الشفشفه… ظاهرة لغوية أم أزمة أخلاقية؟

دخلت قاموسنا مؤخرا كلمة قاسية المعنى، فتكت بمجتمعنا وضاعفت أحزانه وهي كلمة (شفشفه) والتي تسجل حصريا لعناصر طارئة على مجتمعنا رغم أننا كنا في السابق نستخدم الفعل منها (شفّ) وهو بذات المعنى لكن في حدود ضيقة وظلال قصيرة لم تتجاوز فصول الدراسة وذلك عندما نقول إن (حمدان شفّ من جاره في الامتحان) …
والشفشفة مفردها شفشاف وتجمع على الشفشافة وهم لصوص أرازل حاقدون وبلا أخلاق، أرواحهم شريرة ونفوسهم مظلمة وملوثة، يسرقون عرق الناس وشقاء أعمارهم ويعتبرونها غنائم بلا أدنى وازع أو ضمير بل يتباهون بذلك..
لكن التاريخ يذكر لنا نماذج من اللصوص الشفشافة اتسموا بنبل الأخلاق رغم وضاعة مهنتهم مثل شفشاف بغداد الشهير ( أبو عثمان الخياط ) القائل :
(ما سرقت جارا وإن كان عدوا لي ولا سرقت كريماً ولا امرأة ولا بيتا ليس فيه رجل ولا قابلت غادرا بغدره) .
وعند وفاة كبير الشفشافة في العصر العباسي (أدهم بن عسقلة) ترك وصية لأتباعه اللصوص جاء فيها :
( لا تسرقوا امراة، ولاجارا ،، ولا فقيرا ، ولا عابر سبيل وإذا سرقتم بيتاً فاسرقوا نصفه وأتركوا النصف الآخر ليعتاش عليه أهله ولا تكونوا مع الأنذال).
والشفشافة تتعد أنواعهم لكن أخطرهم هم السياسيون الذين يسرقون أحلام شعبهم في وطن مستقر وآمن ومزدهر،، هم شفشافة بامتياز بل هم سادة الشفشفة وسدنتها، وكذلك من رهن ضميره من النشطاء والإعلاميين والشعراء وسرقوا ألسنة الناس لممارسة الخداع والتدليس وطمس الحقائق كلهم سواء أمام محكمة التاريخ بتهمة الشفشفه…
أما سُراق القلوب فربما نتجاوز ونخرجهم من دائرة الشفشافة وفعل الشفشفة ذلك أن محاكمهم عادة ما تنعقد على ربوة تحت ضوء القمر على وقع أغنيتهم (وشوشني العبير فانتشيت.. راقني الهوى فما أبيت) ، وصحيفة اتهامهم تتصدرها هذه المرافعة الزاهية …
يا سارقا قلبي أتَتْكَ جوارحي
طوعا ، بلا أمرٍ ولا استئذان..
فأنـا الـذي أهملتـه وتركـتـه
..كنزاً للصِ هواك حين أتاني
فارفقْ به ما دمت تملِكُ أمرَه
واحفظه حفظ الصدر للرّئتان
نقلا عن آكشن سبورت