الخميس - 3 ربيع الأول 1447 هـ , 28 أغسطس 2025 م

انهيار ١٥٤ منزلًا وتشريد أكثر من ألف شخص بسبب السيول في ولاية نهر النيل

يا إلهي: “سَقَطتْ”… ودَخَلْتَ الجَنَّة

يا إلهي: “سَقَطتْ”… ودَخَلْتَ الجَنَّة
إسماعيل آدم

تمهيد أول:
“إِذۡ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَٰٓأَبَتِ إِنِّي رَأَيۡتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوۡكَبٗا وَٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ رَأَيۡتُهُمۡ لِي سَٰجِدِينَ (4) قَالَ يَٰبُنَيَّ لَا تَقۡصُصۡ رُءۡيَاكَ عَلَىٰٓ إِخۡوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيۡدًاۖ إِنَّ ٱلشَّيۡطَٰنَ لِلۡإِنسَٰنِ عَدُوّٞ مُّبِينٞ (5)” سورة يوسف.

تمهيد ثان:
“ولقد رأيتُكَ في منامي ليلةً
فنَسيتُ ما قد كانَ مِن أحزانِ
وحَسِبتُ نومي في حضوركَ يقظةً
حتى أَفَقْتُ على فراقٍ ثانِ
لو كنتُ أعلمُ أن الحُلمَ يجمعُنا
لأغمضتُ طول الدهرِ أجفاني”
شعر: حسان بن ثابت – أحد أبرز شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم. يروي حلماً رأى فيه الرسول عليه الصلاة والسلام في منامه، وذلك بعد فترة وجيزة من وفاة سيد المرسلين، التي خلفت حزناً، عميقاً، في نفس حسان.

تمهيد ثالث:
“وزي شايلني وسط الزحمة نبي الله الخِضرْ”
من قصيدة “سعاد”، للشاعر عمر الطيب الدَوشْ، رائد ومجدد في الشعر الغنائي بالسودان.

تمهيد رابع:
” ومرة شافت في رؤاها
طيرة تآكل في جناها
وحيطة تتمطى وتفلع
في قفا الزول البناها
فسرت للناس رؤاها
قالوا جنت ما براها…”
من قصيدة “نورة”، للشاعر محمد الحسن سالم حِميدْ، رائد ومجدد في الشعر الغنائي بالسودان.

