فرش الفروة ….. ونسة سودانية

فرش الفروة ….. ونسة سودانية
  • 23 يناير 2023
  • لا توجد تعليقات

د. عبدالرحمن الغالي

(1)
كان مبتدا وكان الخبر
وفي الفروة كان حسن الختام
الشاعر أبو قرون عبد الله أبو قرون
(2)
لم يكن الخليفة استثناءً في فرش الفروة متى ما استنفد الفارس السوداني كل قدرته في صد الأعداء، لكنه كان أشهر من فرش فروته حتى بقي تقليد فرش الفروة خالداً شاخصاً رغم اندثار العادة.
صياغة أبي قرون جميلة، وهو الشاعر الجميل الذي عندما يرٍق- عادةَ السودانيين أمام الحسن_ يكتب للعزيز سيف الجامعة ( شايل هموم الدنيا مالك) ولإبن البادية ( ديباجة) ولحسب الدايم ( البلبل الصداح) ولإبن حيّه وحيّنا ودنوباوي نجم الدين الفاضل قطعة سكر وسلم لعينيك. وعندما تأخذه حماسة السودانيين و (هوشتهم) يكتب أوبريت (عزة وعزة) ومدائح الأنصار التي كوّن لها فرقة أبلت بلاء حسناً ليتها تعود.
(3)
عادة فرش الفروة قديمة مررت عليها في عدة كتابات سودانية وأجنبية. وهي تدل على التصاق الخليفة بتراث أهل السودان. روى لنا الحبيب الراحل عثمان اسماعيل طيب الله ثراه وجعل الجنة مثواه أن خليفة المهدي عليهما السلام سمع أحدهم ينشد في المعركة:
(التّـومة بِت بخيِّـت
البندق تكُتْل الميِّـت)
وسمع آخرين يرفعون أصواتهم بالتهليل،رووا عنه قوله: ( الله كلنا بنْعرفه..سوّوا ليكم غنا زي أخوكم دا ينفعكم).
ففرْشُ الفروة عند الخليفة هو استمرار لذلك التراث السوداني.
(4)
ومن الذين افترشوا الفروة عند استبانة مصيرهم بعد القتال:

  1. المك نمر:
    وذلك حينما قتل اسماعيل باشا وهرب من شندي طارده الملك جاويش باسم الأتراك وأدركه وانتصر عليه في معركة النصوب فترجّل المك نمر عن حصانه وفرش فروته ولكن الملك جاويش عفا عنه وأطلق سراحه ( في تصرف بطولي شهم) فذهب إلى الحبشة وأنشأ دولة ناوشت الأتراك لمدة خمسين عاماً كما ذكر هولت في كتابه ( المهدية في السودان). أما حادثة فرش الفروة فهي في كتاب المؤرخ السوداني محمد عبد الرحيم ( النداء في دفع الافتراء).
  2. الملك جاويش:
    والملك جاويش نفسه فرش فروته وقتل في حربه مع الدناقلة كما ذكر محمد عبد الرحيم في نفس الكتاب ، وهو بالمناسبة من أقيم كتب التاريخ ، زوّدتني به الراحلة طيبة الذكر زينب بدر الدين عليها شآبيب الرحمة، وكانت صديقة لرباح ، أسبغ الله عليها ثياب العافية وحفظها وقوّاها لحفظ تراث أبيها الحبيب ، ذهبنا إليها قبل سفري للسعودية بيوم واحد ولم تكن معها نسخة من الكتاب فأبْكرتْ يوم سفري بالذهاب لدار الوثائق وجاءتني بنسخة من الكتاب جعل الله ذلك في ميزان حسناتها.
  3. المك يوسف ( مك من الشايقية):
    بعثه جيقلر باشا لقتال الشريف أحمد ود طه الشهيد ولكنه هُزم واستحى من الفرار كما روى نعوم شقير في تاريخه ففرش فروته وأمر أحد عبيده بقتله ( كما ذكر شقير وكان الرق في التركية شائعاً).
  4. صالح فضل الله زعيم الكبابيش:
    عندما تمرد على المهدية أرسل خليفة المهدي قوة بقيادة محمد ود نوباوي ومعه عربان المعاليا والمجانين وأعداد من البقارة على حسب رواية محمد محجوب مالك في كتابه ( المعارضة الداخلية للمهدية) وحاصروه في أم بادر حتى فرش فروته فقتله جريجير ود تمساح.
  5. محمد علي باشا ( من قواد غردون عند حصاره)
    قُتل في واقعة أم ضبان بعد أن ألح على غردون في الخروج لسحق الشيخ العبيد ود بدر رضي الله عنه فأذن له بعد تردد تحت إلحاحه ( حسب نعوم شقير) فوقع في كمين قوات العبيد ود بدر ففرش فروته وقُتل عليها. ونفس الرواية كتبها ونجت في السودان في مدونات ورسائل في مقال له عن حصار وسقوط الخرطوم
    Sudan Notes and Records : The Siege and Fall of Khartum.
  6. وذم أحد جنود حملة غزو دارفور السلطان علي دينار على عدم فرش الفروة وفراره أمام الحملة في 1916 قائلاً:
    وقت ما جيت قالوا فرشت وقاموا جوكا
    العساكر عملوا تفتيش وما لقوكا
    يا الفرّيت وخسّرت اسم أبوك
    ورد هذا في كتاب (فتح دارفور سنة ١٩١٦ م ونبذة من تاريخ سلطانها علي دينار تأليف حسن قنديل)
    (5)
    اللهم وحّد قلوب السودانيين ولا تجعل ما سلف من الآباء والأجداد مفرّقاً بينهم، تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون ولحكمة ما كرّر سبحانه هذه الآية بلفظها مرتين في نفس السورة.
    عبد الرحمن الغالي

التعليقات مغلقة.