هزيمة الاستنساخ: هذا شعبٌ فنّان

هزيمة الاستنساخ: هذا شعبٌ فنّان
  • 14 أبريل 2019
  • لا توجد تعليقات

د. مرتضى الغالي

شعبنا شعب مبدع ولا تقل لي انه ليس على رأس قائمة الشعوب في اللماحية و(الاستملاح) وخلق المفارقة وتصوير الفكرة وتلخيص العبارة ورسم الموقف، ثم التعبير عنه بحيث لا تفوته (ساقطة ولا لاقطة) ولذلك (يا ويل وسواد ليل) من يريد أن يلعب به أو يتذاكي عليه أو استغفاله و(مطوحته) أو (تدقيسه) بمعنى أن يجعله نائماً غافلاً عندما يمر (قطار الخديعة) بعرباته وقمراته ذات (الطلاء الكاذب) وهي (تكركب) بين القضبان.. في حين يظن أصحاب القطار أنه يمر بدون حركة مر الثعبان بين الأعشاب الطرية..! (حيلكم) أيها الغافلون محدودي الذكاء يا مَنْ لا تعرفون طينة هذا الشعب مع إنكم بعض أبنائه.. والعقوق قد يكون حتى في أبناء الأنبياء وعشيرتهم الأقربين..!

ومناسبة هذا الكلام بالإضافة إلى (البيان الأول للجماعة أصحاب اللجنة والمجلس) الذي تلاه (مَنْ بقى وزيراً وحيداً من وزارة مُلغاة) إني قرأت في محمولات الوسائط الحديثة وفي إحدى القروبات (أربع كلمات) لخّصت موقف السودانيين أو معظمهم مما جري..! فقال صاحب التعليق -أو صاحبته- من الشباب.. من باب السخرية الذكية (سليقة الفطور لايقوها للغدا) ولمن هم خارج الدارجية السودانية فإن هذا الكلام ربما احتاج إلى شرح الزوزني و(لسان العرب) ومختار الصحاح وقاموس اللهجة العامية؛ حيث أن (السليقة) عندنا تعني (الشوربة) ولايقوها بمعنى (الملايقه) وهي أن يُضاف إلى الشوربة التي تبقّت من الفطور مسحوق (الويكة) أو البامية الناشفة .. فتصبح نوعاً آخر من الأدام (المُلاح) من حيث الشكل.. وهي ذات شوربة الصباح التي جرى تقديمها آخر النهار في (هيئة جديدة) وقد مرت عليها ساعات وفقدت خاصيتها، فجعلوا منها غداء كأنه من صنع جديد.. وكل ذلك من باب التمويه..!

هل انتهينا من هذه الحكمة البليغة؟ إذن لنتقدم إلى الحكمة التالية التي وجدتها في ذات القروب من شابة و شاب آخر؛ وهي هذه المرّة تكشف عن ثقافة أخرى هي ثقافة قرآنية..فقد استطاع صاحبها أن (ينقشها) من بين كل جواهر الكتاب الحكيم .. فقد أورد صاحب التعليق صورتين لشخصين: وكتب بجانب الصورة الأولى (نجاهم الله من فرعون) وبجانب الصورة الأخرى (فعبدوا العجل)..! والمسألة في هذا المثال ليس فيها المعنى الحقيقي لفرعون ولا المعنى الحقيقي للعبادة، ولكنه الاقتباس والتشبيه الذي يأتي من باب ضرب الأمثال و(إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها) ثم جاء صاحب التعليق بجزء من آية؛ (إذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب) وكتبها مرافقة للصورة الأولى، ثم كتب بجانب الصورة الأخرى (ثم اتخذتم العجل من بعده وانتم ظالمون)؟؟

ولم تنته الحكاية هنا.. فقد قرأنا في موقع آخر مقطع من الدوبيت السوداني استحضره الذي أورده ليصف الموقف السياسي الراهن من واقع (البيان الأول اللجنة إياها).. والمقطع يتحدث عن المعالجة المعكوسة بإهمال (العضو المُصاب) ومعالجة العضو السليم..! وهذا اقتباس غاية الذكاء يصف الحالة (الكمده بالرمده)! وشطرة الدوبيت تقول: (ليه يا اهلنا للبيناتنا ما بتراعو/ البقول راسو موجعوا.. بربطولو كراعو..؟! …..بالله عليك هل هذا شعب يمكن أن يُخدع؟!

murtadamore@yahoo.com

التعليقات مغلقة.