شهادات دولية: “سكان غزة ليسوا أمواتا ولا أحياء بل جثث متحركة”

شهادات دولية: “سكان غزة ليسوا أمواتا ولا أحياء بل جثث متحركة”
  • 26 يوليو 2025
  • لا توجد تعليقات

لندن- محمد المكي أحمد

تعكس شهادات مسؤولين دوليين وعاملين ميدانيين، في المجال الإنساني، في غزة، عن جوع الأطفال والأمهات والآباء ، وكل الناس، صورا مأساوية، موجعة، تهز أصحاب الضمائر الحية في العالم، وفي صداراتهم  نرى المتظاهرين السلميين  في شوارع لندن ومدن بريطانية وعواصم العالم الكبرى ،التي تواصل حراكها ، الإنساني، الحضاري، المتضامن مع الإنسان الفلسطيني .

 وتؤكد أقوال مسؤولين يعملون في المجال الإنساني، هذه الأيام ، بشاعة الأوضاع التي تواجه أهل غزة المنكوبين، بسبب حرب التجويع الإسرائيلية التي باتت أسوأ  أثرا وتأثيرا وبشاعة من حرب الطائرات والدبابات والصواريخ التي حصدت، وتحصد  أرواح آلاف المدنيين الفلسطينيين .

حرب التجويع القاسية يدفع ثمنها  حاليا في غزة، الأطفال. أما الآباء والأمهات فهم يعانون أيضا من الجوع الشديد لدرجة أنهم “لا يستطيعون رعاية أطفالهم” وفقا لمفوض وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين ( الأونروا) فيليب لازاريني.

هذا المسؤول الدولي كتب :”سكان غزة ليسوا أمواتا ولا أحياء، بل جثث متحركة.”

ما كتبه المفوض العام للأونروا في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم 24 يوليو 2025 ، نقله عن أحد زملائه الميدانيين في قطاع غزة.

وبكلمات قليلة، لكنها عميقة الدلالات، قال لازاريني: “عندما يرتفع سوء التغذية لدى الأطفال، تفشل آليات التكيف، وينعدم الوصول إلى الغذاء والرعاية،”وتبدأ المجاعة في التفشي بصمت”.

وأضاف: “معظم الأطفال الذين تستقبلهم فرقنا يعانون من الهزال والضعف، وهم معرضون بشدة لخطر الموت إذا لم يحصلوا على العلاج الذي يحتاجونه بشكل عاجل، وقد أفادت التقارير بوفاة أكثر من مئة شخص جوعا، غالبيتهم العظمى من الأطفال”.

ووفقا  للأمم المتحدة ،وجد شركاؤها  العاملون في مجال التغذية أن ما يقرب من خمسة آلاف من أصل 56 ألف طفل دون سن الخامسة، خضعوا لفحص سوء التغذية في الأسبوعين الأولين من شهر يوليو 2025 في محافظات خان يونس ودير البلح وغزة، يعانون من سوء تغذية حاد.

وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، قالت في أحدث النتائج التي توصلت إليها، إن طفلا من كل خمسة أطفال في مدينة غزة يعاني من سوء التغذية، مع تزايد الحالات يوما بعد يوم.

من جهته رأى  نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أن هذا  يمثل نسبة مذهلة بلغت 9%، وهي زيادة عن 6% في يونيو، و2.4% في فبراير 2025.

وأفاد بأن عدد حالات المواليد الموتى في غزة، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ 220 حالة خلال الفترة بين كانون يناير إلى يونيو من العام الجاري( 2025).

 أطفال غزة  يموتون جوعا

المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، قال إن الأطفال في غزة يموتون من الجوع. وأضاف: “تحت أنظار العالم، ينتشر سوء التغذية الحاد بين أطفال غزة أسرع من وصول المساعدات إليهم”.

وأكد المسؤول الأممي أدوارد بيجبيدير أن عدد الأطفال الذين أفادت التقارير بأنهم لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية منذ أبريل، قد ارتفع من 52 إلى 80 بزيادة 54% خلال أقل من ثلاثة أشهر وفق وزارة الصحة الفلسطينية.

وقال إن هذه الوفيات غير مقبولة وكان يمكن منعها، وشدد على ضرورة السماح للاستجابة الإنسانية التي تقودها الأمم المتحدة، بالعمل بشكل كامل عبر الوصول بدون عوائق للأطفال المحتاجين للمساعدة.

وبينما أكد  أن اليونيسف وشركاءها يواصلون العمل في غزة بفحص وعلاج الأطفال من سوء التغذية، شدد على أن تغيير الوضع الكارثي الحالي يتطلب السماح بالتدفق الدائم للإمدادات الإنسانية والتجارية التي تشتد الحاجة إليها، مؤكدا الحاجة لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الآن.

