شاب أو شايب، مش شغلك

شاب أو شايب، مش شغلك
  • 26 ديسمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

جعفر عباس

للمرة الثالثة والأخيرة: مالك ومال عمري كان 19 كان 99؟ هل خصمت سنوات من عمرك وللا رميت عليك شوية من سنوات عمري؟ هل انت قاضي او وكيل نيابة وانا متهم قدامك ولازم تسجل عمري؟ هل انا في انترفيو وطالب منك وظيفة؟ هل انت دكتور وبتفتح لي ملف؟ هل جيتك طالب عروس؟ يا بارد، الزولة الطلبت ايدها للزواج لي هسع ما عارفة عمري  كم، وقبل كم يوم شفتها بتقلب جوازات سفري القديمة، ويظهر انها لاحظت ان كل جواز فيه تاريخ ميلاد غير شكل يعني مختلف، وطنطنت وهي فاكرة اني ما سامع: بس الحمد لله انه ما قال تكلم في المهد!!
هل أنا جاد عندما أزعم انني شاب بدرجة أو بأخرى؟ حاشا وكلا، وحتى “مستر بين” يعرف أنني أمزح، وحقيقة الأمر هي انني مرتاح جدا ومتصالح مع سنوات عمري الحقيقية، ولا أبكي على فرص ضيعتها، ولا أتطلع لفرصة مثل ترقية وظيفية او زيادة في الراتب او وظيفة جديدة، فقد عملت ما توجب علي ان أعمله تجاه نفسي وتجاه اسرتي ومجتمعي، وإذا فات علي فعل شيء، فلا أسف ولا ندامة، وما فات مات
لست شابا بلغة الحساب، ولكنني ولله الحمد طالع ونازل ونشيط، وأعيش حياتي بين من أحب: زوجتي وعيالي. ولي احفاد وإخوة وأقارب وأصدقاء كثيرون أحبهم ويحبونني، أعيش بذاكرة متخمة بأمور جميلة كنت طرفا فاعلا فيها او شاهدا عليها، وكنست الذكريات السيئة تحت السجادة في الجزء الخلفي من دماغي
صرت أكثر هدوءا وصبرا وقليل الانفعال والانفجار، واستبدلت نوافير الشباب التي تفجرت في داخلي في عمر العشرينات والثلاثينات، بنافورة افتراضية في عقلي تضفي على حياتي ألوانا زاهية تشرح الصدر، وما زلت أملك القدرة على الضحك بصوت عال، والانسان لا يتوقف عن الضحك او اللعب لأنه صار كهلا، بل يصير كهلا عندما يتوقف عن الضحك واللعب، وأتذكر سقطاتي وزلاتي وأخطائي وأسامح نفسي، وأضحك على الجهل او السذاجة التي جعلتني ارتكبها
عشت حياة رائعة وسعدت بالانتماء الى عائلة رائعة وكسبت أصدقاء رائعين، ولست مستعدا للتضحية بكل ذلك نظير رأس مليء بالشعر الأسود الغزير او كرش أقل انتفاخا، وما هو أهم من كل ذلك هو أنني صرت صديقا لنفسي فلا أقسو عليها. الآن اتمتع بحرية أكبر وأكثر، أجلس 4 ساعات أمام الكمبيوتر او التلفزيون وقد يكون ذلك في الثانية عصرا أو فجرا، وقد أنام في ليلة ما لثلاث ساعات فقط ثم أجلس وأقرأ كتابا: أنا حر، وأعوض ساعات النوم في الليلة التالية، وعندي ذخيرة مدهشة من أغنيات منذ فجر الغناء السوداني التي تحيي وتعيد ماضي الذكريات، وأسرح مع وردي واحمد المصطفى وأبو داوود وعثمان حسين وكرومة وغيرهم وبقى ليك بمبي)
أحس الآن بأنني أكثر استقلالية وإيجابية، وحتى إذا ارتكبت خطأ فهذا “من حقي” لأنني بشر يدرك انه ليس معصوما وأنه لن يعيش الى الأبد، وقد وقعت ونهضت وتعثرت واستقمت كثيرا ولن أستقيل من الحياة تفاديا للخطأ. باختصار انا مرتاح جدا في محطة عمري الحالية، وأعيش كما اشتهي، وأحسب ان الله أكرمني كثيرا بأن اعطاني أكثر مما توقعت في مناحٍ كثيرة، وسعيد لأنني عشت سنوات خصبة، انسانا بسيطا بين البسطاء بقلب مفتوح رحب يتسع للملايين من بني وبنات وطني. وحلم حياتي أن أعيش حتى أرى السودان وقد عاد وطنا آمنا ومعافى من العلل السياسية والاقتصادية.

الوسوم جعفر-عباس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*