… وهذه قصتي: إسماعيل آدم

.. قد تدمن القهوة، ولا تنفك.
… وقد يُرميك خَرم الشاي الحَاف، ولا تنفك.
وقد تواظب على تناول (القَارِصْ) وتمضي مدمناً، ولا تنفك.
بل، كم مرة تركت ما بين يديك من عمل، جاد ومصيري، وهرولت بين الشوارع والأزقة، مثل درويش سجى ليله، وجن جنونه، لتدرك شاي المغرب المَقَننْ في البيت، ولا تنفك.
كما ينبغي أن يكون الإدمان، من جانبي، أدمنت الكاتب العالمي العظيم غابرييل غارسيا ماركيز، حد السيطرة…نفس ووريد ووتين.
سيطرة سمحت له بدخول عالمي في سهولة ويسر: لا حواجز، ولا بطاقة هوية، ولا كلمة مرور.
ما انفك كاتب الواقعية السحرية يتربع يتوهط ويتجلى، في كل ما يعتريني في منلوجاتي، وعالمي المموه، وشواغلي غير المرتبة، التي تتراوح، جيئة وذهاباً، رغم أنفي.
ويتوغل، الكاتب التجريدي، أيضاً، إلى شؤوني المرتبة غير المكتملة، على نحو ما يعرف بتأثير (زيجارنيك)، في نظرية نفسية مغمورة تفترض أن المهمات غير المكتملة عند البعض، لا تنسى أبداً، بل تتحكم فيهم، كلياً، إلى أن تكتمل.
ومَهَمَّاتي وشؤوني غير المكتملة تشقيني، دائما.
وماركيز لا يكف عني…
بلغت سيطرته علي شأواً عظيماً حين سمح، كذلك، لإحدى جداته، بأن تتدخل، في شؤوني.
بسفور عجيب، نصّبتْ المرأة نفسها بطلة لعالمي المموه، خلال عملية جراحية أولى لعيني اليسرى، خضعت لها في مستشفى (أي اتش كي)، بالعاصمة الأوغندية كمبالا.
كنت باكراً هناك، وكانت الدقائق تمر على نحو دراماتيكي… سحري ووسني، كعبور الهواء بين الفراغات، أو كمرور الماء بين الاصابع… أو “كما يجرى الماء في عروق الشجرة”، على تعبير مرمري، للروائي والكاتب العبقري الطيب صالح.
وهناك، لم أعد أنا من يسيطر على زماني ومكاني وبعض شؤوني. بل كنت أسيراً في قبضة الزمان والمكان والشخوص… والاحتمالات، كما أذكر.
يا إلهي: لبثت، هناك، للحظات بين الوعي والغياب، قبل أن اتدحرج، سريعاً، في اتجاه الغياب.
ولمسافة قد تكفي لفرفرة الروح، وخروجها عن الجسد، أصبحت وجها لوجه مع جدة الكاتب العظيم ماركيز في غرفة خُصِصتْ لها، أو خَصَصتها هي لنفسها -لا يهم- تشرف على دهليز ضيق وطويل داخل البيت الكبير لجده لأمه.
كانت المرأة العجوز تنظر إلي بعينين واسعتين متوهجتين، وفيهما كلام. بل كانت عيناها بمثابة مخزنين واسعين لكلام كثير (من الأمس)، كما أذكر.
ولا تخلو نظرتها من حدة يشوبها علامات الكِبر، ووعثاء السنين، لابد أن بعضها كانت عجافاً عليها، على ما أذكر.
وكان وجهي مشدوداً متربصاً نحوها، مثل سهم بلا هدف.
اسألها عن أشياء أراها، وأخرى أتصورها، لتجيب المرأة العجيبة، بأسلوب قصصي، بسخاء وبشغف، يطرقا أولى أبواب التوتر.
وكنت مشدوداً، كذلك، بين تفاصيل ما تقصه علي من قصص الكاريبي وبين علامات، ووسوم، ووشوم، وخطوط نحتها الزمن على محياها الجميل.
تثمر أسارير المرأة العجوز توهجاً، أكثر، كلما تندمج في الحكي، لربما، كانت تجد في ذلك ترياقاً لأي انطفاء، محتمل، في وجهها الجميل المثقل، أيضاً، بطبقات السنين ومنوال التجارب.
كما، تبدو المرأة في حالة طرب، لا تغفلها العين، عندما تروي بطولات لأحد أشقائها، في حرب البسوس ببلادها كولمبيا.
تقول إن شقيقها المغوار، هذا، قُتل في الحرب، ولكن حدث ذلك بعد أن حقق جملة انتصارات على العدو في حرب العشيرة والعشيرة، قَتل فيها، بمسدسه التقليدي، عشرات الأعداء.
وترسم المراة على وجهها ابتسامة زهو وفخر، وهي تحكي عن شقيقها البطل، كما أذكر.
وأذكر أن الوقت كان يمر سريعاً، كعهده، في ذاك الصباح الباكر.
وفيما، أذكر أن رائحة القِدَم وغُبار السنين وعَطن الغرفة، لم يغادر أنفي، بينما تواصل المرأة القص.
ينتابني عطس يحبس أنفاسي، يشعرني بأكولة في أنفي وعيني وباقي وجهي، يرسم خطوطاً على وجهي، يشد وجهي، يستدر دموعي، ينكتم في يأبى المروق، كما أذكر.
وأذكر أن المرأة كانت تسدلُ على نفسها قميصاً منزلياً، ليس به طول ولا قِصرِ. لم يتسنْ لي أن أتبين ما إذا كان قميصها ينتمي لزمانها الماثل أم لزمانها المولي، على ما أذكر .
وأذكر أن كل شعرة بجسم المرأة كانت تبدو: إما بيضاء أو زرقاء زُرقة شاحبة باهتة، يخالطها بياض في غير اتساق.
كما، أذكر أنها كانت تعتني، بين لحظة وأخرى، بتسريحتها، وكأنها عروس في مباهج عُرس.
ثم تدخل المرأة، كثيراً، في نطاق هستيري، يثير في بعض خوف، وهي تحكي، ولكنه ليس نطاقاً يوصلني بخوفي حد الرعب، على ما أذكر.
كما، أذكر أن المراة كانت، تتقلب بحيوية، مفرطة، بين مناخاتها المتعددة، وهي تقص علىّ قصصها المحببة لديها، في حين كُنتُ، أنا المتابع للحكي أنال من تلك المناخات وصفات، معتبرة، من ذاك الخوف، وغير قليل من الدهشة، وبعض اعجاب، وتشكك.
وقصص المرأة فيها من الغرابة ما يكفي لتلك الدهشة، ومن المبالغة ما يرتفع لها حواجب التشكيك، على ما أذكر.
…وحول علاقته شخصياً مع هذه الجدة المندسة في عالمي المموه، أو ما يمكن أن اسميها: أميرة الدهليز، يسرد ماركيز، إنه قد تربى، أغلب سنوات عمره الأولى في بيت جده الكولونيل المتقاعد، هو وأخواته وأخوانه وأمه، خصوصاً، في سنوات درج والدهم، خلالها، على أن يضعهم في البيت الكبير، كيفما اتفق، قبل أن يمارس هروباً منظماً من مسؤولياته الأسرية باختلاق مشاريع وهمية بمناطق نائية، ليلقي، بذلك، المسؤولية، كلياً، على جده وأمه.
