السلام والخطوة الثانية في درب الأمل

السلام والخطوة الثانية في درب الأمل
  • 07 أغسطس 2023
  • لا توجد تعليقات

د. مجدي إسحق

إن الخطوة الثانية و الأخيرة في عملية التغيير وتحقيق السلام تأتي بعد خطوة الإستعداد والإنطلاق والتي تعني إيمان الشعب بمقدرته في التآثير على وتائر الحرب وتحقيق السلام.إن الشعوب في تحقيق هدفها في الوصول لمحطة السلام فإنها أما بأن تسلك في منهج التغيير طريق العنف وذلك بتسليح أنفسها ومواجهة الشرائح المتقاتلة وهزيمتها أو بالطرق السلمية دون أن تعرض نفسها لمخاطر القتل والدمار.
إن إختيار أسلوب السلمية ليس إختيار العاجز الذي يخشى حمل السلاح ولا إختيار الحالم الذي يظن واهما إن الحرب والدمار يمكن إيقافهم وتحقيق عملية السلام بمجرد خروج مسيرات الرفض للحرب أو التعبير عن مشاعر الغضب . إن إختيار طريق السلمية لأن الدراسات العلمية قد أثبت ليس فقط فاعليته بل أثبتت أنه أفضل من منهج العنف لأنه أكثر مقدرة في تحقيق التغيير ونتائجه أكثر ثباتا وإستمرارية على المدى الطويل في أكثر من ضعف التجارب في تاريخنا الحديث.إن إختيار المنهج السلمي ليس بالخيار الأسهل بل هو خيار يحتاج المعرفة التامة بقوانينه و امتلاك الأدوات والوسائل المطلوبة التي تحقق الهدف المنشود.هو الخيار الناجع والعلمي لأن كل الدراسات العلمية التي قامت قد أثبتت انه عملية التغيير السلمي في القرن الماضي حتى في أكثرية الظروف عنفا كانت هي صاحة الباع الأطول والمستقبل الأكثر استقرارا في تحقيق السلام .
أنه عملية التغيير السلمي تستند إلى حقائق أساسيه و هي
أولا
أن أي صراع عسكري يحتاج إلى دعم مادي لتوفير الموارد والسلاح ليضمن استمرارية عملية القتل وأن عملية الحرب نفسها.
ثانيا
ثانيا
إن عملية الحرب نفسها م تحتاج الدور الشعبي والمجتمع لتوفير الخدمات المساعدة لتضمن لهم استمرارية القتال حيث لا تستطيع أن تستغني عن الخدمات الأساسية من صحة وعلاج وكهرباء وماء وهي خدمات لا يمكن توفيرها ودون أن يكون هنالك شريحة من المجتمع تعمل في توفير هذه الخدمات.
ثلاثة
في إحدى مراحل القتال فإن الحاجة للأفراد الذين يستطيعون أن ينضموا لحمل السلاح والانضمام للحرب للتعويض عن الفاقد من الجرحى أو من القتلى.
رابعا
ضرورة لا يمكن التقاضي عنها هي الحوجة للتأييد و الدعم النفسي والقبول الاجتماعي لفكرة القتال وذلك حتى تستطيع القوات المتحالفة أنت تجد التبرير و الوازع الأخلاقي الذي يسمح لها بالتوازن ومواجهة الرفض الإنساني الداخلي لفكرة القتل والدمار.إن القبول الشعبي يعطي تصريحا بالحرب بإعتبارها واجبا وضرورة اجتماعيه فيساهم في المحافظة على الرغبة والحماس في عملية القتل والدمار وحماية من أي عقدة ذنب أو تأنيب ضمير.
‏إذن يمكننا أن نقول انه معركة السلام تعتمد في الأساس على حرمان الشرائح المتقاتلة من هذه الاحتياجات التي تطلبها من المجتمع مما يساعد في توفير جو من الضغط والحصار جاعلا من السلام خيارا مهما يؤدي إلى استعجال خطوات السلام والرغبه في إيقاف الاقتتال. أن استراتيجية معركة السلام تعتمد على وسيلتين أساسيتين هما الحصار والاستنزاف وذلك لتجسيد عملية حرمان الشرائح المتقاتله من الخدمات والمساعدات الاجتماعية التي تحتاج إليها وإستنزافا للموارد في اسرع وقت ممكن حتى يجعل بالنسبة إليهما الاستمرار في الحرب عملية شاقة وباهظة التكاليف.
