الدقائق الحاسمة

الدقائق الحاسمة
  • 21 يونيو 2025
  • لا توجد تعليقات

يسري فودة

من بين تلال المصادر من كل اتجاه، هذه ثلاثة أصوات .. خذها بقليل من الملح وكثير من الحذر.

أولًا، ستيف بانون، مستشار ترمب في فترته الأولى، أحد أبرز نجوم حركة MAGA معقل شرعية ترمب. يعبر بشكل واضح عن احتقاره محاولات نتنياهو جر أمريكا إلى الحرب على إيران:

“رفع نتنياهو السقف إلى تغيير النظام (الإيراني). هذا ما قاله وهو يتحدث عن معنى أمريكا أولًا. من أنت بحق الجحيم كي تحاضر الشعب الأمريكي؟ الشعب الأمريكي لن يقبل هذا. من أنت حتى تحشرنا في هذا الموقف الذي كنت تعلم مسبقًا أنك لن تستطيع إنهاءه؟ إذا كنت تستطيع إنهاءه (بمفردك) قم بذلك ولكن أقلع عن سؤالنا أن نقوم نحن بإنهاء المهمة”.

ثانيًا، إيهود باراك، رئيس الوزراء الإس.رIئيلي سابقًا. يعبر بشكل واضح عما يرى أنه وهم نتنياهو في جر أمريكا إلى حرب واسعة النطاق تستهدف إسقاط النظام الإيراني:

“هذا من قبيل التمني wishful thinking. هذا هدف نتنياهو لكني أشك في استعداد ترمب للقيام بذلك، باستثناء ربما ضربة واحدة مركزة على مفاعل فوردو، لأنها ضربة لا تستطيعها إسرائيل .. مهما فعل لا أستطيع أن أتخيل أن الناس ستنسى حقيقة أنه قصف صفقة الرهائن (في غزة) بطوربيدو من أجل أن تستمر الحرب؛ لأنه يعلم أن يوم انتهائها هو يوم حسابه”.

ثالثًا، سيمور هيرش، أسطورة الصحافة الاستقصائية في أمريكا. يقول إن مصادره رفيعة المستوى في أمريكا وإس.رIئيل قد أطلعته على مخطط الهجوم الأمريكي الوشيك على إيران:

“وافق البيت الأبيض فعلًا على تنفيذ حملة واسعة النطاق في إيران .. تستهدف مفاعل فوردو .. والقدرات الصاروخية .. وقواعد الحرس الجمهوري .. والشرطة .. والمكاتب الحكومية التي تضم ملفات المعارضين .. ثمة خلاف بين واشنطن وتل أبيب حول من يتولى السلطة بعد ذلك .. ولكن ربما تبدأ الحملة في عطلة الأسبوع (غدًا أو بعد غد) لأن ترمب يريد تقليص تأثيرها السلبي على الأسواق المالية قبل بدء التداولات صباح الإثنين”.

فأما بانون فهو ثعلب شعبوي قارح، وهو فعلًا يضع أمريكا أولًا حتى أمام إس.رIئيل، من بين أمور أخرى لإعادة تشكيل النظام الأمريكي كله. لكنه الآن بعيد نسبيًا عن الدائرة المصغرة المسيطرة على أذن ترمب. لا يعني هذا بالضرورة فصل الخطاب يمينًا أو يسارًا من وجهة نظر ترمب. هو نفسه يقول: “أنا نفسي لا أعرف”! وأنا أميل إلى تصديقه؛ فهو الآن ببساطة منقاد كما ينقاد الكبش إلى حلبة النزال.

وأما إيهود باراك فهو خصم سياسي لنتنياهو وينبغي لهذه الحقيقة أن تكون حاضرةً دائمًا وأنت تتفحص كلماته. لكنه في الوقت نفسه خبير بالمطبخ في دولته وفي أمريكا على حد سواء، ويعلم ما يمكن أن يكون قابلًا للفعل وما لا يمكن.

وأما سيمور هيرش – مع تقديري لتاريخه الصحفي الحافل ولمعرفتي الشخصية به التي تعود إلى الوراء لنحو ربع قرن – فلست أدري إلى أي مدى شعر بالثقة في تسريبات استراتيجية وميدانية مفصلة إلى هذا الحد تتطوع بها مصادر رفيعة المستوى في المطبخين قبل ما يُفترض أنه ساعات قليلة تفصلنا عن شن الحملة الأمريكية، ولا إلى أي مدى شعر بالراحة وهو ينقلها إلى العالم. ربما يضيف إلى تاريخه سبقًا صحفيًا آخر، ولكن حتى سيمور هيرش ليس محصنًا ضد الوقوع في فخ الاستخدام، ولا في فخ سوء التقدير خاصةً في ظل وجود رئيس من نوع ترمب.

في تقديري، صار الإجهاز على القدرات الصاروخية لإيران في هذه اللحظة هدفًا أكثر إلحاحًا من الإجهاز على فوردو أو غيره من مواقع نووية. لن يكون مقبولًا أن تستمر إيران في فضح العمق الإس٠رIئيلي هكذا، بكل ما يرتبط بهذا من خسائر مادية ومعنوية، بصورة من مثل ما حدث اليوم وهو اليوم الثامن بلا انقطاع.

بين بانون وباراك وهيرش وغيرهم من متابعين وأنت وأنا، هذه حقًا دقائق حاسمة، من سخريات الواقع أن غثاءً من مثل ترمب هو الذي سيحسمها.

الوسوم يسري-فودة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*