كما أن الكاتب يهرب إلى البيت الكبير، كما يوضح، بسبب ضجره من بيت أمه وأبيه، ليكون قريباً، من جده، لينهل من حبه الكثير له، وليكون، كذلك، في حجر جدته لأمه وهي، أصلاً، لا تطيق أن تفارقه من شدة حبها له، وبقربها ينهل من قصصها الليلية، خصوصاً، عجائب غير قليلة.
“كنت أنام مع جدتي لأمي في غرفتها، وكثيراً ما أنام معها على سريرها وفي حجرها، لأكون في متناول حكايات تقصها علي عن عالم الكاريبي، بعضها تنطوي على فصول مخيفة تضطرني إلى إغلاق فمها لمنعها من مواصلة الحكي، وذلك حتى لا أقوم باجترارها أثناء نومي، فيتحول ليلي إلى رعب في رعب”، هكذا يروي الكاتب. ويضيف: “كما أن جدتي تحرص على رفدي بالواجبات المحببة لي”.
ويواصل الكاتب القول إنه في يوم ما ضاقت غرفة جدته لأمه، وما حولها من مجال، بالضيوف، فحملوه لغرفة مجاورة، في البيت المتاهة، تسكن فيها أمراة عجوز، عرف لاحقأ بأنها أخت جده الكولونيل المتقاعد المهووس بالنظام، وبكل ما هو كلاسيكي وتقليدي، على حد وصفه.
وكان ذلك أول يوم التقيها وجها لوجه، وداخل غرفتها، يقول ماركيز،
اليافع، حينذلك، والكاتب العظيم، فيما بعد.
كما، يقول إنه لاحظ أن قصص، هذه الجدة المكتشفة، أخيراً، على الاقل بالنسبة له، تعود لعهود مضت بعقود، وأبطالها ماتوا منذ عقود، والأشياء ما حول رواياتها بعضها دخلت المتاحف، وأخرى ركنت في غرف النسيان.
ولاحظ ماركيز أن المرأة العجوز تمضي أغلب ساعات نهارها أمام مرآة عتيقة داخل الغرفة العتيقة، لتعلن عن نفسها، لتتحرى تفاصيل وجهها، ولا تكف عن إعادة ترتيب شعرها.
ثم يحكي ماركيز أنه استيقظ، ذات صباح باكر، سبقته ليلة عامرة بروايات عتيقة روتها له، فلم يجد الجدة على سريرها بالغرفة، وبحث عنها، لاحقاً، في الممرات ولم يجدها، أيضاً، ولا أثر لها في الغرف الأخري بالبيت المتاهة، ولا في بيوت الجيران، ولا في الحي، ولا في المدينة، ربما.
تحول اختفاء جدتي إلى حدث الساعة لدى بعض أفراد الأسرة، ومن بينهم أنا، كما بدأ الجيران، خصوصاً، من النساء يحضرون، يوميا، للبيت، لتقصي آخر أخبار اختفائها، الذي جرى في ظروف غامضة، بينما عدد، غير قليل، من أفراد الأسرة تعاملوا مع الخبر كأنه لم يكن… وكان ذلك، ما يثير فضولي وشكوكي، وتولد اسئلة في رأسي، يروي ماركيز.
في جلسة نسائية ببهو المنزل المتاهة، يقول ماركيز، فجرت إحدى الجارات قنبلة موقوتة بين الجالسين حين قالت، في لحظة تجلي وصدق مع نفسها، إن جدتها هي المتوفية حكت لها، في وقت سابق، أنها حضرت جنازة جدة ما ركيز العجيبة المختفية عن البيت المتاهة، وكان ذلك بعد الحرب الاهلية الأولى في كولمبيا ببضع أعوام، وحين حكت كان قد مضي على تلك الحرب نحو مئة وأربعون عاماً.
يقول ماركيز إنه عندما سمع هذه القصة ردد في نفسه: لقد فهمت.
ويضيف الكاتب: “ومن تلك اللحظة لم أدخل تلك الغرفة العجيبة، على الاطلاق، ولكني أتذكر تفاصيلها، كما هي، كما أن سيل الاسئلة، حول أسرار جدتي هذه ومصيرها، ستلاحقني ما حييت”.
تلاحظون أن، الكاتب الساحر، يرفض أن يتحمل مسؤولية ما روى عن جدته غريبة الأطوار، ويتهرب من تقديم تأويلات، قاطعة، عن اختفائها، وما حول ذلك من حكايات، مرسلة، يلفها الغموض، يطلقها ناس الحي، خلسة، وبعض من أهل البيت، همساً.
يطلق الكاتب دخاناً في الهواء، ويتركه يتلبد يتلوى يكاد أن يحجب الرؤية، ولا يغادر الفضاءات والنواحي، ثم يجلس، بمكرٍ في الجوقة، مع الآخرين ليتأمل المشهد ويسأل، ويكتفى بالسؤال.
وسؤال يحيل إلى سؤال، و…
بدوري، لن أتحمل المسؤولية، وأكتفي بالسؤال.
وأنصحكم بأن تكتفوا، من جانبكم، بالسؤال.
غادرتني جدة ماركيز، أميرة الدهليز، أو غادرتها أنا، لا أذكر كيف.
فقط، أذكر أن ذلك حدث على بعد خطوة من رحلة عودتي صعوداً إلى السطح من عمق سحيق – كنت فيه أجوس في عالمي المموه، واحتمالاتي- وذلك عندما دوى فوق رأسي صوت محمول بالقلق والأسف: “يا الله … نزيف”.
… يا إلهي “سَقَطتْ” (1) ، هكذا نَطقَتُ الجملة في سري، على ما أذكر.
وانزلقتُ، حالاً، في محنة صحية ليس لي بها سابق عهد، فصولها تنقلني، لأسبوع ونصف الأسبوع، من ألم فظيع إلى ألم أفظع، ولأسابيع من الألم المتقطع، إلى انتظار لاهب، إلى كثير من أسى (مالك الحزين).
يفج وطأة الألم سؤال ملح: هل ستأتيني جدة ماركيز أميرة الدهليز، مرة أخرى، بعد أن ذهبت، جل وساوسي بعودتها، أدراج الرياح، أو كما كنت قد ظننت.
شملني السؤال حد الرعشة، منذ الصباح الباكر، في مستهل يوم آخر سيكون حافلاً بالألم، والحضور والغياب… وعوالم مطموسة، ومموهة، ومبهمة… وكل هذا المنحى.
بدا مركز “جورجينا لطب العيون” بالعاصمة كمبالا وكأنه قد تأنق، في ذلك اليوم، من أجلي،
لأكتشف، لاحقاً، بأنه في الأصل أنيق، وبينه وبين الجمال أربعين وخمسين.
والطبيعة، هنا، تجود تعطيك خمسين في المئة، وربما أكثر، في معايراتك للجمال وزِيَن الأمكنة.
المطر في هطول، يسكبُ لونه الفضي في الأرجاء، بسخاء ووعد وأمل.
والمطر يزخ يحجب الرؤية، أحياناً.
