل عدم إشارة البرهان في خطاب انقلابه الأخير قبل عيد الاضحى حين أعلن عدم اشتراك الجيش في الحوار مع اللجنة الثلاثية وعلى كل الأحزاب أن تتفق على تكوين حكومة مدنية ولم يستثنِ حزب المؤتمر الوطني المحلول في مضمون إعلانه رغم علمه الأكيد بحله بقرار الثورة وهذا يشير إلى ضبابية واضحة أو نية مبيتة لمحاولة إعادة هذا الحزب إلى السلطة مرة أخرى لأنه يمثل حصان طروادة والحصن الأمين والسند الكبير للمجلس العسكري والذي سيخلصه من الإدانة والمحاكمة التي تنتظره بسبب جريمة فض الاعتصام وقتل المتظاهرين ووضع العراقيل والصعوبات في طريق تحقيق أهداف الثورة ومدنية الدولة..
ولا شك أن عودة حزب المؤتمر الوطني إلى السلطة ستكون برداً وسلاماً على المجلس العسكري بعكس الأحزاب الأخرى التي تنادي بمحاكمتهم لأن المؤتمر الوطني سيدافع عنهم بتحكمه في السلطة كما فعل من قبل مع البشير بل سوف لن يسمح لمواجهتهم لأي محاكمة جزاءً لما قدموا له من تضحيات جسام بإفشال تحقيق أهداف الثورة التي أزالت حزب المؤتمر الوطني من السلطة.
وبتسليمهم السلطة لحزب المؤتمر الوطني ينتقل الوطن من حالة ثورة أبهرت العالم بسعيها إلى مدنية الدولة والقضاء على دولة حكم الحزب الواحد إلى حالة نكسة وتراجع إلى مربع العزلة والانكفاء عن العالم…
…………………..

التعليقات مغلقة.