النائب العام أم النائبة العامة؟

النائب العام أم النائبة العامة؟
  • 07 سبتمبر 2025
  • لا توجد تعليقات

كتب ـ عثمان أبوزيد

هل توجد لائحة بألقاب مخاطبة المسؤولين في الوظائف القانونية في السودان؟ لقب القاضي عندنا هو (مولانا)، ولا أدري هل كان هذا بسبب تأثرنا بتراث هندي أو تركي في القانون، فاللقب مستخدم عند الأتراك والهنود.
تبادر هذا السؤال إلى ذهني عندما خوطبت أول امرأة تتقلد منصب النائب العام بلقب (مولانا)، وكذلك تُخاطب القاضيات في بلادنا.
ويبدو أن هذا من العرف الذي سار في مجتمع القانونيين في بلادنا وإن لم يُكتب في لائحة أو وثيقة رسمية.
لكن ما ينبغي الانتباه له فعلًا عدم الانسجام الذي حصل عند ورود خبر تعيين امرأة في منصب النائب العام، فقد رأينا صيغتين مختلفتين من حيث تذكير المنصب وتأنيثه، كما في الأمثلة التالية:
إعلام مجلس السيادة:
أدَّت القسم أمام السيد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول الركن عبد الفتاح البرهان، اليوم مولانا انتصار أحمد عبدالعال أحمد نائباً عاماً لجمهورية السودان، بحضور ممثل رئيس القضاء…
وكالة السودان للأنباء:
النائب العام تؤدي القسم أمام رئيس مجلس السيادة.
صحيفة السوداني:
تعيين مولانا انتصار أحمد عبدالعال نائباً عاماً لجمهورية السودان.
صحيفة التغيير:
البرهان يعين انتصار عبدالعال نائبة عامة لجمهورية السودان.

وقد لجأتُ إلى رئيس مجمع اللغة العربية بالخرطوم الأستاذ الدكتور بكري محمد الحاج أسأله عن رأي المجمع في ذلك فأرسل مشكورًا قرار مجمع اللغة العربية في القاهرة الصادر في العام 1978م القاضي بعدم جواز وصف المرأة بالتذكير في ألقاب المناصب والأعمال اسمًا كان أو صفة، فلا يُقال فلانة أستاذ أو عضو أو رئيس أو مدير، بل أستاذة وعضوة ورئيسة…
وبالرجوع إلى المناقشات التي دارت في المجمع قبل اتخاذ القرار، نراها متباينة جدا ما بين الداعين للتذكير والداعين للتأنيث، ولا أريد التطويل بعرض ذلك الحوار العلمي المفيد،
وكان مجمع اللغة في القاهرة قد أجاز في قرار مجمعي سابق في كلمة (عضو) استخدام الوجهين تذكيرًا وتأنيثًا مع أنه لم يرد في كلام العرب قديمًا تأنيث عضو.

ورد في كتاب ابن الأنباري المذكر والمؤنث في باب (ما يشتركُ فيه المذكرُ والمؤنث مما التأنيثُ فيه غيرُ حقيقي لازمٍ):
من ذلك قولهم: بعيرٌ ناحِزٌ، إذا سعل، فاشتد سُعاله، وناقة ناحز، وبعيرٌ ضامرٌ، وناقةٌ ضامرٌ.

هذه المسألة مما عرضنا لها في كتابنا (الوجيز في لغة الإعلام)، وكان نهج الكتاب اختيار استعمال واحد في حال تعدد أساليب أو ألفاظ صحيحة طلبًا للانسجام واطراد الأسلوب على غرار كتب الأساليب في وسائل الإعلام.
ورد في صفحة (84) من الكتاب المشار إليه: “نطلق على صفة المرأة إذا كانت تمارس وظيفة الوزير والوالي وعميد الكلية: السيدة الوزير والسيدة الوالي والسيدة عميد الكلية وهلمَّ جرا. والتذكير في الألقاب والصفات هو المسموع عن العرب، فلا نجد في اللغة والية أو حاكمة لندرة شغل النساء لهذا المنصب في القديم. أشار على هذا الفراء في كتاب المذكر والمؤنث عندما قرر بأن الأصل التذكير، وذكر سببًا لقول العرب: أميرنا امرأة، وفلانة وصي بني فلان ووكيل فلان لأن الإمارة والوصاية والوكالة إنما تكون في الرجال دون النساء أكثر ما يكون، فلما احتاجوا إليه في النساء أجروه على الأكثر. وربما جاء في الشعر بالتاء:
فلو جاءوا ببرة أو بهند لبايعنا أميرة مؤمنينا
وليس خطأً أن نقول: وصية ووكيلة، إذا أفردتها وأوردتها بذلك الوصف” (انتهى)

ولما صرنا إلى زمان المرأة فيه هي صاحبة الأغلبية في وظائف الخدمة المدنية والتدريس ونحوهما، فحبذا لو نوحِّد الأسلوب فيكون المختار: النائبة العامة، ولا ضير، فإننا نسمع: “نائبة الرئيس” و”نائبة البرلمان”، ولنتجنب أسلوبًا مثل: “النائب العام تؤدي القسم” و”سافرت وزير الخارجية”! على ما فيه من ركاكة وضعف في التأليف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*