والبروق على سُننها تمضي: تتخلق أمشاجاً، تولد، تتناسل في الفضاء، لتعيش برهة، خلالها، تتكسر وترعد تشاغل تشاعب، قبل أن تموت، على ما أذكر.
وأذكر أن شيئاً، مثل الضباب، كان يشارك المطر الأرجاء والفضاء، ويلامس هذا الجدران.
ثم ينعدم الأفق، كما ينعدم الظل قبيل الزوال، كما أذكر.
عامل النظافة الثلاثيني، في المركز العلاجي، كان يبدو أنيقاً، هو الآخر.
وكان العامل منخرطاً في وآد آخر، محكماً سيطرته على مكنسة منمقة، يحركها، لمنع تكاثر قطرات ماء منفلتة على مدخل المبنى، أثناء الهطول، ومن الناحية الأخرى، كان سابحاً في طرب، شديد، لأغنية طروبة، على ما بيدو، تأتيه من سماعتين وضعهما بعناية على أذنيه.
العامل يطرب وكأنه غاضب، ويرقص وكأنه في شجار، على ما أذكر .
وأذكر أن العامل كان غير مكترث لما يدور من حوله، سوى فِعل ما يتعين عليه فِعله، في تلك اللحظة، بمهارة وبحرفية، وبخطى تمضي، بشكل آلي، حتى عندما يمد يده اليمنى، من وقت لآخر، ليسحب إلى الأعلى، بما يكفي، بنطال بهت، بل، شحب سواده، وكان ملتصقاً بجسمه، على نحو ملفت.
وأذكر أن تلك الحركة المتكررة، كانت تكسبه حيوية، أكثر، في مَهَمّته.
تتجلى الأناقة في الداخل، حين تأتيك موسيقى حالمة من سقف المبنى، تُفشي راحة بالٍ وأعصاب.
وتبلغ الأناقة سَقفها الأعلى، حين تلفت انتباهك أن المكان، كله، يتزيا بلوحات، مُبعثرة، بعناية، على الجدران، ترفدها بالجمال والبهاء، وفي أريحية، تنتخب مشهدأ كلاسيكياً موحياً، في عمومه، يستدعي الماضي، ولا يغفل الحاضر.
كأن اللوحات تدخل مع الحضور في (ونسة) وحوار مفتوح بلغة الالوان، ودونما ترتيب، على ما أذكر.
في تلك اللحظة، مرت بذاكرتي أسماء ونجوم سودانية سمقت ورفدت حياتنا، وترفدها بكل ما هو جميل وبهي: بكري خضر، والنعمان، وغسان، وجار النبي أتيم، وجانو، ويعقوب (بوب)، وعبد الرحمن نور الدين مدني، وأبو الحسن مدني، وأمير شفيق شوقي، ووالده شفيق شوقي، وإبراهيم الصلحي، وسعدية الصلحي، وإنعام، وعصام عبدالحفيظ، وهالة طه، ونزيه، وحسن موسى، وبولا، وحسكنيتة، وشرحبيل، ولقمان عبدالله، وعمر قرشي، وعبدالحفيظ، وأحمد عبد العال، وشبرين، وأحمد الطيب زين العابدين، ومنعم حمزة، وود الحاجة، وأبو سمرة، والتشكيلي الصغير المتفرد عبد الرحمن أحمد…. وقائمة مضئية من عالم مدروج باللون والخط والضوء والخروج عن المألوف…وكذلك، الكثير من التمرد على كل ما هو عادي.
واللوحات في المكان بدت وكأنها تُربّت على كتفي، على ما أذكر.
وأذكر أن بعض اللوحات آثرت الالتفاف والغموض والتواري وراء أكمتها وظلالها، وكنت أفهمها ولا أفهمها، وكان في المدى بين الفهم واللافهم، تعتريني رعشة ونشوة ومتعة…. ثم لعثمة تحرضني على التحديق، أكثر، فيها والجري خلف الونها وخطوطها واضوئها وظلالها وفراغاتها.
وأذكر أن ذلك الطقس التشكيلي كان يسليني، ويروض انتظاري واحتمالاتي، ويصفي ذهني، لحد ما. ولابأس.
الثواني تدق تلاحق بعضها البعض…
في ركن قصي بالمبنى كانت هناك امرأة مسنة، لحد بعيد، تطرب للموسيقى الحالمة، كما تشي بذلك حركة رجليها، وأصابع يديها المعروقتين، بما يكفي.
كانت المرأة تجلس على كرسي عتيق أنيق، على ما أذكر.
وأذكر أن المراة كانت، بقصد أو غير قصد، ترسل رسالة تذكير بأن القلوب قد تمرض وتنهد، ولكنها لا تُشيب.
لاشك أن المرأة تنتظر شيئا ما لعينها اليمنى، وقد بدت مغلقة بغير احكام بلاصق طبي، ليس لي سابق عهد به، على ما أذكر.
وأذكر أن (لنا ورؤى ومحمد) كانوا في وجوم رهيب، ينتج خوفاً يعتلى محياهم، وتفضحه العيون.
يحاولون تبديد الحالة بابتسامات ينثرونها على وجهي، بزوايا متعددة، ولكن حالما تخفت وتذبل وتنطفئ…وتنتهي صلاحيتها ومفعولها.
يحاولون، مرة ثانية وثالثة ورابعة و… وعبثأ لا فائدة.
كلما يقتربون يتسع المدى وتبتعد الضفاف..
يغرقون في المحاولات.
وجلبة تتقدم تسود المكان، مصدرها أطباء وفرق طبية وحّمالو قطن وشاش ومعقمات وغيره، من عدة الشغل، ينشطون حد الفرفرة، على ما أذكر.
وأذكر أن الاقنعة الواقية المكممة باحكام لوجوههم كانت تخفي معالم وجوههم، وكانت ترسل إشارات إنذار .
تتواتر بين هذا الجمع الغفير لغة إنجليزية بلهج أوغندي ولغة لوقاندا الاوغندية، لتثمر اللحظة لغة هجين تتسربل بلثغة وتلتف بلدغة، فأفهم، أحيانا، ما يقولون، وأحياناً كثيرة، أتعثر ولا أفهم، ولكني، في كل الأحوال، اتصور المعنى والمقصد، كما أذكر.
كل الطرق هنا تؤدي إلى روما، على ما يبدو.
وأذكر أن غابة من الأسلاك قد تشابكت في الأرجاء، بينما تتمدد طاولة، هناك، في منتصف المسافات، تترقب شيئا ما.
وأذكر بأنني تذكرت، حينئذٍ، طاولات مماثلة عليها تكتب للحياة آجال جديدة، وعليها، أيضاً، تنته الآجال.
ابتسمت بفم جانَبَه إلتواء، بدرجة ما، على ما أذكر.
“.. كل شئ سيكون على ما يرام”، كانت تلك آخر جملة مفيدة سمعتها، كما أذكر.
وأذكر، حينها كان الجو بارداً، ويتوغل سريعاً في برودته.
ويقل المطر ويبقى الضباب.
وأذكر أن الضباب كان كثيفاً يعم الفضاء، يقابله ضباب آخر قد بدأ يسود رأسي. ورأسي يتنمل.
حاولت هبش رأسي، ولو لمرة واحدة، للتأكد من أنه لايزال موجوداً في محله، ولكني فقدت القدرة على ذلك، كما أذكر.