انهيار النظام الإنساني

 المفوض العام لوكالة الأونروا فيليب لازاريني، قال إن الأزمة المتفاقمة في غزة تؤثر على الجميع، بمن فيهم أولئك الذين يحاولون إنقاذ الأرواح في القطاع الذي مزقته الحرب. وقال إن العاملين الصحيين في الخطوط الأمامية للأونروا يعيشون على وجبة صغيرة واحدة في اليوم، غالبا ما تكون مجرد عدس، إن تناولوها على الإطلاق.

وأضاف أنهم “يغمى عليهم بشكل متزايد من الجوع أثناء العمل . وقال: “عندما لا يتمكن القائمون على الرعاية من العثور على ما يكفي من الطعام، فإن النظام الإنساني بأكمله ينهار”.

ولفت لازارينيلى إلى أن الآباء والأمهات يعانون من الجوع الشديد لدرجة أنهم لا يستطيعون رعاية أطفالهم، وأولئك الذين يصلون إلى عيادات الأونروا “ليس لديهم الطاقة أو الطعام أو الوسائل لاتباع النصائح الطبية”.

وأضاف: “لم تعد الأسر قادرة على التكيف، إنها تنهار، وغير قادرة على البقاء على قيد الحياة. إن وجودهم مهدد”.

ودعا المفوض العام إلى السماح للعاملين في المجال الإنساني بتقديم المساعدات بشكل غير مقيد ودون انقطاع إلى غزة وشعبها، وذكّر بأن لدى الأونروا ما يعادل ستة آلاف شاحنة محملة بالمواد الغذائية والإمدادات الطبية في الأردن ومصر تنتظر السماح لها بالدخول إلى القطاع.

مساعدات غير كافية للحد من المجاعة

وجاء في تقرير للأمم المتحدة أن فرق الأمم المتحدة تمكنت من استلام مساعدات غذائية من معبري كرم أبو سالم وزيكيم يوم أمس (23 يوليو 2025) وكانت تتكون بشكل رئيسي من الدقيق ، لكن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أكد أن المساعدات القليلة التي تمكنت من الوصول إلى المستودعات ونقاط التوزيع وغيرها من المرافق الإنسانية داخل غزة في الفترة الأخيرة “غير كافية على الإطلاق للحد من المجاعة، أو لدعم عمليات إنقاذ الأرواح، لا سيما مع استمرار الجيش الإسرائيلي في إصدار أوامر تهجير جديدة”.

 ومن أصل 16 محاولة لتنسيق التحركات الإنسانية، لم تُيسر أمس سوى ثماني محاولات. وفي مؤتمر صحفي عُقد في نيويورك، قال حق إنه تمت الموافقة مبدئيا على تحركين آخرين، لكنهما واجهتها عقبات ميدانية، ورفضت ثلاثة تحركات بشكل قاطع، بما في ذلك استرجاع إمدادات طبية، واضطر المنظمون إلى إلغاء التحركات الثلاثة المتبقية.

وأكدت المنظمة الدولية في تقرير إنها تعجز وشركاؤها عن إدخال مساعدات كافية إلى غزة بسبب عدد من العوامل المترابطة، بما في ذلك العقبات البيروقراطية واللوجستية والإدارية وغيرها من العقبات التشغيلية التي تفرضها السلطات الإسرائيلية، بالإضافة إلى الأعمال العدائية المستمرة وقيود الوصول داخل غزة، وحوادث النهب الإجرامي وإطلاق النار التي أسفرت عن مقتل وإصابة أشخاص تجمعوا لتفريغ إمدادات الإغاثة على طرق القوافل.

وأكد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة بأن هذه العوامل مجتمعة “عرضت الناس والعاملين في المجال الإنساني لخطر جسيم، وأجبرت وكالات الإغاثة في مناسبات عديدة على إيقاف جمع الشحنات من المعابر التي تسيطر عليها السلطات الإسرائيلية”.

وأوضح التقرير الأممي أنه مع تزايد حصر سكان غزة في مساحة لا تتجاوز 12% من مساحة القطاع، منعت السلطات الإسرائيلية دخول المواد الأساسية كالخيام أو أي مواد إيواء أخرى منذ أكثر من 20 أسبوعا.

ورغم الظروف الصعبة في غزة ، شدد نائب المتحدث باسم الأمم المتحدة: “زملاؤنا في الميدان، وهم أنفسهم متضررون ونازحون ويعانون من الجوع، يُصرّون على البقاء وتقديم المساعدات المنقذة للحياة. وهم، شأنهم شأن بقية الأمم المتحدة، يواصلون الدعوة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الدمار”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*