‏إذن فلسفة التغيير السلمي تعتمد على كيفية جعل الاستمرارية في القتال من الصعوبة بمكان أما به استنزاف الموارد أو الحصار النفسي والاجتماعي الذي يستهلك من مقدرات وحماس الفئات المتقاتله للمواصلة في الحرب.إن التاريخ والواقع يقول ليس هناك وصفة سحريه تناسب كل الحروب بل هي خطوط عامه يستخلص منها كل شعب ما يناسب واقعه من طبيعة الحرب وتركيبة الفئات المتقاتلة وتركيبة الشعب نفسه إمكانياته وخصائصه.إن للتغيير السلمي أركانه التي يستند عليها والتي أثبت التاريخ فاعليتها وأهميتها في نجاح معارك السلام.
إن مدارس عمليات التغيير السلمي تؤكد أن نجاحه هذه العملية يجب أن تستند على هذه الأركان محددة يجب الإستناد عليها حتى تحقق الأهداف المرجوة… نجد أنه وحدة الهدف ووضوحه والإتفاق عليه كما ذكرنا هي الأساس التي تنطلق منها ولكن نجد معها عوامل أساسية وموضوعيه هي التي تؤدي لتحقيق النجاح و تتمثل في القيادة و الإنفتاح والوسائل.. المراجعة والتقييم ..الشفافية والتواصل .
‏أولا
إن المقصود بوحدة الهدف هو كيفية جعل السلام هدفا واضحا وأساسيا لأنه يرتبط بوجود الوطن والحفاظ على الإنسان وموارده ثروته وأسباب وجوده.إن وحدة الهدف يصاحبها أهمية التوحد وجعل من هذا الهدف رؤية اجتماعية ليس شعارا محدودا.
ثانيا
التوحد والانفتاح لأكبر مجموعة والمقصود به محاولة تجميع أكبر شريحة من المجتمع في داخل التحالف العريض الذي هدفه إيقاف الحرب ومحاولة تقليل عوامل الاختلاف وتجاوزها والإنتباه إنها يفترض أن تكون قضايا ثانوية والتركيز على الهدف الأسمى للسلام الذي يسعى إلى الحفاظ على الوطن والمواطنين من الدمار. إن عملية مشاركة أكبر شريحة ممكنة لا تعني مجردة الوجود الصامت والموافقة على ما تقوم به القيادة بالنيابة عن الجماهير بل تعني أن تكون الجماهير هي المسؤولة عن صناعة القرار وهي التي تحاسب وقيادتها والتي ترجع إليه القيادة تبحث عن التفويض في كل موقف تبحث فيه عن السند ودعم الشعب معه لتكون الرؤى والأفكار والبرامج من رحم الشعب والجماهير.
ثالثا
عامل القيادة من العوامل المهمة حيث لا شك انه معركة السلام تحتاجه لقيادة تقود العمل ليس بالنيابة عن الشعب والجماهير بل قيادة تسعى للتعبير عن الجماهير تعلم أن قوتها تأتي من قوة الجماهير تنظيمها ووحدتها.قيادة لا تعيش في وهم مقدراتها الذاتيه وتظن أنها تستطيع فرض رؤاها بذكائها وخبراتها الذاتيه.ٍيادة تعلم أن إحترام كلمتها والخوف من قرارتها ينبع من أنها تعبر عن كلمة الملايين ورغباتهم.
لذا يصبح استقطاب الجماهير مساعدتها في مشاركة التجارب والخبرات و تنظيمها وتوزيع الأدوار المحددة ليس ترفا بل ضرورة لتنظيم جنود السلام حتى يلعب كل دوره والإستفاده من أقصى مقدرات الشعب المتوفره. إذن من الضروره أن يكون هناك تقسيم واضح لمقدرات الشعب وتقسيم المهام التي تتناسب مع خطوات التغيير المطلوبة، ولكن في عمومياتها تشمل مثالا المالية و الإعلام والتواصل والاتصالات.
رابعا
إختيار الوسائل التي تناسب الشعب وواقع المعركه وخصوصية المرحلة والظرف حيث تستعمل في عمليات الاستنزاف والحصار. ضرورة القراءه الموضوعية لواقع الحرب والقتل والإبتعاد عن تأثير المشاعر المتفلته والعقل العاطفي.إن إختيار الوسائل عملية متغيرة مع تغير الظروف وتطور مراحل الحرب لذا يجب ان يكون هناك متابعة واستكشاف المناطق الأكثر تأثيرا على الفئات المتقاتلة مما يجعل من الوسيلة المستعملة ذات تأثير فاعل في تحقيق هدفها المطلوب.
خامسا
أن إختيار الوسائل لا تقف فقط في عملية التنفيذ بل يجب الانتباه إلى ضرورة مراجعة نتائجها وتأثيرها وكيفية تطويرها إذا لم تحقق الهدف المرجو مع مراعاة استعمال الإستفادة من الأخطاء ومركمة التجارب والتطور. سادسا