وأذكر أن كل شئ كان ينبهم وينطمس، من لحظة إلى بعدها.
وحاولت جاهداً أن أنوه عن نفسي في المكان، ولو بهمهمة، ولكن، عبثأ، قد فشلت، على ما أذكر.
ولا أذكر شيئا، يذكر من بعد ذلك…
لاشك، أن ستاراً حريرياً ناعماً قد أسدل علي، حال بيني وبين عالمي الخارجي، تماما.
ولا شك إنه كان شيئاً أشبه بتبادل الليل والنهار لوجودهما الأزلي فينا، صباحاً ومساءً.
و”زي شالني وسط الزحمة نبي الله الخضر”،على قول الشاعر المجدد ” الدوش”، دخلت، مرة أخرى، وبشكل كلي، في فضاء منلوجي مموه سحيق وواسع، كما، أذكر.
وعلى مسافة غير بعيدة من ذاك البرزخ، عكف علي- وهو في هيئة عبور بشارع، جنباته محفوفة بالخضرة والمروج ورائحة بلل – “الزميل الطاهر المرضي” يقود سيارة من طراز” التويوتا – برادو” آخر موديل، بلون سماوي مموه، لامع وجميل، وبصوت خفض.
وكان بمعية “المرضي” عدداً من الرجال والنساء في ثياب بيض وشعر مجدول مسدول ووجوه باسمة، ليس عليها غبرة، ولا تكسوها قترة.
وكان المجال غيم، والسماء تمطر ولا تمطر، وهناك وضوح وغموض وخيالات تتراءى.
لم يتسن لي حساب عددهم ، ولكني لاحظت أنهم في كرنفال من أمرهم، يجتاحهم فرح رخيم، يشابه اللحظات والأرجاء أربعين وخمسين.
ثم كل شئ يمر في كسر من الثواني..
والثواني مشدودة بتطورات اللحظات.
توقف” المرضي” بمحاذاتي ولوح لي بيده أن أنضم للركب الميمون. قلت له إلى أين؟ قال إلى الجنة!
سألته بصوت مبحوح مثقل بهاء الفجآءة والدهشة: يازوووول؟
وأسئلة أخرى تشكلت وتفرعت ورفعت أسلاكها في رأسي، تطال عنان السماء.
هل متُ، أصلاً.
وهل حظيت بجنازة وقبر… وبدعاء المشيعين على القبر.
وهل، فعلاً، مررت بحال “لكل امرئ منهم يومئذٍ شأنٌ يغنيه”.
هل أوفيت مستحقاتي. وتكاليفي، بما يكفي.
هل عاملت الناس بما يكفي تكليف: الدين المعاملة.
هل أوفيت كل فروضي وسنني وصدقاتي.
وهل…
وهل…
وهل مشيت على الصراط المستقيم، أصلاً، حاملاً كتابي بيميني.
تطول الأسلاك فوق رأسي، وتتشابك الاسئلة أكثر في رأسي.
يستعجلني” المرضي” : (إنت اركب بس)!
بقفزة إلى الأعلي والأمام، معا، وجدت لنفسي مكاناً، مرموقاً، وسط كرنفال الجنة.
فهل من عاقل يرفض دخول الجنة بهذه السهولة واليسر، وبهذا المشهد الاحتفالي المهيب.
“إنه على كل شئ قدير”.
ويمضى الكرنفال في سعادته…
” لَّا تَسۡمَعُ فِيهَا لَٰغِيَةٗ (11) فِيهَا عَيۡنٞ جَارِيَةٞ (12) فِيهَا سُرُرٞ مَّرۡفُوعَةٞ (13) وَأَكۡوَابٞ مَّوۡضُوعَةٞ (14) وَنَمَارِقُ مَصۡفُوفَةٞ (15) وَزَرَابِيُّ مَبۡثُوثَةٌ (16)”، سورة الغاشية.
ويمضي…
“إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيۡنٗا يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا (6)”، سورة الإنسان.
ويواصل ركب أهل الجنة ..
“مُّتَّكِـِٔينَ فِيهَا عَلَى ٱلۡأَرَآئِكِۖ لَا يَرَوۡنَ فِيهَا شَمۡسٗا وَلَا زَمۡهَرِيرٗا (13) وَدَانِيَةً عَلَيۡهِمۡ ظِلَٰلُهَا وَذُلِّلَتۡ قُطُوفُهَا تَذۡلِيلٗا (14) وَيُطَافُ عَلَيۡهِم بِـَٔانِيَةٖ مِّن فِضَّةٖ وَأَكۡوَابٖ كَانَتۡ قَوَارِيرَا۠ (15) قَوَارِيرَاْ مِن فِضَّةٖ قَدَّرُوهَا تَقۡدِيرٗا (16) وَيُسۡقَوۡنَ فِيهَا كَأۡسٗا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا (17) عَيۡنٗا فِيهَا تُسَمَّىٰ سَلۡسَبِيلٗا (18) ۞ وَيَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيۡتَهُمۡ حَسِبۡتَهُمۡ لُؤۡلُؤٗا مَّنثُورٗا (19)”. سورة الإنسان.
ويتواكب ما هو في اللوح المحفوظ….
“عَلَىٰ سُرُرٖ مَّوۡضُونَةٖ (15) مُّتَّكِـِٔينَ عَلَيۡهَا مُتَقَٰبِلِينَ (16) يَطُوفُ عَلَيۡهِمۡ وِلۡدَٰنٞ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكۡوَابٖ وَأَبَارِيقَ وَكَأۡسٖ مِّن مَّعِينٖ (18) لَّا يُصَدَّعُونَ عَنۡهَا وَلَا يُنزِفُونَ (19) وَفَٰكِهَةٖ مِّمَّا يَتَخَيَّرُونَ (20) وَلَحۡمِ طَيۡرٖ مِّمَّا يَشۡتَهُونَ (21) وَحُورٌ عِينٞ (22) كَأَمۡثَٰلِ ٱللُّؤۡلُوِٕ ٱلۡمَكۡنُونِ (23)”. سورة الواقعة.
تبلغ السعادة مضارب الحور العين….
وبينما كنت أتفيأ سعادتي تلك، بما لا يستطيع أن يوصفها واصف فوق صاحب الوصف العظيم، فجأة، عكر صفوها من يقول:
It’s a perfect Surgery
ثم صوت، آخر، كأنه صوت راعي، في آخر القطيع، يعلن اكتمال مَهَمًته الصعبة في يوم طويل، أمضاه في خلاء موحش:
Very nice operation.
وتوالت الأصوات، على نسق شق جدار سعادتي، في حين كنت في كنف السَفَرة والكرام البَررة، ومفتوحاً على أشرعة السندس الخضر، والحور العين…ومَن وسلوى، لتضع الأصوات نهاية، صلبة، لكل ذلك الرضا.
رويداً رويداً، تلمست رحلة عودتي من عالمي المموه، وما حوله من ملتبسات وأرواح ووهوم، وغير قليل، من خيالات محضة.
على السطح، وعلى بعد برهة من برزخي، ذاك، رأيت ظلالاً باهتة لناس، ودُهم بشرية في هيئات بيضاء وخضراء وبين بين، يتحلقون حولي، يعبرون عن فرحتهم بإنهاء مهمتهم بنجاح، وكانوا كمن ينخرطون في إيقاع ورقصة (أُم دِقِينَة) (2) بدوزناتها العالية، وصداها العميق المموسق المثير. أو شيئاً يشابه روعة اتمام الحياكة بالحرير.
قالوا لي سلاما.
قلت لهم، على كل حال، الشكر والسلام:✋🏿

