مصالحة الإسلاميين: الركض فوق حقل ألغام

مصالحة الإسلاميين: الركض فوق حقل ألغام
  • 23 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

تقرير: سيبويه يوسف



برزت في الساحة السياسية مؤخرا لغة جديدة لم يألفها الشارع السوداني منذ اندلاع ثورته في ديسمبر، وقد تبنى الشعار المثير ” اي كوز… ندوسو دوس” والشعار الذي وضع فرضية إسقاط نظام الجبهة الإسلامية القومية، وعدم القبول بأي خيار آخر ” تسقط بس” ، كل تلك الادبيات التي تشكلت من أمام ميدان اعتصام القيادة، مروراً بالمجازر التي تم تنفيذها في حق المدنيين العزل من شباب الثورة وحرائرها، كل تلك المشاهد التي ظلت تشكل لوحة تلاحم فريد بين نسيج الثورة، واليوم بعد اتفاقية سلام جوبا، وعودة حركات الكفاح المسلح بدأت لغة جديدة لقاموس السياسة السودانية المستحدث تطرح “المصالحة” بديلاً للقطيعة التي كان ينادي به الشارع.

كان رئيس حركة جيش تحرير السودان- شمال، مالك عقار، ورئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي دعيا مؤخراً إلى مصالحة شاملة تشمل حتي الإسلاميين الذين لم يتورطوا في جرائم فساد أو جرائم جنائية بحق الشعب.
وظلت تلك الدعوة تجد حيزاً في صالونات السياسة بوصفها لغة جديدة وغير مألوفة، من دون تصريح في الفضاء العام، إلا من قلة مثل رئيس حزب الأمة القومي الإمام الصادق المهدي، الذي سبق أن دعا إلى عدم إقصاء أحد ما لم يكن متورطاً في الفساد.

تجد مثل تلك الدعوات احتفاءً خاصاً في أوساط الإسلاميين الذين بدوا أكثر ترحيباً بها.

وأثارت زيارة رئيس العدل والمساواة دكتور جبريل إبراهيم منزل رئيس الجبهة الإسلامية القومية السابق ومؤسسها الدكتور حسن الترابي، بالمنشية معزياً في وفاته، كثيراً من اللغط، ووجدها هؤلاء تصب في تيار الدعوة إلى المصالحة التي أطلقها الرجل.

ويري كثير من المراقبين أن هذه الخطوة تمثل تواصلاً لم ينقطع بين حركة العدل والمساواة والمؤتمر الشعبي الذي عجم كنانته، واختار الانضمام لجبهة الإسلاميين العريضة التي توحدت بعد سقوط النظام، اما رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، كأنما يبحث عن توسيع مواعين قواعده بمغازلة تيار أضحي خاملاً في لعبة سياسية تزداد اشتعالاً كل يوم.

وبادر مناوي من قبل مطالباً بالاستفادة من كوادر الإسلاميين الذين لم يتلطخوا بالفساد، وفي المقابل نجد أن الصراع الذي دار بين حركة تحرير السودان بقيادي مناوي، وحركة العدل المساواة، وتسببت في انشقاق الجبهة الثورية كان بعد اتهامات أطلقتها مجموعة مني اركو مناوي صوب “العدل والمساواة” بالموالاة للحركة الإسلامية بعد ان راج بأنها تمثل الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي، وان معظم قيادتها من قادة الإسلاميين في بواكير الإنقاذ، وفي المقابل نجد ان دعاوي المصالحة تجد عدم قبول كثير من مكونات الحرية والتغيير (الحاضنة السياسية لثورة ديسمبر)، ويفصح عن ذلك ما قاله القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار كما ورد في صحيفة ” السوداني”: “شن القيادي بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار هجوماً على القيادات التي تسعى لعقد مصالحة مع الإسلاميين، مشيراً إلى أن الحديث عن المصالحة يخصم كثيراً من رصيد الحكومة الحالية، وأن أي شخص يتحدث عنها يضع نفسه في خانة العداء للشعب السوداني. وأوضح كرار لـ(السوداني) أن قرار عقد المصالحة الوطنية مع الإسلاميين متروكة للشارع السوداني، وليس الوقت مناسباً للحديث عنها، خاصة وأن دماء الشهداء لم تجف بعد، مشددا على تحقيق العدالة القضائية أولاً بتقديم المجرمين لساحة القضاء أولاً”.

وهذا ما يظهر أن الصراع المقبل سوف يحمل في جوفه مفاصلة جديدة بين حركات الكفاح المسلح وعدد من القوي السياسية الفاعلة في الحراك الجماهيري، ويشبه مراقبون ذلك كالسير في حقل ألغام.

التعليقات مغلقة.