فيلم وداعاً جوليا: الجفلن خلهن اقرعوا الواقفات

فيلم وداعاً جوليا: الجفلن خلهن اقرعوا الواقفات
  • 20 ديسمبر 2023
  • لا توجد تعليقات

فايز أبو البشر

اتيحت لى فرصة مشاهدة الفيلم الدرامي السوداني” وداعاً جوليا” للمخرج / محمد الكردفانى الذى تم عرضه فى عدة دور سينمائية فى دولة قطر، نالت سينما مول الدوحه فيستيفال Doha Festival City Mall – نصيب الأسد، و يعد الفلم واحد من افضل الأعمال الدراميه التى انتجتها السينما السودانية على الإطلاق من حيث المحتوى ” السيناريو” والتصوير والديكور وازياء الممثلين و طرائق معالجته لواحدة من الاشكاليات السياسية السودانية الكبيرة التى ادت الى انشطار الوطن الى فسطاطين بسبب تداخل عوامل سياسية واجتماعية كثيرة كنا نعتقد حتى وقت قريب انها عوامل عابرة لا تعبر عن الانسان السودانى، وتكمن اسبابها فى الجهل والتخلف، ولكن الحرب الماثلة اليوم بين ما يسمى جزافاً الجيش السوداني “الكيزان” والدعم السريع اثبتت بما لا يدع مجالاً للشك ان العنصرية التى عانى منها الأخوة فى جنوب السودان قبل الانفصال هي كانت ولازالت جزءاً بنيوياً لايتجزأ من جيناتنا التى يحملها كثيرون من دعاة الانسانيةسواء كانوا متعلمين يحملون أعلى الدرجات والشهادات العلمية ام أُميّين اى ترابله او رعاة.
تناول فلم وداعاً جوليا نواقصنا الكامنة فى ذواتنا الفانية بهذه الجرأة هو عمل عظيم يحمد لكاتب ومخرج الفيلم محمد الكردفاني، وكوكبة الممثلين الذين اظهروا براعة فى الأداء ترتقي بهم الى مصافى العالمية وحتماً سيفتح لهم الفلم ابواب الشهرة على مصرعيها.

ولا ادرى أهو من سوء الحظ ام حسن الحظ، ان العنصرية الكامنة فى نفوس النخب السودانية التى ورثت دولة ما بعد كتشنر والتى أراد الفلم معالجتها لإستخلاص العبر والدروس تم تكرارها بصورة بشعة على أرض الواقع فى وقت متزامن مع عرض الفيلم فى صالات السينما، وذلك من خلال الحرب التى تدور رحاها اليوم فى أرض الوطن المكلوم، حيث يقتل الإنسان أخاه على الهوية الجهوية والقبلية بدم بارد وباسم الدين والدين برئ منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
انا لست بناقد حتى يتسنى لى ان أقيم الفلم تقيماً علمياً رصيناً، وهو امر متروك لذوى الاختصاص فى هذا المضمار، ولكن الجوائز التى حاز عليها الفلم فى فترة قصيرة من عرضه هي دليل كافي على نجاحه، وهذه دعوة للجميع لمشاهدته، ولن تندم على الوقت الذى سوف تضيعه فى مشاهدة احداثه، لان الفلم سوف يخرج لك أضغانك الظاهرة والمستترة التى حتماً تراها رؤى العين المجردة فعسى ولعل نتعافى من اسقامنا التى دمرت الوطن حتى اصبح وجوده بين الأمم على المحك.

الفلم رمي حجر فى بركة العنصرية الساكنة وعلى الوطنيين الخلص التدافع لإعادة تأسيس الدولة السودانية على أسس المواطنة وتكافؤ الفرص من خلال عقد اجتماعي جديد يصحح اخطاء الماضى و يراعي التنوع الثقافى والاثني ويعالج التباين التنموي فى مختلف ربوع الوطن
abu_elbashr@yahoo.com

التعليقات مغلقة.