القراف *(بكسر القاف)* لغة يعني المخالطة ، والخساسة ، واللحاء ، والجرب الذي يصيب الإبل ، ويعني مباشرة الفعل ، واكتساب السوء ، الخ …
وعندنا في السودان ، وتحديداَ في هذا المثل *فالقراف هو إناء جلدي محشو بالقش أو العلف أو الذرة ، أو صندوق خشبي* يوضع على ظهر البعير ..
فذا أراد حاديه أو راكبه أن يسرع به أو يطوِّعه من *غير أن يؤذيه أو يستثير حنقه ، لأن الجمل حقود* ، ضرب علي القراف *فيخاف الجمل وينتبه فيسرع ويطيع صاحبه* ، خوفاَ من أن يتحول الضرب من القراف إلى جسمه ..
والمثل يقال لمن *قصد بعث رسالة معينة لطرف ثالث فيها تحذير مبطن* ، فيبطش بمن حوله ، فيفهم الطرف الثالث الرسالة ، ويلزم حده ، من منطلق إياك أعني فأسمعي يا جارة ، أو *أضرب زيد ينقرع عبيد* ..
وقالوا والعهدة علي الراوي ، أن أحد أبناء طائفة صوفية مشهورة ، كانت لزعيمها كلمة مسموعة في أمر البلاد ، كان هذا الابن يتلقي العلم ومعه مجموعة محدودة من أبناء المحظيين ، وكان لهم *مُعلم مُؤدِب يكثر من الضرب* ، ولكنه لا يستطيع أن يمد يده بالضرب على إبن الزعيم الطائفي مهما *اخطأ أو عجز عن الفهم* ، لهذا أُلحِق بهذه المجموعة تلميذُُ اخر من غمار الناس محدود التفكير ، وعندما يري المعلم أن ابن الزعيم غير قادر على استيعاب الدرس ، أو عاجز عن الإجابة ، كان يتجه مباشرة للتلميذ الآخر ويسأله عن ذات الشئ ، مُدركاً انه سوف يجيب إجابة خاطئة ، ويصدق توقعه ، وهنا يثور المعلم ويصب غضبه عليه ، *ويعاقبه بالضرب المبرح وعينه على ابن الزعيم* ، ويتلقي التلميذ المسكين ثمن جهله وجهل ابن الزعيم معاً ، فيرتاح *ضمير المعلم الكذوب* ، ويشعر بما يسميه علماء النفس بالإزاحة النفسية ، ويحس أنه أدى ما عليه من مهمة ، فقد *علّم وشرح وعاقب* ..
وهذا عين ما فعلته أمريكا بالامس عندما *أصدرت وزارة خزانتها* ممثلة في مكتب مراقبة الأصول (*أوفاك*) ، *قرارات عقابية* ضد شبكة دولية تشمل بعض الشركات والأفراد الكولمبيين و(*جهات دولية لم تسمها*) ، عقاباً لهم على دورهم في *تهريب مقاتلين ومرتزقة كولمبيين* إلى دارفور ، شاركوا في القتال ، أو قاموا *بتدريب مقاتلين من الدعم السريع بينهم أطفال* ، الأمر الذي ساعد على تأجيج الحرب في هذا الإقليم ..
وشمل القرار *عقوبات مالية تختص بالتمويل وتجميد الأصول داخل النطاق الأمريكي* ، وشملت *تحركات المُعاقَبين ومنعهم من دخول أمريكا* ..
وهي كما أرى *عقوبات لا ترقي إلى مستوي الجُرم* ، بل تحوم حوله ، فهل يمكن اعتبارها على *شاكلة ذر الرماد على العيون* ، أو تعبيراِ عن عجز لازم سياساتها ، وهي تري جهل (*ابن الزعيم*) ولا تستطيع معاقبته ، فتعاقب (*التلميذ البليد*) بدلاَ عنه ..
فالكل يعلم أن هذه الشركات تابعة *لمنصور بن زايد* في الخفاء ، وهو مدير الصندوق السيادي الاماراتي ، وأن *الإدارة الكولمبية ما هي إلا غطاءً لأفعال إجرامية كبرى* ، والجميع يعلم أن التمويل والتجهيز والتسفير لهولاء المقاتلين يأتي من *الحكومة الإماراتية ، ومن مال إماراتي* ، فهل تُعاقب أمريكا *الفرع الطري وتترك الأصل القوي* ، وقديماً قال المتنبي (*ومن قصد البحر استقل السواقيا*) ..،!
وهل اتبعت أمريكا *أسلوب ابن الزعيم* باحثة عن راحة نفسية ، وكأنها بقرارها هذا تُحمِّل كل مآسي الفاشر *لثلاثمائة مقاتل كولمبي هُلِك نصفهم* ، وتغض الطرف عن *عشرات الطائرات* التي تحط يوميا في تشاد ، وهي تحمل *السلاح للدعم والموت لإنسان دارفور* ، قادمة من الإمارات ، وتشيح بوجهها عن *عشرات القوافل الممولة إماراتياً* ، والقادمة من ليبيا عابرة الحدود الى السودان كل أسبوع ، في صفوف طويلة تحوي العربات المصفحة والناقلات البرية الضخمة *المكدسة بالأسلحة الثقيلة ..؟*
أم أنها تريد *استدعاء نهج دق القِراف* وترسل رسالة إلى *المسئولين عن تأجيج الحرب* في دارفور ، بعد أن طفح الكيل وزاد الميل ، *وتعدت نتائج الحرب ما هو محتمل ومسموح به* ، فهل هي رسالة لهم أن يرعووا ويرعوا بقيدهم ، وتحذير لهم بأنكم *تحت المراقبة ، وأن الدور آتيكم إذا لم تكفوا أيديكم* ..
إذا اردتم رأيئ فأنا أميل إلى *فرضية ابن الزعيم* ، لسبب بسيط ، وهو أن أمريكا الباحثة عن الراحة النفسية *ضالعة حتي أذنيها في إشعال وتمويل واستمرار هذه الحرب ..*