محجوب محمد صالح وتأميم الصحافة السودانية (3-3)

محجوب محمد صالح وتأميم الصحافة السودانية (3-3)
  • 20 فبراير 2024
  • لا توجد تعليقات

صديق المحيسي

كان محجوب محمّد صالح مساهماً أساسياً في صحيفة الأيّام قبل عملية تغيير الحكم في السودان بانقلاب جعفر النميرى فى عام 1996 وسعى محجوب- الَّذي لم يكن مقتنعاً أصلاً بقرار تأميم الصحف الذى قرره النظام العسكرى الجديد بالرغم من افكاره اليسارية القديمة التى تعود جذورها الى الحركة السودانية من اجل التحرر “حدتو” ففى ذلك الوقت كانت الشعارات اليسارية هى السائدة فى الساحة سعيا وراء اقامة النظام الأشتراكى ومع ذلك لم يكن فى مقدوره رفض المهمة التى كلف بها والآ صنّفه النظام مع “القوى الرجعية” فكان تنطبق عليه مقولة “مكره اخاك لا بطل” ويقول محجوب لم يختارنى النظام للقيام بهذه المهمة ألا بعد فشل لجنة برئاسة وكيل وزارة الآعلام عمر محمد سعيد , وقيلى احمد عمر, وعبد الكريم عثمان المهدى ,وعبدالله رجب,والشاعرمنير صالح لتقديم تصور لعملية التاميم , ولما لم تكن هذه اللجنة على دراية بطبيعة المهمة فنيا تم اختيارى لمشروع التاميم , ويقول محجوب سعيت الى يجاد صيغة توفيقية بين سلطة مايو وأصحاب الصحف، حتى صدر قانون تعويض أصحاب الصحف المؤمَّمة والّذي نجت به الدور الصحفية المستقلة من نية المصادرة الكلّية الَّذي كان يريده الرئيس النميري، بهذا التصور للتأميم ( كُوِّنت لجنة لتقيّيم الماكينيات التي تُؤمم بقيمتها في السوق ,وشُكلت اخرى ثانية من ممثلين لديوان النائب العام ,و ديوان المراجِع العام ,ومدير الطباعة بالمؤسسة لعامة للصحافة والنشر, ومديرالمطبعة الحكومية ,وممثل الغرفة التجارية ,ثم صاحب المطبعة أو من يمثله ,وعُهِد إلى هذه اللجنة بعد أنْ أضيفت إليها عناصر متخصصة تقيَّيم المباني والأثاث , كما تم الاتفاق على تكوين لجنة اخرى من المؤسسة العامة للصحافة ,ورئيس الغرفة التجارية آوخرين لتقيّيم الأضرارالناتجة عنْ فقدان العمل التجاري الناجح, وسار العمل في تقدير التعويضات لأصحاب الصحف المؤمَّمة بعد ذلك الاجتماع على النحو التالي
قامت اللجنة الأولى بتقيّيم الممتلكات التي آلت إلى الدولة نتيجة التأميم ,وقامت اللجنة الثانية في ضوء تقرير اللجنة الأولى بتقيّيم الأضرار الناتجة عن فقدان العمل التجاري الناجح.

وتبيّن للجنة الأولى أنّ الصحف التي لديها ممتلكات هي أربع صحف: الأيّام، السودان الجديد، الصحافة، والرأي العام. وقد قَصَرت اللجنة مهمتها على تقيّيم الممتلكات من ماكينيات وعقارات ,وأثاثات ,وعربات دون أنْ تتعرّض في تقيّيمها لما لهذه الصحف من رصيد بالبنوك وما لها وما عليها من ديون. وقد قيّمت اللجنة الماكينيات بالقيمة الدفترية مع حساب نسبة 5 % استهلاك طِبقاً لنظام الضرائب السوداني. أما الأرض فقد قيّمتها اللجنة بالقيمة الأساسية عند الشراء دون زيادة، باعتبارها أرضاً ممنوحةً بموجب شروط تشجيع الصناعة وليس لصاحبها حق التصرف فيها بالبيع أو الاستفادة منها كعقار) .
وهكذا صارت الصحف مملوكة للحكومة وتتبع للأتحاد الأشتراكى حزب النظام ,وتم تعيين بدر الدين سليمان رئيسا لمجلس ادارة الأيام وموسى المبارك للصحافة وصار اختيار رئيس التحرير من مسئولية الحزب الحاكم وفى مرحلة لاحقة منصور خالد للصحافة ,وجعفر محمد على بخيت للايام

وفى تحقيق اجرته معه الصحفية رشا اوشى 2018-09-12 صحيفة المجهر يقول محجوب ( شعرنا بأن الملكية الخاصة للصحف لن تمضي للأمام، وقتها كنت رئيس تحرير (الحياة)، قدمنا فكرة بأن تتحول الصحف إلى شركات مساهمة عامة، ناقشنا الأمر مع “فاروق حمد الله”عضو مجلس قيادة الثورة، تحمس للأمر، وفي ذات الوقت كان القوميون العرب يعملون على ذات الفكرة ولكن في مسار آخر مع “عمر الحاج موسى” وزير الإعلام، وقدموا المقترح للرئيس “نميري” ووافق عليه،دون ان تكون لديه فكرة .

يواصل محجوب لم يكن لي أدنى صلة، بهذه اللجنة بل كانت غير معلنة، وقصدوا إخفاءها عنا نحن كنا نعمل مع “فاروق”، أما لجنتهم من كتب بيانها الختامي، ورفع تقاريرها، هو مقررها “عبد الله رجب”، عندما التقوا بمجلس الثورة فوجئ “فاروق حمد لله” بهذا الأمر وطرح المشروعين، مشروعنا ومشروع القوميين العرب , وقدم اقتراحاً بتعيين رئيس مجلس الصحافة الذي يصدر الصحيفتين اتصل بي “عمر الحاج موسى” وطلبني لاجتماع بحضور جعفر النميرى رئيس الجمهورية، عرض على الموقع، رفضته بداية وقلت لهم :”أنتم الآن تخططون لإنشاء تنظيم سياسي، وإن أممتم الصحافة الآن وسلمتم الصحف للوزارة ستصبح حكومية وبالتالي ستكون وصمة وسبة لى طول العمر، انتظروا حتى إعلان التنظيم وسلموه الصحف”، أخبروني بأنهم قرروا في الأمر وقضي، وقررنا إنشاء (المؤسسة السودانية للصحافة)، هي التي تصدر كل الصحف وأنت تترأسها اعترضت على الفكرة، اعملوا مجموعة دور صحافية، “نميري” قال ننشئ دارين المهم أخبرتهم بأنني لن أقبل إصدار صحيفة مملوكة للدولة، إنما سأقبل رئاسة هذه المؤسسة، إذا كانت مهمتها تصفية الوضع السابق ومنح الناس حقوقهم ومعاشاتهم “نميري” طلب مني إصدار القرار من المجلس الذي سأترأسه، انشأنا مجلسين أحدهما لجريدة “الصحافة”، برئاسة “جمال محمد أحمد”، والآخر لجريدة “الأيام”، برئاسة “موسى المبارك”، وتفرغت أنا لحصر الصحافيين وحقوقهم وسنوات خدمتهم وبعد (6) أشهر قمنا بتصفية كل ذلك ومنح الناس حقوقهم )

siddiqmeheasi20@gmail.com

التعليقات مغلقة.