“مع بلقيس الحبشية” : قِد ياخ، بلا بصل مكاده معاك !

“مع بلقيس الحبشية” : قِد ياخ، بلا بصل مكاده معاك !
  • 03 أغسطس 2022
  • لا توجد تعليقات

عبدالجليل سليمان

من الكلمات الأثيرة التي تسربت من الحبشية (التغرينية) إلى المحكية العربية المدينية في السودان، كلمة (قِدْ)، وهي تصحيف لـ(كِدْ) الحبشية، بمعنى (إذهب، روح، امشي، غادر)، فقلبنا الكاف قافاً وتوكلنا على الله لا نأبه ولا ننتبه إلى مثل هذه الأمور الصغيرة اللطيفة؛ فيما يتعلق بالتثاقف والتأثير والتأثر، ولا بهذا الحراك اللغوي العظيم، إن صح التعبير.

وحين كان طيفاً ليس بهينٍ من سودانيي الزمن البعيد لا يعرفون من البهار حتى الثوم نفسه، فقد كان كل شيء مماثلاً عندهم (بصلٌ)، وكان يستورد من إثيوبيا (الحبشة)، ونُسميه بصل مكاده، كما نسمي الحمار القصير القوي العنيد (بالمكادي) لأنه حمار حبشي. فمن أين جئنا بمكاده ومكادي هذه ؟

إنها ملكة سبأ التي أطلق عليها بعض مُفسري القرآن الكريم اسم (بلقيس)، وقالوا إنها يمنية، فيما يعتقد الأحباش وزُمرٌ من السوادنة الأكاديميين والعامة إنها (بنتهم) الملكة المسماة بـ “مكاده، أو ماكيدة، أو ماجدة أو مجيدة”، التي حكمت مملكة سبأ في الحبشة، أو سوبا (علوة) في السودان.

على أي حال دعونا نسميها مكاده، فمن هذا الاسم اشتق البصل (الثوم) القادم من أرضها فأطلقنا عليه بصل مكاده، وكذلك الحِمار القصير المكير (المكادي) القوي.

إن الملكة مكاده هي فخر أفريقيا بجمالها المشهود وحكمتها وقوتها، وهي عشيقة الملك سليمان، وكذلك هي الأم العذراء لولده (منيليك) الذي أنجبته من غير أن يمسّها.

ومكادة هذه، أو بلقيس أو ملكة الجنوب في التراث التوراتي، تتفق كل الأديان على وجودها وتحققها كملكة مع أن الأدلة والشواهد التاريخية والأثرية على وجودها وحكمها أو حتى اسمها، تكاد تكون معدومة.

التعليقات مغلقة.