في ظلال ثورة الشعب.. هناك صوفية محـترمة وصوفية ســياسـية

في ظلال ثورة الشعب.. هناك صوفية محـترمة وصوفية ســياسـية
  • 15 يناير 2019
  • لا توجد تعليقات

د. بشير إدريس محمد زين

رجالاتُ الطرق الصوفية -ومع كلِّ إحترامِنا وتقديرنا الشديديْن لهم- ولكن ليسوا كلهم مسدَّدين دائماً، وليسوا دائماً علي حق، وبخاصة حين يتخذون مواقفَ سياسية !! فمع كونهم -وببساطة- (ناس الله، وطيبون)، ولا يعرفون السياسة، ولا يعرفون دهاليزها، ومَكرها، وخُبثها، وحبائلها، ولا يعرفون خِدَع السياسيين، ولؤمَهم، وأكاذيبهم..وفضلاً عن ذلك فهم (صدّيقون) إلي حدِّ الطيبة والمسكنة..وتحكي قصصُهم، ومأثوراتُهم أعاجيب عجيبة من ألوان سهولة تصديقِهم لما يقال لهم، ومن أيٍّ كان، ولو كان خطَلاً بيِّناً، وضلالاً مبيناً، لأنهم، ومع كونهم -وببساطة كذلك- يعتقدون أن كلَّ الناس ممن خلق الله، مثلُهم، طيبون، صادقون، متوكِّلون ومُخبِتون !! ولكن هذا غير صحيح طبعاً.. ليس صحيحاً لا مع كل الناس، ولا في كل حال، وبخاصة مع السياسة ومع السياسيين.. فمن يصدِّقُ السياسيين بالله عليكم، وخصوصاً في زمان الناسِ المتأخّرِ هذا، وفي زمن الإنقاذِ هذا ؟!!

وسادتُنا الصوفية، وحين يتخذون مواقفَ سياسية معينة، وتحديداً في أوقات الأزمات، فكأنهم، ومن طرفٍ خفي، يقولون لأتباعهم، ومريديهم، (وحيرانهم) هذا هو الموقف الصحيح، وعليكم بالإتباع..وطبعاً يتّبعهم البسطاء والطيبون من (الحيران)، ولكن (المستنيرين) من حيرانهم يقعون في حيرةٍ عظيمة.. فإن هم إتبعوا سادتهم الصوفية ضلُّوا سياسياً بحسب (إستنارتهم)، وإن هم فارقوا سادتهم، أو إنتقدوهم، ضلُّوا بنظر سادتهم، وبنظر البسطاء من (الحيران)، والأشياع، والمريدين !!

وبسبب هذه البلبلة التي تترتب علي المواقف السياسية لأهلنا شيوخ الطرق الصوفية، ظلَّ السياسيون، وعلي الدوام، يلعبون برجالات الصوفية، ويضحكون عليهم، وبهم، بل وكثيراً ما يستعبطونهم !!

أقول هذا الكلام وأمامنا، وفي ظل أزمة وطنِنا الحالية الطاحنة، مواقفُ مشرَّفة وقفها بعضُ رجالات الصوفية، ممن فتح الله عليهم بنور الحق والبصيرة، ومواقفُ أخري مُظلمة ومُخزية، وقفها آخرون ممن أُغلِق عليهم، وغُبِّش علي بصائرهم، وأبصارهم، فوقفوا مع الضلال، والكذب، والإفك، وقتل الأنفس البريئة بغير حق !!

ولكن، ومع هذا، فالأمرُ عندنا بيِّن، ومجليٌّ بلا غيم، وتظل الحقيقة الساطعة، والمعلومة للجميع هي أنه إذا ظل سادتُنا الصوفية في سجاداتهم يتعبّدون، ويُرشدون، ويعلِّمون، ويهدون، فهم علي العين والرأس، وليس لنا عليهم من سبيل، وأما إذا أتخذوا موقفاً سياسياً، أو ساندوا سياسياً ضد سياسيٍ آخر، فعندئذٍ هم بنظرِنا من عامة الناس، ولا قدسية لهم عندنا، ولا تبجيل بأكثر مما نبجِّلُ الآخرين من عامة الناس، (وهم يُردَمون) مثلما (يُردَمُ) الآخرون، ويصيبُهم من اللعنِ والكُرهِ ما يصيبُ الآخرين …

ومن تلوث منهم بالسياسة، وتقرَّب إلي السياسيين، وخالطهم، وساندهم من (أهل الإنقاذِ خاصةً)، وسكت علي ظلمِهم، وفسادِهم، وقتْلِهمُ الأبرياء فهو منهم بلا شك، ويقع عليه ما يقع عليهم، ويصيبه ما يصيبهم من بغضاء اللهِ والناس، ومقتِهم، وسخطِهم، وعليه عندئذ أن يتحمَّل كلَّ هذا مما يصُبُّه الناسُ من غضبٍ علي أصدقائهم السياسيين، ولا يرفعنَّ أحدُهم علينا (سجادته) للتهديد والتخويف، ولا يهدِّدنَّ أحدٌ من دراويشه الناسَ (بالسجادة)، ولا (بالسِّبحة الألفية ولا بالفروة)، ولا بالسخطِ، ولا بالطردِ من رحمة اللهِ بغضبِ الشيخ، إذ هذا الشيخُ عندئذٍ مثل من إتبع من أصحابه السياسيين سواءً بسواء !!

التعليقات مغلقة.