توقيع برمة ناصر

توقيع برمة ناصر
  • 22 أبريل 2022
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

الاحزاب مؤسسات مجتمع مدني، وتضم داخلها فسيفساء شعبية، وفي حالة حزب الأمة القومي فهو تجمع وطني، يضم داخله طيف واسع من الجماهير، لذلك إن يوجد خلاف داخل حزب بهذا الحجم، فهذا شيء طبيعي.

الديمقراطية الحزبية والاستقلالية الفردية داخل الاحزاب الديمقراطية، تفسح لكل عضو مساحة ان يكون له رأيه الفردي وأن يعبر عن رأيه هذا وأن ينحاز له، وأن يعمل على تسويقه بشتى الطرق الصحيحة.

الخلاف بين افراد الحزب الواحد تحكمه المؤسسة، وقرار الحزب النهائي يخرج من المؤسسة لا من الأشخاص مهما كانت مواقعهم التنفيذية.

ما فعله رئيس الحزب المكلف اللواء برمة ناصر بالتوقيع على وثيقة الامس يقرأ في هذا السياق، سياق اختلاف الاراء داخل الحزب الواحد.

توقيع برمة ناصر أظهر للعلن مرة اخرى ان حزب الأمة القومي يصطرع فيه تياران، تيار التسوية وتيار المواجهة.

تيار التسوية يرى ان البلاد وصلت منطقة يمكن أن تفقد فيها البلاد تماسكها ووجودها، وأن كل التنازلات الممكنة للحفاظ على الوطن يجب تقديمها، بينما يرى تيار المواجهة ان التسوية السابقة تم الانقلاب عليها، وأن التنازلات التي قدمت من قبل لم تجد طرفا عسكريا يحترمها، وأن تجريب المجرب سيورث الندامة.

التياران يصطرعان صراع افكار ومواقف، وليس صراع سلاح، وكل تيار لديه مؤيديه ولديه دفوعاته، اختلفنا او اتفقنا معها، فهي دفوعات سلمية وليست قهرية ولا إجبارية، والفيصل الوحيد بين التيارين هي المؤسسات.

مؤسسات الحزب ظل موقفها واضحا ولا لبس فيه، فهي ضد الانقلاب، وهو موقف طبيعي يمثل جوهر واساس فكر حزب الأمة القومي الرافض للانقلابات، والدليل انه الحزب الوحيد التاريخي الذي لم يشارك مع الانقاذ طيلة ثلاثين سنة، بينما شارك مع نظام الانقاذ من الأحزاب التاريخية الحزب الاتحادي والحزب الشيوعي.

بعد توقيعه اصدر برمة ناصر بيانا وضع النقاط فوق الحروف وحوى: اولا ان برمة لم يوقع باسم حزب الامة، ثانيا ان موقف حزب الأمة هو إنهاء الانقلاب، ثالثا ان الوثيقة التي وقع عليها برمة بصفة شخصية سوف تعرض على مؤسسات الحزب، فاما قبلتها او رمت بها في سلة المهملات.

بيان برمة ناصر دليل على النموذج الديمقراطي الجيد في حزب الامة القومي، والذي يوضح بأن حتى رئيس الحزب ليس مخولا لوحده بقرار الحزب، وأن قرار الحزب في شان التحالفات والمواقف الوطنية يصدر فقط عن إجماع من داخل المؤسسات.

الحديث عن محاسبة رئيس الحزب هو حديث قانوني وليس عاطفي، يفصل فيه دستور الحزب لا اهواء الناس، والدستور ينص على ان الرئيس لا يعزل او يحاسب الا في المؤتمر العام.

الموقف الراهن جر على الحزب تطاول وسخرية من الكثيرين، ولكنه تمرين ديمقراطي نادر الحدوث في الساحة، وسيخرج منه الحزب أقوى واكبر.

يوسف السندي
sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.