نجد من الأركان الأساسية التي لا تنفصل وما سبقها من أركان وهي الاتصال والتواصل بين القيادة القواعد مع ضرورة سيادة ثقافة الشفافية التي تزيد من الثقة بين الشعب وقيادته مع ضرورة وجودي أدوات ووسائل تنظيمية وهيكليه معلومة يستطيع فيها الشعب تغير ممثليه لي شي إذا لم يلتزموا الخط الذي يطرحه الشعب أو الرؤى التي يضعها في قضايا و واقع التغييرحتى يصبح صوت المفاوض في غرف الاجتماعات تعبيرا حقيقيا عن غضب الشعب في الشوارع فيستمد منه قوته وجبروته.
أن الوسائل المستعملة في معركة السلم يمكن أن نقسمها حسب أهدافها إلى ثلاثة أقسام هي التعبير و الاستنزاف والحصار.
أولا
التعبير والمقصود به ليس مجرد تفريغ للمشاعر الرفض والغضب المحبوسة في دواخل الأفراد والمجتمع بل فوق ذلك فإنها تقوم بأدوار مهمة تتمثل في
(أ). خلق روح جماعيه وحدة مجتمعية متضامنة حول قضية الحرب ورفض الدمار.
(ب). تنبيه العالم للماسي التي يمر بها الشعب في خلال هذه الممارسة.
(ج). إن التعبير أيضا يمكن يكون سلاحا فعالا في هدم التبرير الشرعية للإقتتال وسحب من تحت قدمي الشرائح المتقاتلة السند الأخلاقي مما يؤثر مشاعر والحماس للإقتتال عندما تواجهها موجات الغضب والرفض من هذه الممارسة والتي قد تقود إلى أن تفتح الأبواب للتفكير في معنى الاقتتال ومراجعة النفس والتشكك في بعض الأحيان عندما تجد الفئات متحاربة أن شرائح واسعة من مجتمعها ترفض هذه الممارسة و تشجبها وتدينها.
أن التعبير له وسائله المختلفة التي ليست لها أي حدود بل تختلف أنواعها من التعبير الفردي إلى التعبير
الجماعي …من التعبير بالصوت او الكلمة أو الموقف من خلال أشكال مختلفة ومتابينه. لذا من الضرورة اختيار وسيلة التعبير المحددة تعتمد في الأساس على كيفية أنها تستطيع أن تصل إلى أكبر مجموعة من الناس وكيفية تكون الرسالة واضحة معلومة المعنى قوية الأثر تتناسب مع ثقافة الشعب ولها قبولا وصدى للآخر المقصود بالرسالة.
‏ثانيا
الاستنزاف وهو موقف يتم فيه حجب كل أو بعض الخدمات والمساعدات التي تبحث عنها الفئات المتقاتلة وذلك اما بحرمانها مباشرة وذلك بعدم تقديم مثل هذه الخدمات من عدم التطوع للإنضمام للشرائح التي تقاتل أو بوسائل أخرى متعددة من إيقاف الخدمات من الإضراب أو انسحاب من المرافق ومراكز الخدمات.
يمكن أن يتم الإستنزاف بجعل الحياة اليومية أكثر صعوبة بصناعة العوائق من إغلاق الشوارع والمرافق والتأثير علي شبكات الإتصال والتشويش عليها.
ثالثا
الحصار والذي تتعدد وسائله والتي يمكن أن يتم على مستويات مختلفة تبدأ من مستوى الحصار الفردي للذين يشاركون في القتال وذلك بالحصار الاجتماعي على مجموعات المتقاتلين ابتداء بتكثيف رسائل الرفض المصحوبة بمشاعر الإشمئزاز والإحتقار مع المقاطعة الإجتماعيه..بالإضافة لذلك رفض تقديم الدعم المعنوي والاجتماعي لهم وعدم فتح الباب لهم في البحث عن التبريرو سند شعبي من عملية القتال و وعدم مساعدتهم في البحث عن تبرير الأخلاقي أو نفسي للاستمرار في عملية الحرب .
جانب مهم من عملية الحصار هي كيفية صناعة طوق عازل من دول العالم تمنعها توفير الإمدادات والموارد التي تحتاجها الحرب وتفرض عليها عدم تقديم مساعدات او أدوات القتال أو حتى بتجميد أرصدتها و مواردها الخارجية مع التلويح بالخطوات العقابية والمحاسبة لمن يرفض السلام ويواصل في عمل قضية القتل والدمار.إن العالم لن يتحرك بمجرد لقاء مجموعة تعتقد إنها تملك الذكاء لإقناع العالم بعدالة قضيتهم إنما تحركهم المصالح والتي يجب إستغلال ذلك بالضغط على الحكومات وأعضاء البرلمانات بحملات منظمه و إسترتيجية واضحه.

