حرب التنازلات..

حرب التنازلات..
  • 21 أكتوبر 2025
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمدزين

•••


• أتذكر قبل مدة وأنا أشاهد فيلماً سورياً جاءت البنت المغاضِبة لزوجها تشكو لأبيها أن زوجها (أهان كرامتها) وبعد أن أجلسها والدها وطيّب خاطرها، قال لها يا بنتي (لا توجد كرامة بين الرجل وزوجته).. يقصد طالما (أفضى بعضُهما إلى بعض).. وأفضى هذه من عندي، وهي التعبير القرآني المدهش لما يحدث بين الزوجين..

• ومع فارق التشبيه طبعاً، ولكن هذا السودان سوف يضيع، وقد أوشك، إذا لم تتم فيه تنازلات غير مشمولة بحكاية الكرامة ما الكرامة السائدة بيننا دي !! تماماً مثل الزوجية التي لن تستمر اذا سادت اللغة المستخدمة فيها بين الزوجين عبارات من شاكلة كرامتي وكبريائي وبتاع !!

• الجيش ومعاهو الكيزان والبلابسة المستهبلين، من شدة كِبرهم وتكبرهم، وإستهبالهم أسموا هذه الحرب (حرب الكرامة) ويقصدون أن الدعم السريع قد (مرمط كرامتنا) ولازم نسترد كرامتنا المُهانة هذه، ونثأر لها، مهما كلّف ذلك، ولو تدمّر السودان كله، وفي الجانب الآخر الدعم السريع أيضاً يقول دي حرب ضد دولة ٥٦ (كوووولها) ولازم (نهدمها) من أساسها لنبدأ (تأسيساً) جديداً، وهذا أيضاً طرحٌ فيه كِبر وصِفرية وعدمية واضحة !!

• لابد أن تتم تنازلات من الطرفين، تنازلات مما يسمى (الكرامة) هذه، ومما يسمى (هدم) دولة ٥٦، وهنا لابد أن يتذكر الطرفان، مع أنهما عسكريان، أنهما يلعبان (سياسة) فالجيش هو أصلاً يمارس السياسة منذ الإستقلال، وقدُر ما (دحروهو) منها ما (أندحر) والدعم السريع كذلك يمارس السياسة، والإتفاق الإطاري الذي اختلفا فيه، وتحاربا من أجله، هو أصلاً رؤية سياسية طُرحت لحل المشكل السوداني سياسياً !!

إذن هذه الحرب هي اختلافٌ سياسيٌّ محض،
والسياسة فيها تنازلات..

• المشكلة الحقيقية الآن أن الجيش والدعم السريع دخلا عالم السياسة، ولكن بلباسهما العسكري، وبعنادهما العسكري، وبقوة الراس بتاعة العساكر، وهذا بالضبط سبب هذا الدمار الجاري الآن، ولو أنهما سياسيان بالأصالة لقدما تنازلات، ولكنهما سياسيان (متقحّمان) متحشِّران على السياسة!!

حربنا هذه حرب سياسية بلباس عسكري..

فيا أيها البلابسة المستهبلون قولوا لجماعتكم ديل يتذكرا أن السياسة فيها تنازلات..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*