مجلس رئاسي وإعادة حمدوك أبرز عناصر المبادرة الأممية

مجلس رئاسي وإعادة حمدوك أبرز عناصر المبادرة الأممية
  • 12 يناير 2022
  • لا توجد تعليقات

مـحمد أحمد الجاك

ضجت مواقع التواصل الاجتماعية السودانية ما بين رافض ومرحب بمبادرة الأمم المتحدة حيث كشفت بعض التسريبات عن معلومات حصل عليها موقع “سكاي نيوز عربية” تفاصيل المبادرة التي تعمل الأمم المتحدة على طرحها لحل الأزمة السياسية في السودان.
وجاء بحسب التسريبات أن المبادرة الأممية تتكون من أربعة عناصر أساسية: أبرزها إلغاء مجلس السيادة والاستعاضة عنه بمجلس رئاسي شرفي يتكون من ثلاثة أعضاء مدنيين. وذلك بالإضافة إلى منح العسكريين مجلسا مقترحا للأمن والدفاع، ولكن تحت إشراف رئيس الوزراء الذي سيمنح سلطات تنفيذية كاملة تشمل تشكيل حكومة كفاءات مستقلة بالكامل مع إعطاء تمثيل أكبر للمرأة.
بحانب تسريبات (سكاي نيوز) هنالك تصريحات لمصدر مطلع في البعثة الدولية في الخرطوم إن المبادرة تقوم على تعديل الوثيقة الدستورية الموقعة في العام 2019، التي ألغى قائد الجيش البرهان عددا من بنودها الرئيسية عق الإجراءات الانقلابية التي اتخذها في 25 أكتوبر الماضي.
ولم يستبعد المصدر طرح عودة رئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك مجددا باعتباره شخصية تحظى بقبول دولي يحتاجه السودان في الوقت الحالي. وعلى الرغم من ترحيب عددا من الأطراف السياسية في السودان للمبادرة، لكن من المتوقع أن تواجه المبادرة معارضة واسعة من عدد من الجهات الفاعلة التي تقود الاحتجاجات الحالية الرافضة بشكل كامل لأي سلطة عسكرية في الفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية
وبالفعل، أعلن تجمع المهنيين السودانيين في بيان رفضه التام للمبادرة، وقال إنها تسعى للدفع تجاه التماهي مع (المجلس العسكري)، مشيرا إلى أن حل الأزمة يكمن في (اسقاط السلطة العسكرية الحالية وتقديم عضويتها للعدالة).)
السودان ليس دولة معزولة عن العالم، كما أنه ليس بقعة على كوكب المريخ لذلك غير منطقيا ولا واقعيا أن نقول إن المجتمع الدولي ليس معنيا بما يحدث في السودان.
كثيرا ما نطالب العالم بالتضامن مع الشعب السوداني في ثورته ضد الحكم الشمولي والدكتاتوريات التي رسخت للسلطة في بلادنا لعقود طويلة ولكن العالم ايضا من حقه أن ينظر للأبعاد السياسية الأخرى، ويقول ويعبر عن رأيه فيها. كما من حقنا ايضا أن(نقبل/ نرفض) او ننتقد وساطته ومداخلاته الخاطئة. على الأمم المتحدة وغوتوريش وممثل بعثة يونيتامس أن تدرك وتفهم أن أي مداخلات وإملاءات أو اشتراطات خاطئة ستقود بلا شك إلى نتائج خاطئة والنتيجة ستكون صفرية.
هنالك ثوابت محددة متفق عليها هي من تسير الناس في الشوارع منذ انقلاب 25 اكتوبر تلك اللحظة المجنونة وحتى الآن، هذه الثوابت معنية بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي الحالي و اي مشهد قادم ونعني هنا البرهان وحميدتي هذا مطلب اساسي للشارع السوداني ولن تجد اي طيف او فئة تختلف عليه. وبالتالي إن كان ثمة مقترحات يجب أن تتضمن استراتيجية الخروج هذه. والثابت الآخر هو التفكير في دور محدد وشراكة من نوع مختلف مع العسكر في إطار دورهم المهني والواجب الوطني بعيدا عن السياسة، أما الحديث عن حوار ومائدة مستديرة بكلام مفتوح وعائم لن يضيف شئيا جديدا كما لن يكون مفيدا، بل سيُعيد تكرار الفشل الاممي والذي تكرر في عديد من البلدان.
يجب أن ندرك أن شيطنة المجتمع الدولي والتعامل معه كعدو هذا خطأ سياسي كبير من شأنه أن يخدم خصمك ويقويه ويحقق مصالحه، بينما يُضعفك ويخصم من رصيدك في اي مبادرة أو حوار انت طرف فيه لذلك الأفضل ألا تخسره. المجتمع الدولي تقف في وجهه إلى أن تجبره يتبنى مطالبك كلها إن لم يكن جزءا منها.
سبوبة ونكتة قصة التأييد الدولي لمبادرة المبعوث الأممي، تحتاج الى أن يتعامل معها الناس في مستوى غير الرفض. أساسًا لا توجد تفاصيل للمبادرة، وهنالك دعوة للحوار، ما معروف من هوالمقصود ومقصد الحوار نفسه واطرافه الحوار ومن وهو الذي سيدير ويسهل ويتوسط للحوار.
