الصمت السياسي والسقوط الأخلاقي بشأن “التطهير العرقي للمساليت”

الصمت السياسي والسقوط الأخلاقي بشأن “التطهير العرقي للمساليت”
  • 20 نوفمبر 2023
  • لا توجد تعليقات

د. حسين عمر عثمان

الأخلاق منظومة من المبادئ والقيم، بحيث ينتج عن الالتزام بها سعادة البشرية وأن الموقف المبدئي أو الأخلاقي مبنيٌ على الموقف الإنساني.
و عندما نرصد المواقف الأخلاقية لبعض القوى السياسية حيال ما يجري في السودان ودارفور عامة، وفي ولاية غرب دارفور بصفة خاصة في عدم الإدانة الواضحة لبعض القوى السياسية لمجازر التطهير العرقي والانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان (القتل الجماعي والتشريد والنهب والاغتصاب والتهجير القسري ودفن الناس أحياء والتمثيل بالجثث بدواعي إثنية وعنصرية على أساس اللّون والعرق بهدف التغيير الديموغرافي، وذلك بإبادة السكان الأصليين وطمس تاريخهم وهويتهم في دار أندوكة بولاية غرب دار فور، وبالأخص بمدينة الجنينية (لقبيلة المساليت) يعتبر سقوطاً أخلاقياً وعدم مسؤولية وطنية، حُق لنا أن نتخذ الأساس الأخلاقي مرجعاً لتجريم القوى السياسية في موقفها عمّا جرى ويجري، حيث أن الواجب الوطني والإنساني يحتم عليها الإدانة الصريحة لما حدث ويحدث ، المناط بالقوى السياسية والمتوقع منها هي الادانة الصريحة والتضامن والوقوف مع الضحايا خاصة المدنيين ، كيف لا وقد كانت مواقف المواطنين العاديين داخل السودان وخارجه في الإدانة والتضامن والاستنكار لتلك الجرائم اشرف من مواقف بعض القوى السياسية.
تســــــــــــــــــــــــــــاؤلات:
وهنا أتســــاءل؟ وأرجو أن تشاركنى أيها القارئ الكريم وأيها الشرفاء من أبناء الوطن فى محاولة للإجابة عن الموقف الأخلاقى للقوى السياسية السودانية وخاصة موقف بعض الأحزاب السياسية بعدم اتخاذ الموقف الوطني والأخلاقي ضد الجرائم في حق المساليت بولاية غرب دار فور، رغم أن الجرائم قد تم ارتكابها بكل انحاء السودان ولكن بولاية غرب دارفور وضد قبيلة المساليت تحديدا ممنهجة ومنظمة وكبيرة وأكثر وحشية لدرجة أن غالبية سكان الولاية لاجئين ونازحين، هل هم من المكيافيلية إلى درجة تمنعهم من اتخاذ موقف أخلاقي وطني وشجاع تجاه تلك الجرائم؟ أم أنهم يعتقدون أن لا أخلاق في السياسة ، ولا مبادئ ويعدّونها “واقعية سياسية”؟ أو أن المبرر هو العصبية القبيلة لبعض القادة السياسيين؟ أو المبرر هو المال (الرشاوي السياسية)؟ هل الأزمة السودانية كانت مُخْتَبر حقيقي للقوى السياسية؟ هل ما زالت الأقنعة حتى تُسْمِع الأصَمَّ، وتُبْصِر للأعمى، وتُفْهِمَ مَنْ لا يكاد يَفهم؟ أين شعارات الثورة (حرية – سلام – وعدالة) التي من المفترض أن تحدد المواقف السياسية والأخلاقية؟ للأسف بعض السياسيين أصبحوا يمارسون التجارة والارتزاق السياسيى للوقوف ضد تلك القيم وأصبحوا يترقبون المنتصر. هل المبرر هو محاربة جيش الكيزان بحجة شماعة عودة فلول النظام السابق؟ ألم يعلم هؤلاء أن انهزام المشروع الإسلامي والنظام السابق كان بسبب الانحطاط القيمي والأخلاق وعدم المسئولية الوطنية، والتي ستظل المحك لكل السياسيين والأحزاب السياسية.
المرجعية الأخلاقية أمر حتمي في بعض الحالات !!
رغم تشعب وتعقيدات التفصيل في مسألة الصلة بين الأخلاق والسياسة فإن التسليم بوجوب إسناد السياسة إلى إطار مرجعي واخلاقي هو أمر حتمي في بعض الحالات السياسية التي تُلزم المواقف بقيم وأخلاق، يكون الموقف السياسي محكوم أخلاقياً عندما يتعلق الأمر بالجرائم الكبري مثل جرائم الحرب والقتل والتطهير العرقي وضياع وتدمير الوطن. وهنا يجب أن يعلو الموقف الأخلاقي على كل المواقف الأخرى. وتظل المنظمات السياسية كيانات اجتماعية وإنسانية وليست مجردة في كل مواقفها السياسية من المبادئ والأخلاق، لأن المسئولية الاجتماعية والأخلاقية هي الضامن الحقيقي لديمومة واستمرارية المشاريع السياسية والأحزاب لضمان مستقبلها السياسي، وإلا سوف تنهزم ولو بعد حين إذا فشلت المنظمات السياسية في المُوَاءمة بين مصالحها السياسية والاعتبارات الأخلاقية.
وفي نهاية المقال أرى ضرورة وضع أجندة إبادة المساليت الذين قاوموا التمرد وضحوا من أجل الوطن في البوابة الغربية وقدموا آلاف الضحايا وهم الآن أكثر قبائل السودان تضررا في هذه الحرب، فهم ضحايا التطهير العرقي كمجموعة سكانية. أرى تمثيلهم في كل المنابر للتعبير عن قضيتهم في إطار حل المشكلة السودانية لأن ما حدث بولاية غرب دار فور كان كبيراً وخطيراً، منظماً وممنهجاً.

التعليقات مغلقة.