شيء ما يلعب برأسي

شيء ما يلعب برأسي
  • 29 مايو 2021
  • لا توجد تعليقات

محمد ود قاسم



غبت عنكم يا سادتي، تحديدا منذ الخامس والعشرين من رمضان ، لم أكتب هنا . اشتقت للكتابة ، إذ صرت أمارسها بكثافة منذ العام 2003 ولم انقطع إلا في هذه الفترة التي امتدت لشهر تقريبا . في بداية تعاملي مع وسائط التواصل الاجتماعي كان يردني تحذير من عدد من المواقع ، وكانت فحواه أن علاقتك مع الأصدقاء هنا هي مسئوليتك الشخصية، وأن الواقع قد يختلف عن الافتراضي . وقد يكون من بين أصدقائك من يتصف بالعدائية ، ومنهم من يصل درجة التعقيد النفسي ، وعليك تجنُّب مقابلتهم إلا بحذر شديد وعلى مسئوليتك الشخصية

المهم يا أصدقائي ومتابعي صفحتى ، اتصل بي (فقط ) الأخ الصديق حمزاوي هاتفيا وهو صديق ورفيق حقيقي وليس افتراضي ، لكن العالم الافتراضي أضاف الكثير لعلاقتنا. اتصل ليسأل عني ويطمئن علي . وأنا هنا لا أعاتبكم ، ولا ألومكم ، إذ اخترت أن أطلب من أولادي وهم بعض أصدقائي أن لا يكتبوا عما أصابني ، لأني فقط لا أريد أن أشغل الناس وهم أصلا في شغل عني بأخبار الوفيات العديدة في هذه الفترة لدرجة الملل من كثرة التعازي ، وكذلك أخبار المرضى ، وطبعا طلبات الدعاء بالشفاء

لم يكن بي ألم ، وكنت أصوم رمضان بكل يسر وسهولة ، ولا أعبأ بعطش أو جوع ، كما ظللت عبر السنين أدرّب نفسي في الاسبوع الأخير قبل رمضان على هزيمة الخَرم من الشاي والقهوة وما شابههما . فقط وفي السنوات الأخيرة أصبت بالسكري ، لكنه لم يقعدني ولم يكن عدوا شاهرا لسلاحه أمامي ، كما كنت أتعامل معه بلطف ، فأداعبه ويداعبني ، بلا ضرر ولا ضرار . ولا أعلم حتى الآن ما الذي أصابني فجعلني أقع من طرف السرير على الأرض في نهار من نهارات رمضان القائظة ، والتي زادتها قطوعات الكهرباء سوءا ، فكنت كمن لا حول له ولا قوة . نهضت بعد دقيقتين بدون مساعدة من أحد، وجلست على كنبة بالصالة ، وطلبت من ابني أن يأتيني بمقياس السكري . وجدت الموشر يقف على 93 ، وهي درجة لا بأس بها ولا يمكن أن تصيب صاحبها بالهبوط .

عزت الطبيبة الماهرة ابنتي سوسن عبد العزيز سعد ، أخصائية الأنف والأذن والحنجرة ، هذا الانهيار لأسباب تتعلق بالأذن الداخلية مما يتعلق بالسوائل ، وقلة الواصل للجسم منها مقارنة بالفاقد ، وقالت أن الحالة شائعة هذه الأيام . ووصفت الدواء ، وكررت الزيارة والاتصال بالهاتف ، ورغم طول رفقة المرض إلا أنني اطمأننت تماما لتشخيصها. أجريت المزيد من الفحوصات حول وظائف أجهزة الجسم الأساسية وفحص الدم والسكري وكانت كلها طيبة .

الآن أنا بخير ، أتعافي ، وها أنذا أزاول الكتابة ، وكعادتي أكتب في تفاصيل عديدة . لكنّ شيئا ما يلعب برأسي ، يُشعرني كأني قشّة لا تقوى على حركة الريح . أخشى السقوط ، وأتحاشي التعثّر، وأمارس الحذر في القيام والجلوس والحركة ، وأعاني طشاشا في النظر.
حفظكم الله من كل شر ، وكونوا في رعايته حتى ألتقيكم فيما هو أرحب .

الوسوم محمد-ود-قاسم

التعليقات مغلقة.