كذلك لا يوجد معني لرفض مبدأ الحوار وربطه بقضايا أخرى على سبيل المثال الموقف الرافض للتدخلات الدولية! والمهووس بسيادة وطنية مفترضة افتراضًا. كما لا يوجد معنى أن نقول الانقلاب اضاع علينا فرص الدعم الدولي والمنح، وفي نفس الوقت أن يعتقد البعض أنفسهم كزعيم كوريا الشمالية. بعضنا يحتفى كثيرا بقانون للكونجرس، وتصريحات مسؤول غربي، وقرار اتحاد افريقي، وعقوبات دولية وقصص وحكايات لا تفيد الشأن السوداني في شيئ.
عندنا خطاب متفق عليه بيننا تجاه اي حل أو مبادرة تعطي العسكر دور سياسي. لكن ليس لدينا خطاب تجاه المؤسسات الدولية، في بعضنا عندهم خطاب معادي للمؤسسات الدولية، لكن اتفاقنا معاهم فقط في خطاب رفض الوجود العسكري السياسي، المؤسسات الدولية هي متغير مهم في المعادلة، لن يختفي لو تجاهلته.
ومبادرة المؤسسات الدولية هي ثمرة لتصور عن الحاصل عندنا. تصور نحن غير متفقين معه. فلا بد أن نتعامل مع المؤسسات الدولية في مستوى التصورات كذلك. ينبغي أن نعرفهم أن تصوراتهم عننا مرفوضة، ونحن غير معنيين بتجاربكم مع دول أخرى وبالخلاصات التي توصلتم لها عننا وعنهم (ليبيا نموذجا)
المبادرة اذا جمعت الأحزاب والعسكر والادارة الأهلية ورجال أعمال، فهذا تجسيد لتصور المجتمع الدولي للقوى الاجتماعية المهمة. وتقليل الدور الغير واقعي من اهمية القوى الرافضة للدور العسكري السياسى. بهذا هم سيكونوا يقومون بنفس الشئ الذي رفض من جانبهم حيث كثيرا ما يرددون أنهم ضد التدخل الدولي؛ بتجاهلهم لمتغير مهم في المعادلة.
المؤسسات الدولية يمكن أن تعطي ضوء اخضر لفرض الأمر الواقع، مثل ما حدث في مصر. بل مثل ما حدث معنا في السودان ، هؤلاء الناس صمتوا بانتظار أن يفرض البرهان الامر الواقع، ولكنه خذلهم وفشل في فرضه. فشل بسبب استمرار المقاومة والحراك الثوري المستمر . لذلك لا تصدق حديث البعض في حال مقاطعة المبادرة أنهم سيفرضون أمر واقع في غياب أهم طرف، هذا كلام ساذج جدا ولا يستحق النقاش.
والثابت والمؤكد هو رفض مبادرة المبعوث الأممي اذا لم تتضمن ازاحة المؤسسة العسكرية من الفترة الانتقالية كواجهة سياسية لها نوايا واغراض غير سليمة وتطمع في السلطة والحكم . نحتاج معها أن نوضح تصوراتنا، ونعد العدة لنوضح لاي جهة خارجية أو محلية أن تمضي الرياح كما تهوى سفينتنا، ولا يوجد حل ولا ربط في هذه البلاد من غير ارادة اهلها القوى الثورية مجتمعة.
من المهم معرفة تحرك الفاعلين الدوليين وتصوراتهم عن الحل وما إذا كانت تصورات مسبقة مغلقة أم مفتوحة للمداولة، حجم التقاطعات والمصالح، أي وزن تمنحه تلك الجهات لكل طرف في السودان، وبأي قدر من النضج، أي طرف يحقق الاستقرار في محيط إقليمي مضطرب، ثم ماهية وزن السودان وما الذي يمثله في المعادلات الدولية والإقليمية. لا شك أن الشارع فرض حضوره الكبير، لكن، كيف سيفرض من خلال آليات محددة تصوراته للحل؟ كيف يرسخ هذه التصورات من خلال استخدام الأدوات كلها لمصلحة هدف استراتيجي هو التحول الديمقراطي؟ كيف يستفيد من ادوات المجتمع الدولي، سياسةالعصا والجزرة على مستوى الفاعلين الدوليين يجب أن يستغلها لصالحه.
الدكتاتور له عمل واحد، وهو قمع الارادة الشعبية أو تزييفها، والبرهان فشل في هذا الدور فشلا مخجلا. لن يستطيع تحت اي ظروف أن ينهي حراك الشارع وأن يكسر ارادته وعزيمته، كل ما يمكن فعله قام به،ا نزل مدرعات الجيش قبل اذاعة البيان للناس .. مهاجمة وقمع الثوار في القيادة.. الاعتقال والاخفاءالقسري .. ألخ حتى قبل أن يعرف هوية الانقلاب.
عدم وجود حكومة، تلك مشكلة برهان وقحت والكيزان والمجتمع الدولي. وليست مشكلتك انت كديسمبري. دع الموتى يدفنون موتاهم. واتركهم يتخبطون مع فشلهم واخفاقهم لوحدهم. كن كما تحب وتتطلب المرحلة من ديسمبر الثانية واعي بقوتك، تأكد أن ارادتك ستنتصر.

mido34067@gmail.com

التعليقات مغلقة.