جذور حرب دارفور و عدم الإفلات من العقاب

جذور حرب دارفور و عدم الإفلات من العقاب
  • 14 أكتوبر 2025
  • لا توجد تعليقات

تاج السر عثمان

١
أشرنا سابقا بعد إدانة على كوشيب من المحكمة الجنائية الدولية’ إلى مواصلة عدم الإفلات من العقاب’ وتسليم بقية مجرمي الحرب للمحاكمات مثل: عمر البشير وأحمد هارون وعبد الرحيم محمد حسين. الخ.
لقد كان الحريق الذي اندلع بعد حرب دارفور عام 2003 المقدمة ليشمل العاصمة الخرطوم ،مدني الأبيض. الخ ‘ولتعود مدن دارفور مرة أخرى (نيالا، زالنجي، الجنينة، طويلة .الخ) مسرحا لابادة جماعية جديدة ونزوح الآلاف.فما هي جذور حرب دارفور؟.
٢
حرب دارفور كانت نتاجا للسياسات الخرقاء التي انتهجها نظام الانقاذ منذ انقلاب الإسلامويين المشؤوم في 30 يونيو 1989 ، عندما جاء الانقلاب كانت دارفور في ظروف ومتغيرات جديدة أدت لانفجار الأوضاع فيها اهمها:
– اتساع دائرة الجفاف والتصحر في دارفور ، مما أدى إلى شح المراعي ، وإلى انفجار الصدامات القبلية من جديد.
– تدهور خدمات التعليم والصحة والمياه والكهرباء. الخ.
– تزايد عمليات النهب المسلح وانفراط عقد الأمن وحالات حرق القري والمزارع والصدام بين بعض المجموعات القبلية والفور والصراع بين المعاليا والرزيقات.
– كانت القبائل في دارفور تعيش في سلام ووئام ، وكانت الصراعات القبلية العابرة تحل عبر الأعراف ، وكانت ديار القبائل معروفة ومحددة. وبالتقسيم الإداري الجديد اختل النظام الذي كان سائدا، مما أدى إلى الصدامات.
– توقف مشاريع التنمية في الإقليم مثل مشروع جبل مرة للتنمية الريفية.
– توقف العمل في طريق الإنقاذ الغربي.
– النزوح الكبير من الأرياف إلى المدن ، وتوسع المدن كما نلاحظ في مدينة نيالا التي زاد عدد سكانها وتوسعت وارتفعت فيها إيجارات المنازل وأسعار الأراضي.

٣
جاء ملتقي الفاشر فبراير 2003 بعد انفجار الأحداث وتوصل إلى توصيات وقرارات في مجملها سليمة مثل:
– الإسراع بتكميل طريق الإنقاذ الغربي مع توفير تمويل أجنبي ومكون محلي له.
– إنشاء مفوضية لتنمية ولايات دارفور.
– تأهيل مرافق الصحة والمياه وتأمين الحد الأدني من الخدمات للمواطنين في دارفور.
– وضع خطة استثنائية عاجلة لمعالجة التردي في الخدمات.
– التقسيم العادل للمشاريع التحتية القومية لدارفور.
– ضعف المقدرة الإدارية لبعض أجهزة الدولة وتباطؤها في التصدي للانفلات الأمني.
– معالجة عدم الالتزام بتنفيذ مقررات المؤتمرات السابقة.
– حمّل الملتقى الحكومة مسئولية خلق كيانات إدارية جديدة والاستغلال السياسي للقبيلة والاعتماد على التوازنات القبلية في التعيينات السياسية.كما كان مدخل الملتقى سليما في حل المشكلة سلميا عن طريق التفاوض ، ولكن الحكومة لجأت للحل العسكري الذي عقد الأمور وزادها تفاقما، بعد تكوين مليشيا الجنجويد ، وكانت النتيجة إبادة جماعية أدت لمقتل أكثر من 300 الف شخص ، ونزوح 2 مليون حسب الأمم المتحدة 2003 ، مما جعل الرئيس البشير ومن معه مطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية حتى وصلت للمأساة الإنسانية التي نعيشها الآن في دارفور، فعدم حل المشكلة بالطرق السلمية وتنفيذ مقررات مؤتمر الفاشر أدى لتلك المأسأة الإنسانية.، إضافة لعدم الحل الشامل باعتبار أن ما يجري في دارفور جزء من مشكلة السودان الكلية، ويجب أن ينظر اليها قوميا في إطار الحل السياسي الشامل ، وصولا إلى سلام حقيقي وتنمية وعدالة لكل أنحاء السودان.

مما زاد الطين بلة لم تنزع الحكومة سلاح الجنجويد ،حسب ماجاء في تقرير مجلس الأمن الذي أجاز في اجتماعه بتاريخ:28/2/2006م، تقرير لجنة الخبراء التي شكلها المجلس في وقت سابق لدراسة الموقف في دارفور الذي رصد الانتهاكات التي حدثت في درافور وأهمها:
– فشل الحكومة في نزع وتحييد سلاح الجنجويد.
– إثارة التوتر بين المحموعات الإثنية القبلية والسياسية وغيرها في دارفور.
– توفير الدعم للمليشيات المسلحة والمجموعات الأخرى التي ترتكب الاعتداء وتتقاتل في دارفور.
– الهجوم علي قوات الاتحاد الأفريقي والشرطة المدنية ومراقبي وقف إطلاق النار التابعين للاتحاد الأفريقي وعرقلة نشاطه امنعه من اكمال مهامه.كما أشار التقرير الي أن كل الاطراف ارتكبت بدرجات متفاوتة انتهاكات شملت التعذيب ، الاعتداء علي كرامة الانسان ووقاره، المعاملة القاسية والمذلة للاشخاص غير المشاركين في القتال أو الذين توقفوا عن المشاركة في القتال ، وكلها انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية في الميثاق الدولي، والتي كفلها دستور السودان الانتقالي.بعدها جاءت فكرة تدخل قوات الأمم المتحدة على أساس البند السابع لوقف تلك الانتهاكات وحماية المدنيين، لكنها لم تنجح رغم أنها قللت من الانتهاكات.واضح أن التهاون مع مجرمي الحرب وعدم نزع سلاح الجنجويد ، بل تقنينه دستوريا ، وادخاله العاصمة ، واستحواذه على مواقع سيادية وعسكرية ، أدي لاندلاع الحرب في سباق الصراع على السلطة والثروة ، بين حميدتي والبرهان ، بعد أن اصبح لحميدتي قوى عسكرية ، وثروة راكمها من دعم الاتحاد الاوربي لمنع الهجرة، وحرب اليمن ومن الذهب حيث مُنح جبل عامر ، ومن الميزانية المفتوحة التي خصصها البشير للجنجويد ، الذين كان يطلق عليهم “حمايتي”، وشركاته مثل شركة الجنيد.الخ.
فدارفور كانت المحطة التي انطلقت منها الحرب الي الخرطوم، لتتجدد مرة أخرى في دارفور، مما يتطلب مواصلة التقصي في جرائم الحرب الجارية بعد التمديد للبعثة المستقلة لعام اخر’ وملاحقة مجرمي الحرب والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والاسترقاق والاغتصاب والعنف الجنسي’ وضروة وقف الحرب واستعادة مسار الثورة ‘والحل الشامل والعادل وترسيخ السلام والحكم المدني الديمقراطي وحل المليشيات وجيوش الحركات، وعودة النازحين لمنازلهم وقراهم والتعويض العادل لهم، وعدم الإفلات من العقاب بتقديم مجرمي الحرب للمحاكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*