إضعاف

إضعاف
  • 09 سبتمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

صباح محمد الحسن

طيف أول:
الظل قبل أن ينكسر يسير نحو حتفه، يلتهمه الضوء وفي طريقه يجد أرواحًا أصبحت تماثيل، ليس أكثر!!
والخبر الذي أوردته دارفور24، والذي كشفت فيه عن اعتقال قوات الدعم السريع لـ(38) عنصرًا من قوات الشرطة بولاية شرق دارفور، يُعد بالفعل من أول المؤشرات الخطيرة على ما يمكن أن يترتب على وجود حكومتين متصارعتين داخل دولة واحدة، ويجسد ملامح الانقسام السياسي والأمني التي تتجلى بوضوح.
وقالت “دارفور24” إن الدعم السريع اعتقلت عناصر الشرطة واستولت على مبالغ مالية عبارة عن أجور شهرية حُوّلت لهم من رئاسة الشرطة بمدينة بورتسودان إلى حساب مركز تحويلات مالية. وأشارت إلى أن استخبارات الدعم السريع، منذ الأربعاء الماضي، تنفذ حملة شرسة ضد عناصر الشرطة الذين ظلوا باقين مع أسرهم في شرق دارفور، التي تخضع لسيطرة قوات الدعم السريع منذ انسحاب الجيش من الولاية في نوفمبر من عام 2023.
وذكر أحد أفراد الشرطة في مدينة الضعين، حاضرة الولاية، لـدارفور24، أن الحملة جاءت بسبب تحويل مبالغ مالية تُقدّر بـ70 مليون جنيه، تابعة لعناصر الشرطة في محلية أبوكارنكا. وأوضح أن الرواتب حُوّلت من رئاسة الشرطة ببورتسودان إلى حساب أحد مراكز التحويلات المالية في “أبوكارنكا”، شرق مدينة “الضعين”، الواقعة تحت سيطرة الدعم السريع.
وأضاف أن استخبارات الدعم السريع اعتقلت صاحب مركز التحويل وصادرت المبلغ المالي الذي لم يتم تسليمه لأفراد الشرطة عن طريق تطبيق “بنكك”، كما تقوم بملاحقة الذين استلموا مرتباتهم من صاحب المركز.
وعقب سيطرة قوات الدعم السريع على ولاية شرق دارفور، دعت عناصر الشرطة في مناطق سيطرتها إلى الالتحاق بقوات الشرطة الفدرالية التي أنشأتها في دارفور وكردفان، حيث انضم إليها العشرات، بينما امتنع البقية.
والواقعة ليست مجرد تجاوز أمني، بل تمثل أولى علامات انهيار وحدة الدولة، وتكشف عن واقع جديد يتمثل في وجود سلطتين متنافستين، كل منهما تدّعي الشرعية وتفرض سيطرتها على الأرض.
فوجود حكومتين يهدد بانهيار مؤسسات الدولة، ويخلق حالة من الفوضى القانونية والإدارية، حيث لا يعود واضحًا من يملك سلطة إصدار الأوامر أو حماية المواطنين.
كما أن هذا الانقسام يفتح أيضًا الباب أمام مزيد من الانتهاكات، ويجعل من الصعب على أي جهة دولية أو إقليمية التعامل مع السودان ككيان موحد.
ويبدو أن الدعم السريع تريد أن تؤكد نزع الشرعية عن حكومة بورتسودان، وأنها لا تعترف بشرعية الحكومة التي يقودها الجيش هناك، وتعتبر نفسها السلطة الفعلية في المناطق التي تسيطر عليها، خصوصًا في دارفور.
كما أن الحادثة تبرز ملامح السيطرة الأمنية والإدارية؛ فباعتقال الشرطة ومصادرة المرتبات، ترسل الدعم السريع رسالة بأنها هي من يملك زمام الأمور، وأن أي جهة أمنية أو إدارية لا تعمل تحت مظلتها تُعتبر “عدوًا داخليًا”.
والحادثة أيضًا تمثل إضعافًا للروح المعنوية للقوات النظامية، وتهدف إلى بث الرعب والارتباك في صفوفها، وإظهارها بمظهر العاجز عن حماية عناصره حتى في مناطق النزاع.
لذلك أن للحادثة آثار عسكرية مباشرة وغير مباشرة على الميدان
إذ تؤدي إلى إضعاف شبكات الاستخبارات التابعة للجيش، حيث تُعد الشرطة المحلية مصدرًا مهمًا للمعلومات الاستخباراتية، واعتقال عناصرها يضعف قدرة الجيش على جمع المعلومات الدقيقة عن تحركات الدعم السريع في دارفور، مما يحد من فعالية العمليات العسكرية المضادة.
كذلك، الواقعة تخلق فراغًا أمنيًا قد يُستغل عسكريًا؛ فغياب الشرطة النظامية يفتح الباب أمام الدعم السريع لتجنيد عناصر محلية أو فرض “شرطة بديلة” موالية لها، مما يخلق قوة أمنية هجينة يمكن استخدامها في العمليات العسكرية أو في قمع أي مقاومة مدنية.
كما يمكن أن تؤدي إلى تفاقم العمليات وتصعيد التوترات داخل صفوف القوات النظامية، وقد تُفسر داخل الجيش على أنها إهانة مباشرة، مما يدفعه إلى الرد بعمليات عسكرية انتقامية، ويزيد من حدة التصعيد في مناطق أخرى، خاصة إذا تكررت مثل هذه الحوادث.
طيف أخير: 
#لا_للحرب
أعلنت منسقية النازحين واللاجئين في إقليم دارفور تسجيل 270 إصابة جديدة و6 وفيات بالكوليرا أمس، ليرتفع العدد الكلي منذ تفشي الوباء إلى 10,297 إصابة، بينها 416 وفاة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*