//////


((( هوامش )))
1- (سَقَطتْ): سمعت هذه الكلمة في إطار دلالي، لأول مرة، في صغري. وكان ذلك على لسان جدتي( حبوبتي) مريم ( أُم ريدات) لها الرحمة والمغفرة.
ذهبت حبوبتي أُم ريدات إلى سوق الأربعاء في بلدتنا، وجاءت في المساء حزينة باكية منطفئة، كما لاحظت ذلك.
وبعد أن وزعت علينا: أنا وأخواتي وأخواني”خيرات السوق” من حلويات: حَربة، ولَكوم، ودِربِس. وبسكويت، وطحنية، ومنقة، والبَنَقَو (البطاطا – البمبي) المسلوق، وغيرها، سألتها: مالك يا حبوبة تعبانة كده، قالت لنا: (“محمد أسد” ودوه نيالا مريض، ومنها ودوه الخرطوم، وهناك شَرَحَوه”أي أجريت له عملية جراحية” وعمليتو سَقَطتْ ومات محل الشَرِح).
ومنذ ذلك الحين، علق في ذهني أن كلمة سَقَطتْ تعني، أول ما تعني، المضاعفات أو الفشل، الذي يحدث في العمليات الجراحية. وواصلت استخدمها، في هذا السياق والإطار الدلالي، إلى اليوم.
2 – (أٌم دِقينةْ): رقصة شعبية شهيرة بايقاع، راقص وطروب، تنتشر في دارفور. في الغالب تتشكل هذه الرقصة في الربع الأخير من الحفل: مسك الختام.

((( تنويه )))
خضعت، في مايو الماضي، لعملية جراحية في عيني اليسرى، تقع ضمن العمليات البسيطة والسهلة، وفق تقديرات وتجارب الاطباء، ووفق التجارب المعاشة لدى عامة الناس.
ولكن، تعرضت العملية لمضاعفات، صعبة وقاسية، تمثلت في حدوث نزيف، مفاجئ، أثناء العملية، أغرق العين بالدم، وفقدت الرؤية بها، تماما.
والأخطر، أن الدم غَمر الشبكية، من أقصاها لأقصاها، وأثقل عليها، وهددها، بقوة، بالانفصال، كما أفاد الأطباء.
يا إلهي، لقد وقعت محنتي الكبرى، واختباري الصعب، من رب العالمين.
كتب لي رب العالمين الشفاء، والحمد والشكر له، وذلك بعد سلسلة عمليات ووصفات علاجية وإرشادات، بجداول زمنية، امتدت لثلاثة أشهر ونصف الشهر.
لنحو أربعين عاماً، ظللت مبذولاً للاخبار الصحافية، أطاردها وتطاردني.
وفي رقصة (التانغو)، المصيرية والمستمرة، بيني وبين الأخبار، تكمن سعادتي وشقائي. أعمل الساعات الطوال، يوميا، لترويضها، فيما تمارس الأخبار، من جانبها، عادات الخيول: نفور، وجفول.
وللأخبار، أيضاً، صهيل.
كما، ظللت ولازلت، أكتب أخبار (الآخرين للآخرين) بالتكثيف العالي، وبالاختصار الشديد، في عملٍ أكرسه، ما وسعتْ طاقتي، لإعلاء الالتزام، الصارم والصلب، بشروط كتابة الخبر الصحافي: لا حشو ولا تطويل، وتوخي جاد، لباقي الشروط. والكمال لله.
أما وقد صرت أنا (الخبر) وأسئلته… وكذلك البطل، في تلك المضاعفات الفظيعة، فاخترت أن اقدمه لكم، بتفاصيل التفاصيل، في مغايرة حفلت، ربما، بالحشو والتطويل، وفي مراوحة ومزاوجة بين قص حُر يتمرد على القيود وبين الرَوي الخبري، المُكَبل بشروطه الصارمة.
ربما، وجدتم في قصتي هذه بعض عبرة، وبعض مأثرة. وربما وجدتم فيها بعض تسلية، وبعض تزجية للوقت. وربما وقعت عندكم وقع (الكلام السَاكتْ)، أو (البندق في بحر). وكله وآرد.

