المنصورة والعلاقات الخارجية لحكومة الثورة

المنصورة والعلاقات الخارجية لحكومة الثورة
  • 26 فبراير 2021
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

كان نظام المخلوع البشير نظاما اسلامويا يعمل وفق منهج واحد هو خدمة اهداف التنظيم الإسلاموي العالمي، سواء تضمن ذلك خدمة مصالح الشعب السوداني او ركلها وتحطيمها، بينما كانت ثورة ديسمبر في تجليها العميق ثورة على هذا المنهج المختل، لذلك فإنتصار الثورة لا يعني سوى التحول من منهج الأحادية إلى المشاركة، من الشمولية إلى التعددية، من القهر إلى الحرية، ومن دولة التنظيم السري والجماعات الإرهابية إلى دولة السلام والسيادة الوطنية التي لا يوجه بوصلتها سوى مصالح شعبها.

العالم شاهد نضال السودانيات والسودانيين في الشوارع والسجون ضد نظام الجماعة، شاهد العزم والتضحية من أجل أن ينتقل السودان إلى رحاب الديمقراطية، فوصل الى خلاصة أكيدة هي أن حكم الفرد في السودان قد انتهى، وأن الأجيال الجديدة والأفكار المنتمية للحرية والعدالة والديمقراطية ستسود في السودان وتتحكم في المستقبل، هذه الخلاصة أظهرت صدقها زيارات مسؤلين عالمين للسودان مثل وزير الخارجية الأمريكي ووزير الخارجية الألماني ورئيس ألمانيا والمؤتمرات المتعددة لاصدقاء السودان، هذا بالإضافة للاستقبالات والدعوات المتكررة لرئيس الوزراء ورئيس مجلس السيادة في مختلف دول العالم الأول والنامي، وهو نشاط حد من تناميه ظهور جائحة كرونا.

للاسف هذا التحول الرهيب في حالة السودان بفعل الثورة لم يواكبه وجود وزير خارجية مقتدر، الوزيرة الأستاذة اسماء رغم اجتهادها ولكنها لم توفق في تمثيل أخطر مرحلة في تاريخ السودان الحديث، فكان قبول استقالتها موضوعيا، خلفها الوزير المكلف عمر قمرالدين، وليس المكلف كالمعين، لا يمكن انكار اجتهادات الرجل ولكنها ايضا لم تكن في قامة الثورة ولا حساسية المرحلة ودقتها وحاجتها لوزير خارجية ديناميكي، متحرك، ذو علاقات او قادر على خلقها، معروف في الأوساط السياسية ومقبول ودبلوماسي الحديث، ويستطيع أن يمثل الوطن بحنكة وقوة امام المحافل الدولية للتعريف بالسودان الجديد والحفاظ على قيمته وسمعته وكينونته، وهي تحديات انتقلت برمتها لتواجه وزيرة الخارجية الجديدة الدكتورة مريم المنصورة.

امام المنصورة ملفات معقدة ومتشابكة في العلاقات الخارجية، ملف سد النهضة، ملف الحدود مع اثيوبيا، ملف البعثة الاممية، ملف التطبيع، ملف العلاقات مع محاور الخليج، ملف العلاقات مع الثنائية العالمية امريكا وحلف الأطلسي وروسيا وحلفائها، ملف المحكمة الجنائية، ملف تفكيك التمكين داخل الوزارة وفي السلك الدبلوماسي، ملف التعريف بالسودان الجديد والثورة السودانية والفترة الانتقالية والمستقبل الديمقراطي، ملف السلام، وملفات أخرى متعددة كلها من الأهمية بمكان، وكلها لا تحتمل التأجيل ولا تحتمل التعامل السطحي ولا الرؤية المتعجلة وإنما تحتاج موقفا استراتيجيا واضحا، معد ومخطط له ومرسوم بدقة، بحيث يحافظ على الأهداف الوطنية العليا وسيادة البلد، ويحترم في الوقت نفسه الآخر الدولي ويكسبه في إطار الصداقة والتعامل الودي.

لن تكون مهمة المنصورة سهلة، ولكنها إن ورثت من والدها الإمام الراحل الصادق المهدي الثبات الانفعالي عند المواقف الحرجة، والقراءة والإحاطة بالملفات بأدق التفاصيل والمعلومات، سوف تستعيد للسودان مجده الخارجي وصولاته وجولاته على أيام المحجوب عليه رحمة الله، وقد أظهرت المنصورة خلال الأيام القليلة الماضية حركية وديناميكية اذا واصلت فيها سيخطو الوطن درجات عظيمة في مسار السلام والاستقرار والديمقراطية بإذن الله.


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.