في سبتية “العز بن عبدالسلام”
البروفيسور عزالدين موسى: الحقيبة في مرويات الوالد

في سبتية “العز بن عبدالسلام” <br>البروفيسور عزالدين موسى: الحقيبة في مرويات الوالد
  • 08 نوفمبر 2022
  • لا توجد تعليقات

رصد التحرير - الخرطوم:

   قدّم مركز العز بن عبد السلام الثقافي في مقره الدائم بشمبات سبتيته الجديدة يوم السبت الموافق 2022/11/5م محاضرة جديدة تحت عنوان “الحقيبة في مرويات الوالد” قدمها بروفسور عز الدين عمر أحمد موسى رئيس المركز.
   ذكر بروفسور عز الدين عمر موسى في محاضرته عن أغنية الحقيبة في روايات والده الراحل عمر أحمد موسى صلة أبيه المرحوم بشعراء الحقيبة وملحنيها ومطربيها، قد زاملهم وزاملوه في الصنعة عمّالاً وصنّاعاً مهرة حاذقين. كانوا يلتقون كل جمعة في منزل أحدهم. زامل الشاعر صالح عبد السيد “أبو صلاح” الوالد عمر أحمد موسى في مهنة النجارة نجّارين في الوابورات بالخرطوم بحري، وعمل الشيخ محمد ودّ الرضي عامل مخزن في الوابورات، والشاعر محمد بشير عتيق براداً في السكة الحديدية، والشاعر محمد علي عبد الله “الأمي” ترزياً إفرنجياً في الأبيض، ثم قطن ضاحية شمبات وتزوج سلسلة أمير المهدية عبد القادر كروري الراحلة رابعة الطاهر الشايب كروري. واشتغل الشاعر مصطفى بطران عاملاً في الوابورات، والشاعر سيد عبد العزيز بيّاعاً في سوق أم درمان، وكان الشاعر عبيد عبد الرحمن سائق لوري، والشاعر بر محمد النور بيّاع خضار في سوق الخرطوم، والشاعر مسعد حنفي موظفاً في المخازن.
   كانوا عمالاً مهرة وصنّاعاً حاذقين أول النهار فإذا جن الليل ألفيتهم عشّاقاً مشوقين ومحبين متيمين في مواجد العشّاق وأشواق الشعراء العذريين، يتغنون الحسن ويتعشّقون الجمال ويترنمون برائع الأنغام وشجيّ الألحان في سحر أخاذ وأدب بالغ وحياء بادٍ وتصوّف أنيق بليغ.
تذكّر الوالد المرحوم عمر أحمد موسى في مؤانسته مع ابنه محاضرنا بروفسور عز الدين عمر موسى زواج النذير ود الفكي بابكر في حلة حمد من الخرطوم بحري قبل أكثر من ستة عقود. وتصدّر مجلس “اللعبة” أبو صلاح.. وأمامه بنات كلهنّ صغيرات فاتنات، بضٌة أجسادهن، ناعم شعرهن.. عليهن نضارة الشباب وخفر الأنوثة..فاستثرن أنا صلاح فقال من فوره :
ما الحواري الظّهرت جديدة
حفلة بين القمر المنير
الشعور بالطيب يروي نيدة
في النهيد النوّر صغير
الغرام بجيوشه العنيدة
على مدائن جفونهن يغير

فلما انتشى الوالد بحديث الذكريات أفصح عن كثير، وروى أن فريق “حيّ” العمراب في أم درمان كان مشهوراً بجمال نسائه..وفي زواج أحداهم، كانوا يكنّونه “عربي” طلبوا من كل بيت أن “ينقِي” أي ينتقي ويختار واحدةً للحفلة..فلما اجتمعن.. وازدانت الحفلة بهنّ.. وماج الطرب..وتحركت القلوب وأوشكت أن تخرج من بين الضلوع.. فإذا بمحمد بشير عتيق:
قضينا ليلة ساهرة * تضمنت محاسن
من كل روضة عينة * ومن كل عينة زهرة
بين مسكرات أهلة * نخبة عرب أجلّة
الجو نسيمه رايق * والغيم نشر مظلة
ثم حكى الوالد ما هو أروع .. فذكر أن ود الرضي كان يقضي ليلته في “حوشنا” في توتي.. ولما علموا بحفلة طهور “الأمين” -الآن ابو جد- ذهبوا إلى هناك ،فاعجب ود الرضي باحداهنّ، وكلما زادت وتيرة الإيقاع ،وزاد الاستمتاع، وتواجد الناس طرباً زاد ود الرضي شغفاً بمحبوب نظراته، فلما توسطت الحلقة وأخذت ترقص.. فاذا به يترنم ثم ينشد مغنياً ناسياً نفسه:
الغواني البارع جمالا * أم غصونهن أهيب أمالا
الملائكة اليوم فرحة مالا * ابقا بت السما سدو مالا
حب عذري طاهر ..وعفّة في الوصف، وروعة في الصور، فأي مجتمع هذا الذي يحركه الجمال ويهزّه هزاً؟ ولكنه لا ينظر إلى الشهوة المحرمة، فتلك عفة وطهارة ومحبة ورسالة، فهم جيل لن يتكرر.

التعليقات مغلقة.