((( لائحة شكر )))
الشكر الجزيل لاختصاصية العيون الدكتورة (جولييت أوتيتي)، في مركز (جورجينا للعيون) بالعاصمة الاوغندية كمبالا، فقد أنجزت وهي- طبيبة معالجة ومديرة المركز- وفريقها عمليتين: الثانية والثالثة بنجاح واقتدار، وسلكوا بروتوكولاً سلساً، أتاح، لهم ولي المجال، ليكونوا معي في أغلب الأوقات، في المركز أو البيت، مباشرة وغير مباشر، يحيطونني بالرعاية ولطف المعاملة، إلى أن شفيت، وعاد لي بصري. وأخص بالشكر فريقها: الدكتور صمويل وافوبوا، والممرضان: مايكل اجوكو، وجاكوب ابوبك، ومن لم تتح لي الفرصة لمعرفة أسمائهم.
///
والشكر الجزيل لاختصاصي العيون الدكتور (جوفري وابوليمبو)
بمستشفى (آي أتش كي) بكمبالا، الذي أجري العملية الأولى.
لا شك أنه كان قد أعد كل شئ باهتمام ومسؤولية ودراية ودربة وخبرة، ولكن قَدر الله جاء نافذاً: (سَقَطَتْ) العملية.
اتخذ، الرجل، من بعد، جملة قرارات علمية وفنية، غاية المسؤولية، مهدت السبيل لشفائي، ورد بصري.
///
الشكر الجزيل لبنتي وولدي فلذات كبدي: لنا، ورؤى، ومحمد، وأحمد.
كانوا في مقام البِر والوفاء والمسؤولية والشغف، كما عهدتهم.
وكانوا من حولي
أنفاسي ووريدي ونبضي.
///
والشكر الجزيل لشقيقاتي وأشقائي: مريم، وكلتوم (تَمو)، و(مصرية)، وسليمان، وعبد العزيز، ومحمد.
ولإبن أختي مريم: أمجد عبد الرحمن يحي.
ولبنات وأبناء خالتي وخالي: بتول، وأُم بِراهيم، والدكتورة نضال، وسليمان الجَنة، ومنعم.
ولعمتي كلتوم صالح، وزوجها أحمد كَشومة، وابنتيهما: رشيدة، وأفراح.
وللعم محمد إدريس (بأبوجا).
وللاخ محمد أبكر (همة).
///
الشكر الجزيل لشبكة الجزيرة، لايفائها، التام، بالتزاماتها نحوي- وأنا أحد العاملين فيها- وذلك طوال فترة محنتي، ومراحل علاجي. الشكر الجزيل لجميع المعنيين، في هذا الخصوص: بالدوحة وبمكتب الخرطوم.
///
والشكر الجزيل للاصدقاء والأخوان والزملاء في الحقل الصحافي وخارجه، الذين كانوا يواظبون على التواصل معي، والسؤال عني، يومياً، أو من أيام لأخرى. أو الوفاء بالتزاماتهم نحوي، على مدى فترة مرضي: اسماعيل محمد علي سيد احمد وزوجته إيمان جمال ( ناني)، وأحمد عثمان (ود يابس) وزوجته نضال، وجمال عبد القادر وزوجته لمياء ميرغني، وموسى أحمد موسى ( فَرفَر)، وعثمان كباشي، والبدوي يوسف، وصالح عجب الدور، والمسلمي الكباشي،
وأحمد فضل، ومحمد قمر، ووئام عبد العاطي، وعبدالرحمن الأمين،
ومحمد طه توكل، والدكتور عبدالمطلب الصديق، وعمر اسماعيل، وصديق الشَم، وعبدالله آدم خاطر، وماجدة حسن، وعمر بشير، وإيمان كمال، والدكتور محمد شرف الدين، واختصاصي العيون الدكتور يحي عروة، وعصام إبراهيم (الكَجر)، وطارق صديق علي الصديق، وميرغني إبراهيم عبود.
///
والشكر الجزيل للإخوة والزملاء بمكتب الجزيرة بالخرطوم على تواصلهم معي، يوفون بالتزاماتهم، الإدارية والأخوية، نحوي، ويكرمونني بالدعاء، ويرفدوني بأمل يخفف عني ألمي:
مدير المكتب المسلمي الكباشي، وئام عبد العاطي، والطاهر المرضي وأسرته، ومحمد قمر، وأحمد فضل، وعبد الباقي الظافر، وعبد الرؤوف طه، وأشرف صديق، والطيب حسن، وأسامة سيد أحمد، وأحمد البصيلي، ومحمد سليمان( مباشر)، وياسر سليمان، وعلي أبشله، ومحمد عمر (مباشر)، وبشير الجيلي، وعبده معروف ، ومجدي الصادق، وخالد بلو.
///
الشكر الجزيل للاخوة والزملاء في مكتب الجزيرة بإثيوبيا على تواصلهم معي، والشد من أزري وإكرامي بالدعاء: مدير المكتب محمد طه توكل، وحسن رزاق، وهيثم أويت.

