مليون نازح داخلي يعودون إلى ديارهم بالسودان ومئات يفرون يوميا في دارفور وكردفان

على الرغم من تواصل الحرب في السودان، واستمرار مسلسل القتل و نزيف الدم، والتدمير ، شكلت عودة نازحين داخليا إلى ديارهم أبرز مشاهدات واهتمامات ممثلين للأمم المتحدة ، زاروا العاصمة السودانية، الخرطوم.
وبينما تصدرت “عودة أكثر من مليون نازح داخلي إلى ديارهم” إهتمامات الوفد، وأثارت تعليقاتهم بشأن احتاجات العائدين الملحة، فقد شددت المنظمة الدولية مجددا على أن “حرب السودان أدت إلى أكبر أزمة نزوح في العالم”.
بؤر أمان نسبي
وقال مسؤولو بالمنظمة الدولية، إنه رغم عودة نازحين داخليا إلى ديارهم الا أن” مئات الأشخاص يفرون يوميا – سواء داخل السودان أو عبر حدوده ، بسبب الصراع الدائر، وينطبق هذا بشكل خاص على منطقتي دارفور وكردفان” وفق المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة، فان على الرغم من احتدام الصراع في السودان، ظهرت بؤرٌ من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من مليون نازح داخلي إلى العودة إلى ديارهم.
وأكدت عودة 320 ألف لاجئ إلى السودان منذ العام الماضي، معظمهم من مصر وجنوب السودان، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا.
عائدون إلى الجزيرة وسنار والخرطوم
وأوضح المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن : ” غالبية العائدين توجهت إلى (ولاية) الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا؛ ثم إلى سنار بنسبة 13%، وحتى الآن، إلى الخرطوم بنسبة 8%”.
وذُكر أن معظم النازحين داخليا هم من العاصمة السودانية، الخرطوم، وتوقع بلبيسي عودة “حوالي 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، لا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب”.
وقالت الأمم المتحدة في تقرير أنه منذ بدء الصراع الحالي في أبريل 2023، نزح قسرا أكثر من 12 مليون شخص، بمن فيهم ما يقرب من خمسة ملايين شخص لجأوا إلى الدول المجاورة، مما يجعل حرب السودان أكبر أزمة نزوح في العالم.
ما هي احتياجات رجل مسن؟
وجاء في التقرير “أن الجيش السوداني سيطر على منطقة الخرطوم الكبرى، بما في ذلك العاصمة، في مايو من هذا العام، بعد معركة طويلة ضد قوات الدعم السريع في المناطق الغربية والجنوبية، وقد دفع الصراع الوحشي أجزاء من البلاد إلى المجاعة”.
وخلال زيارة ممثلي الأمم المتحدة إلى الخرطوم مؤخرا ، اقترب منهم رجل مسن ليؤكد أن احتياجاتهم بسيطة، وقال: “الغذاء والماء والرعاية الصحية والتعليم، هذا هو مستقبل أطفالنا، ونحن بحاجة ماسة للاستثمار فيه”.
وأشار التقرير الأممي إلى أن جهودا حثيثة تُبذل لدعم العائدين إلى الخرطوم، إنه سباق مع الزمن لإزالة الأنقاض، وتوفير الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة والكهرباء، وتعزيز قدرات المرافق الصحية لمنع انتشار الأمراض الفتاكة كالكوليرا.
1700 بئر تحتاج إلى تأهيل
الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان لوكا ريندا، قال لصحافيين إن هناك حوالي 1700 بئر بحاجة إلى إعادة التأهيل والكهرباء، “والطاقة الشمسية في هذه الحالة حل ممتاز”. وأضاف إن البرنامج يهدف إلى تطوير حلول طويلة الأمد للنازحين جراء الحرب لتأمين سبل العيش والخدمات الأساسية.
وشدد على أن هناك ما لا يقل عن ستة مستشفيات تحتاج إلى إعادة تأهيل وإصلاح عاجلين، بالإضافة إلى عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية.
و أكد أن وسائل النقل والمساعدات النقدية تُوزّع لشراء الغذاء ومستلزمات النظافة والأدوية والملابس على الفئات الأكثر ضعفا التي تصل إلى المناطق الحدودية.
إزالة الألغام تشكل تحديا ملحا
ورأى ريندا أن إزالة الألغام تُعدّ تحديا مُلحا آخر تواجهه إعادة التأهيل والإعمار في العاصمة، وقال: “حتى في مكتبنا، عثرنا على مئات الذخائر غير المنفجرة”.
وأضاف أن هناك مئات الآلاف، إن لم يكن أكثر، من الذخائر غير المنفجرة في المدينة، مؤكدا أن الهيئة المحلية لمكافحة الألغام، بدعم من دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام بدأت بالفعل عملية الإزالة.
التطهير من مخلفات الحرب
وقال إن تطهير المدينة بالكامل من مخلفات الحرب المميتة سيستغرق سنوات، ويُقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 ملايين دولار أمريكي لتتمكن من نشر العدد المطلوب من فرق إزالة الألغام للعمل بالشراكة مع السلطات الوطنية وتوعية السكان بمخاطر الذخائر غير المنفجرة.
وأعلنت الأمم المتحدة أنه حتى 21 يوليو 2025، لم تتلقَّ المنظمة وشركاؤها الإنسانيون سوى 23% من مبلغ 4.2 مليار دولار أمريكي المطلوب لتقديم مساعدات منقذة للحياة إلى ما يقرب من 21 مليون شخص معرض للخطر داخل السودان.
فرار يومي في دارفور و كردفان
وشددت الأمم المتحدة في هذا السياق على أنه رغم عمليات العودة الأخيرة، لا يزال مئات الأشخاص يفرون يوميا – سواء داخل السودان أو عبر حدوده – بسبب الصراع الدائر. وينطبق هذا بشكل خاص على منطقتي دارفور وكردفان، وفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
800 ألف لاجيء في دارفور
وأكد مامادو ديان بالدي، منسق اللاجئين الإقليمي لأزمة السودان لدى المفوضية أن عدد اللاجئين من منطقة دارفور وحدها بلغ أكثر من 800 ألف لاجئ منذ بداية الصراع، وهذا العدد في تصاعد مستمر.
ووفقا لمفوضية اللاجئين، هناك حاجة إلى 1.8 مليار دولار أمريكي لدعم 4.8 مليون شخص فروا من السودان إلى الدول المجاورة، ولكن لم يوفر سوى 17% من هذا التمويل.
وخلُص بالدي إلى أن اللاجئين لا يزالون بحاجة إلى “دعم أكبر من جانبنا” وإلى السلام لينتهي “هذا الصراع الوحشي”.