الأحزاب والفرصة الأخيرة للحل

الأحزاب والفرصة الأخيرة للحل
  • 16 يوليو 2023
  • لا توجد تعليقات

زين العابدين صالح عبدالرحمن

أن قمة القاهرة استطاعت أن تنقل العقل السوداني عتبة أعلى في عملية التفكير السياسي لإيجاد حل للأزمة، و جاء تصريح الفريق أول شمس الدين الكباشي نائب قائد الجيش السوداني ل (قناة الجزيرة) يقول فيه ” أن التأمر على البلاد كبير و الجيش يقوم بواجبه الدستوري، و أننا ندعم الحوار السياسي الموسع الشامل و المبادرة السعودية الأمريكية متقدمة” و أضاف قائلا ندعم حوارا يفضي لتشكيل حكومة مدنية تقود المرحلة الانتقالية و تهيء لانتخابات” تصريحات الكباشي تنقل الحوار إلي مرحلة متقدمة، تتعلق بقضية البحث عن حل للحرب الدائر على مائدة الحوار السياسي بعد ما تأكدت قيادة الجيش من قرب النصر العسكري.. و يجيء حديث الكباشي من موقف القوة.. حيث مالت كفة الجيش، و بدأت المليشيا تنهار من الضربات، و فقدت قدرتها على المبادرة، و موقف القوة جعل الكباشي يجعل الآخرين يفكرون مع الجيش، و ليس على ما تقوله المليشيا.. و هناك الذين يسيئهم موقف القوة الذي ينطلق منه الجيش، لذلك يبنون أفكارهم على افتراضات خاطئة، و يصلون إلي نتائج خاطئة. أعلن الجيش الحوار الشامل للقوى السياسية، رغم الناطقة الرسمية لوزارة الخارجية الأمريكية قالت أن الولايات المتحدة ترفض تدخل أي قوى خارجية في الشأن السوداني، وقالت إساف أنها تحترم سيادة السودان و رأي الحكومة السودانية. و خروج الجماهير في السودان تنادي جيش واحد شعب واحد. كل هذه العوامل تجعل الجيش ينطلق من أرض صلبة. أما المرجفون في المدينة سيصابوا بفقد البصيرة.رغم قساوة الحرب و الانتهاكات و التشريد لكنها أثبتت أن الجيش يعتبر بوتقة الوحدة الوطنية.
يريد الجيش الآن؛ أن يسمع من الآخرين: صرح خالد عمر يوسف القيادي بحرية و التغيير المركزي المتواجد في نيروبي على تصريح الكباشي، و قد نقلت تصريحه بعض الصحف السودانية قال فيه ” أن تصريح الفريق أول شمس الدين الكباشي يعد خطوة مهمة في اتجاه وقف الحرب و منح فرصة لخيار الحل السلمي التفاوضي” خالد عمر يعلق على تصريح الكباشي و هو متواجد في نيروبي، و التي ذهب إليها مع وفد قحت يريدون الإطمئنان على تنفيذ ما جاء في الخطابين الناريين الذان كانا قد القاهما كل من الرئيس الكيني و رئيس وزراء أثيوبيا في أديس أبابا. ذهبوا لكي يسألوا الرئيس الكيني هل سوف ينفذ ما جاء في الخطابين الكيني و الأثيوبي أم وافقا على مخرجات مؤتمر القاهرة؟ القاهرة التي قضت على أمال الرئيسين. الغريب أن الرئيس الكيني قال لهم سوف تشاركون في الحوار لكن سوف تتوسع المائدة لكي تشمل كل القوى السياسية الأخرى. يعني سقوط فكرة (السلطة) لمصلحة فكرة ( التحول الديمقراطي) و هذه تعد أكبر تحول في العملية السياسية، لأن فكرة ( التحول الديمقراطي) تؤسس على الحوار الشامل الجامع الذي يصل إلي التوافق الوطني. المطلوب تغيير طريقة التفكير هل يستطيعون ذلك أم لا….!؟