///
والشكر الجزيل للأخوات والأخوان، والزميلات والزملاء، في الحقل الصحافي، لعيادتهم لي، أثناء مرضي، ورفدي بالدعاء والمؤازة:
اسماعيل محمد علي سيد احمد ،وجمال عبد القادر البدوي، وأحمد يونس، وصديق الشًم، وعثمان كباشي، والبدوي يوسف، ومحمد عبد العزيز، وعلاء موسى، وماجدة حسن، وإبراهيم حامد، وأحمد عزالدين الدين، وإيمان كمال، وفيصل محمد صالح، وصالح عجب الدور، ومحمد طه البشير، وخالد سعد، وعبدالله آدم خاطر، وعبد الرحمن الامين، والطاهر ساتي، ووجدي الكردي، والدكتور عبدالمطلب الصديق، وانتصار جعفر، ومها التلب، وخالد عويس، ولينا يعقوب، ومحمد لطيف، والصادق الرزيقي، ومحمد المكي، والدكتور عبد الملك النعيم، وعبد المنعم أبو إدريس، وعادل عبد الرحمن (عادل الكوة)، والطاهر المعتصم، وعيدروس عبد العزيز، وأماني عبدالله عبد الرحيم (أماني السفاح)، وعادل عبدالرحمن عمر (صاحب مقالات العزيزة أمل)، ووجدان طلحة، وأحمد جمام، وسلافة أبو ضفيرة، وفيصل خالد، وزين العابدين أحمد محمود (زينكو)، وناصف صلاح الدين، وكمال إدريس، وإبراهيم مصطفى، ومحمد عثمان يوسف وردي، وأحمدعبد الغني، وأزهري يس، والكاتب الريح عبد القادر (دفعة)، الدكتور محمد شرف الدين، وعادل الريح، وسعاد عبدالله، والدكتور محمد الناير، والوليد مصطفى، ومحمد عيسى، ومحمد عوض ، وخالدة إبراهيم (بت العمدة)، والوليد النور، والفاتح سعد، ومحمد خالد أبو نورة، ومشاعر عثمان، والطيب أحمد، وأبوبكر الزاكي، وعمر قرشي، وراشد جبريل، وعبد الباقي العوض، ونادر علي، والمقداد حسن، وعاصم بكري، ومحمد صالح ( باريس).
///
والشكر الجزيل لزملاء الدراسة بسوهاج وأسيوط بمصر، كان تواصلهم بمثابة الشفاء والدواء:
إسماعيل محمد علي سيد أحمد (سمعة)، وجمال عبد القادر (جيمي) ، وأحمد عثمان (ود يابس)، وعادل عبد الرحمن عبد الرازق (عادل الكوة)، والدكتور عبد المطلب الصديق (كبير الأساطين) ، وجابر سهل (عم جبرتي)، وعيدروس عبد العزيز (نِمس)، ولطفي شريف عبدالقادر، والدكتور النور جادين (كابتن نور) ، وفيصل خالد (بوشي)، ومصطفى عربي الصلحي (درش)، وعمر عبد المطلب (ود القبايل)، وأماني عبدالله عبد الرحيم (أماني السفاح)، ناجي محمد مجذوب، وعادل الريح(زويلو)، ومحمد محمد صالح المنصوري (منصوري)، وكامل الرهيو (ود الرهيو)، وحليمة آدم (عبده)، وخالد عواتيه، وإسماعيل عبدالله مهدي (اسماعيل النهود)، وعبد الرحمن طيفور، وعثمان صالح (شرذمة)، ومولانا عصام، والولي العبيد (عركي) والماحي، وأبوعبيدة عثمان، ومحمد حمد النيل، وفريد عابدين.
///
والشكر الجزيل للأخ المهندس عبد المنعم عثمان (الشَم) وزوجته خالدة.
///
والشكر الجزيل
للأخوة الأطباء، الذين قدموا لي بأريحية استشاراتهم الصائبة والمحفزة، وكذلك، اهتمامهم الانساني النبيل بحالتي: اختصاصي العيون الدكتور يحي عروة، واختصاصية العيون الدكتورة الرضية علي سالم بالسعودية، واختصاصي التخدير الدكتور سيد قنات، واختصاصي العيون صفوت البدري، واختصاصية العيون الدكتورة ثويبة ببورتسودان، واختصاصية العيون الدكتورة ياسمين بكمبالا.
///
والشكر الجزيل للخالات: كوشيه علي الصديق، وعفاف علي الصديق، وست البنات. وللأخ المعز إبراهيم عبود، وللأخ علاء الدين طه علي الصديق، وللأخت يسرا طه علي الصديق (تبوش).
///
والشكر الجزيل للأستاذة سعاد عروة.
///
والشكر الجزيل للأخ الحبيب: أزهري آدم (الحرر الناس). وأزهري هذا عرفته ميكانيكياً وسائقاً، ثم أخ وشقيق لم تلده أمي، لها الرحمة والمغفرة. كما عرفته، كذلك، كتاب إنسانية وبشاسة وصدق ووفاء وكرم. ساكتب هذا الكتاب في يوم ما، إن شاء الله.
///
والشكر الجزيل للأخ الدكتور عثمان (كنين).
///
والشكر الجزيل للأخ عمر جاد السيد (عميرة).
///
والشكر الجزيل للمهندس محمد سليمان، وزوجته رانيا، وأبنائهم: ميرا، ومزن، وعمر، وعبدالله (عبودي).
///
والشكر الجزيل للأخ الدرديري علي وأسرته الكريمة: أماني مصطفى، ورحاب مصطفى، وريل الدرديري، ومجتبى الدرديري، ومدثر الدرديري، والصغيرة جود.
///
والشكر الجزيل للاخ كمال صلاح الدين (السودان الحديث).
///
والشكر الجزيل للأستاذ الصادق علي حسن.
///
والشكر للاخ عوض الكريم الشيخ مصطفى الامين
///
والشكر الجزيل لزميلات وزملاء بنتي وولدي: عائشة الطريفي، ومآرب محمد، وعلم الدين، وأكرم عبد النبي، ومصعب، وعبير طه.
///
والشكر الجزيل للأخ أستاذ الموسيقى الدكتور محمد آدم سليمان (ترنين).
///
والشكر الجزيل للأخ محمد زكريا.
///
والشكر الجزيل للحبيب الشاعر مختار دفع الله.
///
والشكر الجزيل للأخ الدكتور بدر الدين عمر الحاج موسى.
///
والشكر الجزيل للاخ جدو انتكينة.
///
والشكر الجزيل للمهندس محمد بلة
///
والشكر الجزيل للأستاذة نون عيسى الحلو.
///
والشكر الجزيل للأخ عمر أحمد علي
///
والشكر الجزيل للأخ مضوي الرحيمة.
///
والشكر الجزيل لأعضاء (قروباتي المفضلة) على تطبيق واتس.

والشكر الجزيل للجميع.
والعذر كله للجميع.
ولكم، جميعاً، التحية والاحترام.

لا توجد تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
دخول سجل اسمك المستعار
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور
حجز اسمكم المستعار سيحفظ لكم شخصيتكم الاعتبارية ويمنع الآخرين من انتحاله في التعليقات
التعليق كزائر سجل اسمك المستعار نسيت كلمة المرور