الكيزان.. و(طاعون) الحقيقة!!!

الكيزان.. و(طاعون) الحقيقة!!!
  • 09 يناير 2024
  • لا توجد تعليقات

علي يس

منذ فجر التاريخ ، و منذ ظهور أول طاغية على الأرض ، كانت (الحقيقة) هي العدو الأول لجميع الطواغيت منذ قابيل و حتى عصابة البشير و (مندوبها) الحالي عبد الفتاح البرهان.
و لا عجب أبدا أن تكون الحقيقة هي العدو الأخطر لأعداء الله و أعداء الإنسان ، فكل الأخطار التي يمكن أن يتعرض لها الطاغية يستطيع تدبير الأسلحة المكافئة لها ؛ يستطيع تحشيد جيش لمواجهة جيش يستهدفه ؛ يستطيع أن يصنع بندقية ، راجمة ، دبابة ، قنبلة ، قاذفة قنابل ، لمواجهة أي عدو يملك ذات الأسلحة أو لا يملكها.. و لكنه لن يستطيع أبدا أن يمتلك سلاحا يكافئ الحقيقة.. فالسلاح الوحيد المتوفر لمدافعة الحقيقة هو سلاح “الكذب” ، و هو أضعف كثيرا من أن يقضي على الحقيقة أو يهزمها.. بل إن أطنانا من الكذب لن تفلح في مواجهة (أوقية) حقيقة ، لذلك وحده لا يخاف الكيزان شيئا و لا يكرهون شيئا كما يخافون و يكرهون من يستطيع فضح حقيقتهم.. يعلمون جيدا أنهم لن يستطيعوا “قتل” الحقيقة ، فيعمدون إلى مقاتلة و قتل من يجهر بالحقيقة..
الذين يطالعون أكاذيبهم اليوم، ضمن حربهم التي استهدفت كيان الوطن ، عليهم أن يتذكروا جيدا ما كانت تمثله الحقيقة من وحش مرعب لنظامهم أيام البشير و قوش.. عليهم أن يتذكروا جيدا أن من حملوا السلاح في وجه نظامهم لم يشكلوا خطرا وجوديا عليهم بالقدر الذي شكله من حملوا (الحقيقة) في وجه نظامهم.. لهذا تبرجت المقارنة المدهشة ما بين (قرنق/ حركات دارفور/عقار/الحلو) من ناحية ، و بين فتى معوق ، رقيق شفيف ، لا تحدثه نفسه بإيذاء نملة ، إسمه أبو ذر الغفاري..
سعى نظام البشير إلى التفاوض و التصالح مع الجيوش التي حملت السلاح في وجهه و قتلت الكثير من جنوده و (مجاهديه) و قدم لأجل ذلك الكثير من التنازلات عما لا يملكون.. تنازلوا عن ثلث أرض الوطن ، و لكنهم لم يفكروا لحظة في توقيع اتفاق سلام مع الفتى أبي ذر الغفاري ، ذلك الشاعر الرقيق الذي لم يحسن حتى إطلاق الشتائم.. أخذوه إلى حيث لا يمكنه العودة إلى الأبد ، ثم أخفوا كل أثر يمكن أن يدل عليه.. ربما أدخلوا جسده الصغير في (مفرمة) ما ثم نثروه في الصحراء سمادا ، أو لأسماك النيل طعاما.. ثم تنفسوا الصعداء بعد أن تخلصوا من عدو هو عندهم أخطر من جميع المتمردين و من جميع الحركات المسلحة!!!…
لقد كان الشاعر الرقيق النحيف المعوق أبو ذر يحمل سلاحا أخطر من جميع الأسلحة التي حملها المتمردون.. كان يحمل سلاح الحقيقة ، و هي السلاح الذي كان يمنع منعا باتا حمله في الهواء الطلق ، لأن انتشاره أشد على الكيزان و أخطر من انتشار وباء (الطاعون)..