في جانب أخر صرح محمد ناجي الأصم أن استمرار و استقرار العملية السياسية في السودان تعتمد على إيجاد حل من خلال أن يكون هناك جيشا واحدا في البلاد. و قال ليس مقبولا أن تلعب مليشيا الدعم السريع أي دور سياسي، هذا القول يحمل جانب كبيرا من المعقولية، أن مليشيا الدعم كونت باعتبارها قوى عسكرية مساعدة للجيش، إلي جانب أن تكون أداة قمع ضد كل الذين يعارضون النظام السياسي. ربما يكون هو يشير للخطوة التي قامت بها المليشيا في تكوين لجنة لإدارة العمل السياسي، بهدف المشاركة في المفاوضات برئاسة يوسف عزت. و لا اعتقد أن قيادة الجيش سوف تتفاوض مع لجنة سياسية، و هي تصر أن مليشيا الدعم جزء من الجيش و تمردت عليه و يجب أن تحسم في مفاوضات عسكرية. رغم أن عددا من الدول في الخارج تسعى لإنقاذ المليشيا، و إعادتها مرة أخرى للمشهد السياسي، و هذا الذي تراهن عليه القيادات التي خرجت تبحث عن الحل خارج السودان، بهدف إعادتها لطاولة التفاوض على ضوء إجراءات ما قبل 15 إبريل، الأمر الذي جعلها تغادر أديس أبابا إلي نيروبي تبحث عن حل يتجاوز مخرجات القاهرة. أن الحل يجب أن يكون داخل السودان و تحضره كل القوى السياسية، و المجتمع الدولي فقط الحضور ليكون شاهدا و ليس له الرأي و القرار حتى لا يميل إلي جانب دون الآخرين.

في جانب أخر أصدر الحزب الشيوعي السوداني بيانا جاء فيه “ان الخط السياسي للقوى المضادة للثورة محليا وإقليميا ودوليا هو تجاوز ثورة ديسمبر المجيدة، لذا فإن الواجب المقدم هو عدم السماح للقوى الدولية والإقليمية وحلفائها في الداخل بالاتفاق على إعادة تشكيل الواقع السوداني وهندسة مستقبل البلاد بما يتوافق مع مصالح هذه القوى وقطع الطريق أمام التغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي المنشود ليحقق تغييرً فوقياً محدوداً يبقي على جهاز الدولة القديم ويعيد السلطة إلى حلفائها” و أضاف قائلا “وتابع إن احتمالات التغيير الجذري الذي تعمل لأجله القوى الثورية في السودان ما زالت تخيف القوى العالمية والاقليمية والمحلية المتكالبة على ثرواته والعاملة على ابقائه غارقاً في حروبه ونزاعاته المصنوعة وآخرها هذه الحرب التي يشكل أهم أهدافها ضرب الثورة وافراغها من مضمونها في التغيير، وتصفية طلائعها وقواها الجماهيرية الحية مما يعني فتح المجال السوداني وإعادته للمشروع الامبريالي وخدمة رأس المال” أن الزملاء أصابوا في الفقرة الأولى عدم السماح للقوى الإقليمية و الدولية أن تتدخل في الشأن السوداني، و يجب على النخب السودانية أن تتعلم كيف تحل مشاكلها داخل السودان دون وساطة خارجية، و تتعلم أن تسمع أراء بعضها البعض، و أيضا يجب أن تعلم أن الدول الخارجية لا تتدخل لمصلحة المختلفين و لكنها تتدخل وفقا لمصالحها، و تميل للذين تعتقد يخدمونها في هذه المصالح.

و الفقرة الثانية من البيان تتضمن رؤية خلافية؛ و التي (تتحدث عن التغيير الجذري و ما يتعلق بهذه الفقرة) تؤكد أن القيادات الاستالينية القابضة على مفاصل الحزب الشيوعي فقدت القدرة على التفريق بين مشروعها السياسي الذي من حقها أن تناضل من أجله و تعرضه في حملتها الانتخابية، و بين الحوار السياسي الذي يجب أن يضع أسس عملية التحول الديمقراطي في البلاد، و الذي يجب ان توافق عليه كل القوى السياسية. يجب الاتفاق على كيفية تأسيس الدولة الديمقراطية التي تتيح التبادل السلمي، و تجعل الجماهير هي التي تختار البرنامج الذي تريد عبر صناديق الاقتراع. إذا كل القوى السياسية و خاصة الأيديولوجية تريد هي أن ترسم طريق التحول الديمقراطي لوحدها، و على الباقين السمع و الطاعة تكون قد عجزت أن تستفيد من التجارب، و حتى تجربة الحرب التي نعيشها الآن، و كادت ان تفقدنا الدولة نفسها. يجب على القوى السياسية أن تبتعد على فرض الشروط و مشاريعها على الأخرين، و السودان هو دولة كل السودانيين و يجب جميعهم أن يشاركوا في تأسيس دولتهم. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

التعليقات مغلقة.