‏ أن إختيار الوسائل المناسبة في معركة السلام تحتاج إلى النظرة العلمية والموضوعية لتبحث عن العوامل التي تساعد في تحقيق النجاح في واقعنا وذلك بقراءة الظروف الموضوعية و مراجعات تجارب الآخرين والنظر التاريخ في كيفية استطاعت الشعوب أن تسيطر على مسار الصراعات الدموية والحروب الأهلية بواسطة الجهد والنضال السلمي.

إن الوسائل المتعددة لمعارك اسلميه يجب إختيارها بدراسة الوقائع في موازنة تقلل الخسائر ما أمكن ذلك مع زيادة من خسائر الشرائح المتقاتله ولا تنبع من الفراغ بل تنبع من واقع المجتمع وثقافته وتركيبته و مزاجه النفسي في تلك اللحظة لذا فهي ليست لحظة سحريه تغير الواقع بل تراكم لتجارب وإختيار موفق للوسيلة التي تناسب.يحكي لنا التاريخ كيف إستطاعت إرادة الشعوب إسكات صوت البندقيه بصور مختلفة ومتعدده فمن إرث غاندي وصراع الهنود ضد المستعمر البريطاني ….وبين تجاب متفرققهبين قرية رفضت تقديم أبنائها للتجنيد للميلشيات والإستعداد للموت دونهم خاصة أنهم خسروا كثير من أبنائهم للتجنيد القسري قبل ذلك مما فرض على المليشيات الانسحاب من قريتهم وقائدهم لا أستطيع قتل قرية كامله… موقف بيليه وفريق سانتوس الذي رفض الذهاب الي بنين إذا لم تتوقف الحرب وفعلا تم إعلان هدنة إيقاف إطلاق النار لتقوم المباره…ولماذا نذهب بعيدا ورسالة لاعب ساحل العاج دروغبا من استاد المريخ في ٢٠٠٥ بعد مباراة السودان ورسالته للشرئح المتقاتله بالتتوقف القتال حيث انهم نجحوا في الرياضه عندما تعاونوا بالفوز وتشريف بلادهم فما الذي يمنع العسكر التعاون من أجل الوطن وكيف استطاع بعد ذلك آن يفرض علي قيادة جيش المتمردين أن يوقف القتال ليلعب مباراة في الأراضي التي يسيطر عليها التمرد ليحضرها كل أبناء وطنه وكيف تلى ذلك القبول بالجلوس في مفاوضات السلام.ولماذا نذهب بعيدا ومن تجاربنا في الوطن وفي هذه الحرب نجد تجربة سااطعه من اجتماع زعماء القبائل في دارفور مع الشرائح المتقاتلة والإتفاق على عدم القيام بأي مواجهات في الإقليم ورغم نجاح المبادرة ولكن للأسف لم يتم المحافظة عليها وتطويرها .
هذه الأمثله قليل من تراث متراكم من نجاح النضال السلمي في تشكيل مسار الحروب ليس بالضرورة إستعمالها نفسها ونجاحها في كل المناطق والحروب ولكن هي دليل على نجاحاتها وما على شعبنا وقياداته سوى الإيمان بمقدراتهم ودراسة الواقع وإستنباط الوسائل الناجعة والفعالة في معركة السلام وبناء الوطن الذي نحلم به.

مجدي إسحق
أغسطس ٢٠٢٣

التعليقات مغلقة.