من يطالع السجل الفاضح لتاريخ الكيزان على عهد عصابة البشير ، سيدرك لماذا نثر البشير كنانته فاختار أفجرها في معاداة الحقيقة ، ذلك الأعور الدجال ، أميرا لجهاز أمنه ، و سيدرك لماذا كان العشرات ممن أخذهم عسس ذلك الجهاز المتوحش إلى حيث اختفت آثارهم إلى الأبد ، كانوا في غالبهم أناسا لا شأن لهم بالسياسة و لا بالسلاح ، كانوا فقط من عشاق الحقيقة ، من أمثال الفتى العشريني أبي ذر الغفاري..
أما بعد الثورة فقد كان (الجهاد) ضد الحقيقة هو شاغلهم الأول ، فعمد القاتل صلاح قوش إلى سرقة و ارتداء ثوب الضحية ، و نشر أكاذيب تروج أبوته للثورة ، حتى صدقها بعض الحمقى ، و حتى رأينا بعض كيزانه يتقدم الصفوف إلى ساحة الاعتصام ، و يهتف ضد سيده البشير!!.. و كانت أنفاس الحقيقة أيامها تختنق تحت ركام الأكاذيب.. لو كانت الحقيقة تموت لماتت تلك الأيام ، و لكنها انتفضت فاضحة جريمة مجزرة القيادة العامة ، التي كان رأس مدبريها الأعور الدجال..
ثم أنتجت مصانع سلاحهم الخائب آلاف الأطنان من الأكاذيب في شيطنة شباب الثورة ، ثم شيطنة حكومة الثورة ، فأحبطت أكاذيبهم ضحكات الحقيقة الساخرة ، فاستبد بهم الغيظ حتى ألجأهم إلى انقلاب 25 أكتوبر ، الذي سموه ، بكذبهم المفضوح (إجراءات تصحيحية)..
حتى ذلك الحين لم تكن الحرب خيارا لهم ، فانقلابهم تم ، و حليفهم قائد الدعم السريع شريك في الانقلاب ، و لجنة إزالة التمكين تم حلها ، و أموال الجوعى و المساكين التي انتزعت من اللصوص أعادها قائد الانقلاب إلى جيوب اللصوص!!.. و كيزان البشير أعيدوا إلى مواقعهم في مؤسسات الدولة.. و لكن..
توامضت أنجم النهار في أعينهم و هم يسمعون حليفهم و شريكهم في الانقلاب يصاب بلوثة الجهر بالحقيقة.. حميدتي يتبرأ و يعتذر عن الانقلاب و يسميه باسمه (إنقلاب)!!.. حميدتي يسمي الكيزان و جرائمهم بأسمائها الحقيقية.. حميدتي يطالب البرهان بإبعاد (الكيزان) عن الجيش!! .. شريكهم في محاربة الحقيقة ينقلب فجأة إلى عاشق للحقيقة!!.. حميدتي يجهر بالحقيقة كاملة!!!!!..
لو أن حميدتي اكتفى بإشهار أسلحته النارية في وجوههم لسعوا جريا إلى مفاوضته و تقديم كل تنازل يطلبه..
و لكنه فعل ما هو أخطر من ذلك بكثير.. لقد جاهر بالحقيقة.. و انتشار الحقيقة بالنسبة إلى الكيزان أخطر ألف مرة من انتشار الطاعون..
الحقيقة أعظم مهدد وجودي للكيزان ، لهذا كان أمامهم أحد خيارين: إنهاء وجودهم إلى الأبد..
أو شن الحرب على من جاهر بالحقيقة!!..
هل عرفت الآن ، يا صديقي ، لماذا قامت هذه الحرب ؟؟
و هل عرفت الآن لماذا يرفضون إيقافها إلا بقتل من جاهر بالحقيقة ؟؟؟…
إنهم أعداء الله.. أعداء الإنسان…..أعداء الحقيقة

التعليقات مغلقة.