سفينة بَوْح

ظلموك وجرَّحوا سُمعتَك!!

  • 17 مايو 2018
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل

من باب شر البلية ما يُضحك، أو فلنقل من أجمل وأظرف ما أوردته صحف أمس الإثنين أن وزارة الري والموارد المائية ومعها وزارة الكهرباء تشرعان في مقاضاة مَن يروِّجون لحدوث قطوعات في المياه والكهرباء في رمضان، طبعاً المروِّجون هم كالعادة نُشطاء في وسائط النشر الإلكتروني، والمضحك والمبكي في ذات الوقت أن هاتين الوزارتين قد تعجزان إذا تم استجواب المسؤولين فيها عن تحديد الهدف من (الركض) وراء مُطلقي تلك الشائعات
.
هل ياترى ستكون إجابتهم هي الحفاظ على سمعة الوزارتين، وتاريخهما الحافل بالعمل الجاد، والمتصف بالاستمرارية والجودة في تغطية احتياجات المواطن من هذين الموردين المهمين في قائمة ضروريات ما يحتاج إليه الناس؛ لخوض غمار حياتهم التعيسة في هذا البلد المتخبط الرؤى والاتجاهات، والغارق في مستنقع العجائب والغرائب والمفاسِد المُقنَّنة.

كأن وزارتي الموارد المائية والكهرباء قد حققتا ذلك الامتياز الإمدادي الذي تتمتع به الدول الأوروبيه بالقدر الذي يتيح للمنشآت والمواطنين مقاضاتهما في حال انقطاع الإمداد لمدة خمس دقائق، ووفق ذلك فهما تعدان صدور إشارة أو إنذار من الذين خبروا وعايشوا مآسي انقطاعات الإمداد المائي والكهربائي الذي تعيشه كثير من أحياء العاصمة الخرطوم ،وبعض المدن الولائية الكبرى والقرى والبوادي إهانة لتاريخهما الزاخر (بالعطاء)، والالتزام تجاه مشتركيهما.

ولعلهما أي الوزارتين قد قررتا فجأةً أن تتبنيا المثل السوداني (ضربني وبكى وسبقني واشتكى) إبراءً لذمة حكومة المؤتمر الوطني من معالم فشل مقبل ينضاف إلى قوائم فشلها في السيطرة على سعر الصرف، وتوفير الوقود وغاز الطعام، وما يفيد استقرار الأسعار في الأسواق ليس لمصلحة المواطن بقدر ما هو لمصلحة حالة اطمئنان مؤقتة يستفيد منها أصحاب السلطة والنفوذ ، إذ من المُفترض عادةً أن يكون الشاكي الذي يُقاضي هو المواطن أو المنشآت بوصف أنهم دائماً أصحاب الضرَّر الناتج من القطوعات المفاجأة للكهرباء أو التردُّدات غير المنتظمة للتيار، وكذلك القطوعات المتتالية للمياه، التي تواكبها أعطاب أخرى في الشبكة تمثل إهداراً منقطع النظير للمياه بتدفقها في الشوارع والأحياء، وما يمثِّل ذلك من تهديد بيئي وصحي للمجتمع.

إلى متى ستظل انصرافية المؤسسات السودانية تابعة لإستراتيجية حكومة المؤتمر الوطني المتعلِّقة بتسفيه وملاحقة آراء الناس في توجهاتها وأدائها. يبدو أنهم وحسب منظومتهم التمكينية الفوقيه التي طال بلاؤها كل اتجاه لا يرضون أبداً إلا بالتطبيل والتزلُف والتصفيق والانحناء.

هم أبداً لن يتعايشوا أو يتواءموا مع حالة النقد العام للشارع السوداني سواء أكان واقعياً أم إسفيرياً؛ لأن الفكر الجامع الذي قامت عليه دولة الإنقاذ الشمولية منذ البداية لا يتفق وفكرة قبول الآخر، ولم يعتد مبدأ الانتقاد أو سماع وجهة نظر مُغايرة، وبذلك إذا كانت كل مؤسسات الدولة وأركان خدمتها المدنية قدجرى احتلالها بواسطة مبدأ التمكين السياسي، فمن الطبيعي أن تُقاضي مؤسسات الدولة الخدمية كل مواطن وصاحب حق يُعلن مباشرةً أو عبر الأثير اعتراضاً أو نقداً و ذلك من مبدأ (الباب البجيك منو الريح سِدو وإستريح) .. اللهم لا اعتراض على حكمك.
صحيفة الجريدة

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.