إلى حُماة المعادن السودانية.. هل ذهب الحمار بما حمل!

إلى حُماة المعادن السودانية.. هل ذهب الحمار بما حمل!
  • 21 أغسطس 2022
  • لا توجد تعليقات

د. مرتضى الغالي

نحن نتحدث هنا عن سرقة الذهب وتقرير (السي ان ان).. لكن أن يكذب اخونجي أو انقلابي أو جبهجي أو إنقاذي أو مؤتمرجي أو فلولي فذلك من طبيعة الأشياء التي لا يرتفع لها حاجب من الدهشة,, وإنما يحدث العجب والتعجّب عندما يصدق أي من هؤلاء..وهم في هذا سواء.. من اكبر لحية مصبوغة إلى اصغر مطعون ذمة..!!
لا ينسى الناس أن (بروفيسوراً) من قادتهم كان ينبغي أن يكون في مقام المُعلم التربوي القدوة وقد كتب هو في (ويكيبيديا) أو كتبوا عنه من باب السيرة الذاتية انه (فيلسوف) درس الرياضيات والفلسفة والعلوم السياسية…وكان أن فزع إليه الصحفيون في واقعة دموية في احد أيام الإنقاذ الكالحة يسألونه التعليق على تهجم طلاب جماعته الاخونجية على إخوتهم طلاب الجامعة الأهلية وسفك دمائهم..فكان رد هذا الفيلسوف التربوي القدوة الذي يلقي الدروس على طلابه في جامعة الخرطوم حكمة بليغة حيث قال لهم وكأنه يبتسم: (الحشاش يملا شبكتو)..!!
وفي ذات السياق حول الكذب يذكر الناس إن أخبار المدينة تداولت كيف أن احدهم وهو أيضاً بروفيسور من قادة الجماعة الإنقاذية (حارسة الشرع والفضيلة) أو هو البروفيسور السابق نفسه..سجل ما ينيف على 80 مليون دولار في الحساب المصرفي لابنه الشاب..وعندما وقعت الواقعة قال في (كذبة مالية مدوية) إن هذا المال ليس لإبنه بل هو مال التنظيم..! (يقصد تنظيم حركتهم الإسلامية)..! كيف يا شيخنا يكتب التنظيم أموالاً بهذه الضخامة باسم فتى..؟! ولماذا المداراة في نسبة الأموال إلى أصحابها..؟! هذه قصة طويلة مأساوية في كل جوانبها..وإنما ذكرناها في سياق أن هذه الجماعة بداية من اكبر قياداتها تمارس (فضيلة الكذب)…وهذا أيضا ليس هو عين موضوعنا فلنعد إليه.. ولكن الشيء بالشيء يذكر وقد أردنا أن نؤكد عدم أخذ أي حديث أو وعد أو عهد من هؤلاء القوم على محمل الصدق..!
نقول إن الإنقاذي يمكن أن يكذب على الناس وعلى المحكمة وعلى أسرته وعلى زملائه في التنظيم وعلى الآخرين (بل على نفسه) ولكننا لا نتوقع الكذب من وزارات السودان ومؤسساته العامة باعتبار إنها هيئات ذات (شخصية اعتبارية) لها أحكامها ولوائحها وقانونها ونُظمها ومنظومتها ووظائفها..ويعمل فيها مواطنون لا يجمعهم حزب أو فئة أو عشيرة أو جهة..إنما هم سودانيون تجمع بينهم المهنة والوظيفة وقوانين العمل..وقد استخلفهم الشعب نيابة عنه في هذه المواقع وفق لوائح ومطلوبات الخدمة العامة لتسيير دولاب العمل في مواقعهم وأداء مهامهم بالنزاهة والايفاء بمنطوق التعاقد..!!
لقد نقلت الصحف والمواقع الإعلامية عن بيان صدر من وزارة المعادن السودانية أنها (ستشرع باتخاذ الإجراءات القانونية ضد قناة سي ان ان) لأن تقريرها الخاص بتهريب مئات من أطنان ذهب السودان إلى روسيا بقيمة مليارات الدولارات بالتواطؤ مع قادة رفيعي المستوى في السلطة.. ويقول بيان الوزارة إن تقرير القناة (تضّمن معلومات مغلوطة وبعيدة عن المهنية والأمانة الإعلامية وأثار الكثير من اللغط والبلبلة والتضليل للرأي العام)..! ثم يقول البيان (خصوصاً وان القناة لم تتخذ الإجراءات المُتبعة في الدخول إلى مناطق التعدين بإذن مسبق)..! يا سلام..وهل كنتم ستأذنون لها..؟! (يا للشفافية الوردية)..!!
هذه الحجة الأخيرة هي التي تثير الشكوك…رغم اختلاف الأحوال بين حصول الإعلام على المعلومات وفق قوانينه وبين الشكوى من عدم شرعية الدخول والخروج إلى بلد ما…! نعم قد تنجم عن ذلك بعض الإشكالات القانونية..لكن القضية المركزية هي: هل حدث سرقة الذهب أم لا..؟! ثم بعدها نأتي إلى حكاية الذي تسلل إلى مكان لا يملك إذنا لدخوله..!! تبحث عن حمارك الذي سُرق فتعثر عليه في حوش جارك.. فيقول لك الجار: مَنْ الذي أذن لك بدخول داري..؟؟ وجارك معه حق في هذا…إلا انه حرامي..!!
لا نريد أن نتحدث عما حواه بيان وزارة المعادن السودانية من معلومات متداخلة تمسك الأذن اليمني باليد اليسرى من وراء الظهر.. وتتجول بالناس عبر (لفة الكلاكلة)..! ولكن نقول من الذي اصدر هذا البيان باسم الوزارة..؟ هل هي الوزارة..؟ هل هو الوزير؟ أو الوكيل؟ أم قيادة الوزارة العليا أم مجلسها الاستشاري ومستشارها القانوني؟ أم هو مكتب علاقاتها العامة…؟! هل هذا هو رأي جيولوجيي الوزارة وخبرائها ومعدنيها..؟! أم هو رأى الحكومة مجتمعة..؟!.. ولكن أهم من كل ذلك أن تقرير السي ان ان فيه اتهامات غليظة ضد المسؤولين في الدولة والقائمين على أمر المعادن في السودان..وإقرار بيان الوزارة بوجود تهريب للذهب ليس كافياً..والسؤال هو: هل شرعت الوزارة في مقاضاة القناة..؟! وهل الوزارة جادة في حديثها عن المقاضاة لتدرأ هذه الاتهامات الفظيعة ..؟! ثم ما هو دور وزارة العدل ومدعيها العام..؟! ألا يهمه ما أعلنته وزارة المعادن…؟! كما نريد أيضاً أن نعرف رأى العاملين في هذه الوزارة وهم ركن ركين من شخصيتها الاعتبارية…؟!
نحن في انتظار المقاضاة وإلا فلكل سوداني صاحب حق في موارد بلاده لا تثريب عليه أن يعتقد أن جسماً قومياً يريد أن يحمي ناهبي ثروات الوطن العامة (عينك عينك)…! الله لا كسب الانقاذ والانقلاب واللصوص..والصامتين عن الحق..!

murtadamore@yahoo.com

التعليقات مغلقة.