شاهد غدا..!!

شاهد غدا..!!
  • 23 يوليو 2019
  • لا توجد تعليقات

عثمان ميرغني

الطريقة التي تدار بها يوميات التفاوض بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا تقرأ فنجان الفترة الانتقالية القادمة..

في الأسابيع الأولى بعد انتصار الثورة وصل إلى الخرطوم ياسر عرمان وخميس جلاب ومبارك أردول من قيادات الحركة الشعبية شمال، وغاصوا في وسط الثوار بساحة الاعتصام ثم صار “اردول” ضمن وفد قوى الحرية والتغيير المفاوض للمجلس العسكري..

كان واضحاً إن وفد الحركة الشعبية بقيادة عرمان تجاوز مرحلة (الحركات في مقابل الأحزاب) وصار في قلب العملية السياسية الصاعدة نحو تأسيس دولة السودان الحديثة على مفاهيم وأسس تستلهم روح الثورة المجيدة.. ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن.. فجأة و من عمق الــ(لا) معقول قرر المجلس العسكري اعتقال الوفد، ألقى به في غياهب السجون، ثم مكبلاً ومعصوب العينين قذف بهم جواً إلى الشقيقة دولة جنوب السودان، في أول سابقة، دولة تطرد مواطنيها إلى دولة أخرى.. دون اعتبار لمردود مثل هذه الرسالة ليس على الوطن فحسب، بل على سمعة وشرف الثورة التي جاءت من أجل تضميد جراح الوطن الذي تفرق أبناؤه في المهاجر بدداً.

الآن حصدنا وضعاً في غاية الغموض والتعقيد، الحركات المسلحة، بدلاً من الحضور إلى الخرطوم سافرت إليها الخرطوم في أديس أبابا، وبدلاً من أن تكون في مقاعد الثورة ترسم مستقبل الوطن – لست في مقاعد المحاصصة تسأل كم مقعداً لنا في السيادي والوزاري والتشريعي والولاة.. المحاصصة ذاتها التي اشترى بها النظام المخلوع الذمة بل الهمة الوطنية وحولها إلى رصيد شخصي وحزبي وجهوي لا يسمن ولا يغني من جوع..

المفاوضات التي تجري حالياً في جارتنا إثيوبيا كان أولى أن تدرك أن الوساطة الإثيوبية التي ابتدرت درب السلام تكبدت رهق السفر إلى الخرطوم، على أعلى مستوى في الدولة رئيس الوزراء “أبي أحمد” بنفسه، فما الذي يعود بها الآن في الاتجاه المعاكس إلى أديس أبابا..

مهما كانت النتيجة التي تخرج بها مفاوضات أديس فهي تعزز الإحساس بأن المستقبل يحمل في رحمه جينات الماضي الأليم.. المحاصصات والتنافس على الجوائز قبل أن يقبض الشعب جائزة صبره وثورته ومداد دماء شهدائه.. لا يقدم شهادة “حسن سير وسلوك” للمشهد السياسي تطمئن الشعب السوداني على إرادة التغيير.

التسامي فوق الذات الحزبية و الجهوية و”الحركية” هو الطريق الوحيد المفضل لمستقبل رشيد..

التيار

التعليقات مغلقة.