الرسالة

الرسالة
  • 05 سبتمبر 2022
  • لا توجد تعليقات

عبدالباسط شاطرابي

دلقوا الماء الصاعق على وجه الدولة، فعساها أن تستيقظ من غفوتها التي طالت. أولئك هم الشباب المتعلم من خريجي الجامعات الذين فتحوا محلاً لبيع الشاي بالحليب والزلابية في عطبرة بشعارهم المتحسر على تبخر سنوات تحصيلهم العلمي.
(خسارة قرايتي) .. هذا الشعار لا يفتح جرحاً واحداً .
هو يمد لسانه بحسرة إلى حفلات التخريج من الجامعات التي تزف الخريجين إلى الشارع والبطالة والضياع.
وهو يوجه سهما لكبد المستقبل الذي كان ينتظر أن يبنيه الخريجون.
كما يرسل رسالة لطلب الصفح من الآباء والأمهات الذين بذلوا الغالي والنفيس لأجل مستقبل أفضل لفلذات الأكباد.
ثم، أخيراً، هو إدانة لمن سبقوا في مراكز القرار، حين قاموا بتغييب التخطيط المبني على الإحصاء، فزجوا بالأبناء في أتون المجهول، وتفننوا في فتح جامعات لا تحتل سوى ذيل القائمة بين جامعات العالم، وتركوا الخريجين ليحفروا الصخر لاحقاً دون تصور استباقي لما يمكن أن يستوعب طاقاتهم.
هؤلاء الشباب عبّروا بعمل “دامع” عن خيبة وحسرة بلا شواطئ .. خيبة وحسرة على ما مضى، وخيبة وحسرة على الحاضر، وخيبة وحسرة على المقبل من الأيام !
مخجل أن نرى بلادا في القرن الحادي والعشرين بلا صرف صحي، وبلا شوارع تليق بنقل بني آدم، وبلا مطارات تحفظ ماء الوجه، وبلا جهد من الدولة لاستزراع مائتي مليون فدان صالحة للزراعة.
المخجل أكثر أن تكون بلادنا معولا يهدم الإنسان ومستقبله، ويهدر الطاقات والإمكانيات، ويلهث خريجوها خلف وظائف لم يضيعوا سنوات تحصيلهم لتكون هي وظائفهم!

ما فات مات، دعونا نعرف الآن كم يبلغ عددنا في السودان، وكم معدل تكاثرنا السنوي، وكم سنحتاج من مدرسة لمواليد هذا العام بعد ست سنوات.
دعونا نعرف كم من الأفواه ستحتاج اللقمة بعد عشر سنوات، والمنافذ التي نبدأ في تنفيذها من الآن لنستطيع بها توفير ما تحتاجه تلك الأفواه.
دعونا نعرف ماذا نريد بالضبط لمستقبلنا، فنوجه تعليمنا من اليوم ليلبي حاجة ذلك المستقبل.
ماء صاعق دلقه أولئك الشباب على وجه الدولة وعلى وجوهنا جميعا.
ومرحبا بالشاي والحليب والزلابية حين تكون رسالة للإفاقة !

التعليقات مغلقة.