في ذكرى رحيله

عنقود عناقيدنا خليل فرح (1-3).. التأثر بأمدرمان وحدها ظلم له

عنقود عناقيدنا خليل فرح (1-3)..  التأثر بأمدرمان وحدها ظلم له
خليل فرح
  • 17 يونيو 2017
  • لا توجد تعليقات

الحسن هاشم

معظم ما سأتناوله عن عنقود (عناقيدنا) الذي أسماه الأستاذ ميرغني ديشاب (خليل الفرح) من ديوان الخليل الصادر من جامعة الخرطوم في عام 1977م بواسطة الراحل المقيم علي المك، مع ذكر حقيقة ذكرها ميرغني وهو أن الأستاذ الهادي حسن أحمد هاشم شارك علي المك في هذا العمل، وإن كان الكتاب قد صدر باسم الأخير فقط.

وكان الهادي يحتفظ ببعض المعلومات والشعر باللغة النوبية، ولم يستطع علي المك فك طلاسمها كما ذكر ميرغني، أورد هذا علي ذمة صديقي ميرغني.

مولده ونشأته
من المؤكد أن مولده كان في قرية (دبروسة) بوادي حلفا في عام 1894م، ولكن هنالك شهادة أخري في ملفه الوظيفي: ديوان 6(أ)3/6 دار الوثائق المركزية.

ولقد رزق فرح بدري من الأولاد ستة، وهم: بدري، وخليل، وحسن، وفاطمة، وعثمان، وعلي فرح بدري، وتوفي والده عام 1915م، ووالدته عام 1927م.

ونال خليلنا جزءاً من تعليمه في خلوة الشيخ أحمد هاشم بجزيرة ساي، وبخلوة ( الغولي) بإشكيت بوادي حلفا، حسب ميرغني، وأيضاً درس الكتاب بدنقلا وأمدرمان، حيث كان يقيم مع أهل أبيه.

ودرس الهندسة الميكانيكية في كلية غردون، حيث عمل بمصلحة البوستة والتلغراف. وتزوج خليل فرح من السيدة سلامة أغا إبراهيم أرملة شقيقه بدري، وذلك بجزيرة ساي عام 1923م. ولخليل من الأولاد اثنان هما: فرح خليل فرح، وعائشة خليل فرح.

وحسب إفادة الأستاذ شاكر شريف، وصلاح محمد عبد الرحمن، وعوض سوجي، وجميعهم من سيساب، فقد تزوج المرحوم محمد أحمد هاشم بابنة خليل عائشة، وله معها من الأبناء والبنات: عصمت، وأحمد، وهدي، وشادية (نجاة، وطارق، ومعتصم)، والثلاثة الأخيرون درسوا وتخرجوا في معهد الموسيقي والمسرح، وكان معتصم بفرقة (ساورا)، وهو بألمانيا ومن أمهر العازفين علي آلة الساكس.
.
البيئة النوبية وخليل
هنالك خلاف واضح بين الكتاب والنقاد والشرّاح لشاعرنا وبماذا تأثر؟ ومن هؤلاء علي المك وميرغني ديشاب، وأيضاً حسين خوجلي الذي استمعت إليه في مقابلة تلفزيونية. وإن كان لكل مبرراته وما يسوقه، إلا أن نزوع بعضهم بحصر تأثره بأمدرمان فقط لا يخلو من انحياز، وتمجيد لثقافة أمدرمان، كما لا يخلو من ثقافة الاستعلاء العربي الذي هو من أدواء العقدين الأخيرين، ونعني به هنا تحديداً حسين خوجلي، الذي أنكر أي أثر آخر في عبقرية خليل إلا أثر أمدرمان.

ولنؤكد تأثره ببيئته النوبية وساي، نأتي ببعض أشعاره، الذي يقول فيه:
يا صايد الأنام المولي عاطينا
طبيعة غنية في بواطينا
ما أخصب جزايرنا وشواطينا
وخيرات الجزيرة الدافقة من طينا

وعلى الرغم من أن هذه القصيدة كانت من بواكير إنتاجه، إلا أن شاعرنا كان عاشقاً لوطنه الصغير منذ باكورة حياته، ذلك لأنه وعند زيارة أمير ويلز للمنطقة لم يتوان في تذكيره بإهمالهم للمنطقة النوبية قائلاً:
ما تهمك مدارسنا ونوادينا
أهلك أهملوا تأسيسا عامدينا
ساد الجهل وسادت بُه عوادينا
وعم الفقر مدايِناّ وبوادينا

ويبدو أن أشعاره الأُولي كانت وفاءً لمسقط رأسه ( فُودِن كُجسِين أقركا)، ونما هذا الحب رويداً رويداً، حتي عم بحبه المليون ميل مربع، وكانت عازة، وكان الشرف الباذخ، وكان خليل ممتداً عبر المليون ميل، وكان في كل سماء وطننا ، هذه السماء التي لا حدود لها. وهذا جانب آخر سنتحدث عنه.

خليل والمرض
كدأب كثيرين من العباقرة في كل الأزمنة، فقد كان له سجل حافل بالمرض، حيث أُصيب بالدوسنتاريا عام 1924م، ثم بنزلة شعبية أوائل أبريل 1929م، حيث أفاد مدير مستشفى مصلحة البوستة بإصابة خليل بالسل الرئوي، وبقي بالمستشفى حتي 26 نوفمبر 1929م، وبلغت أيام غيابه بالسودان ومصر والمسجلة بملف خدمته 130يوماً، حتي فارق الحياة بمستشفى النهر بالخرطوم في (30يونيو 1932م).
وبالفعل إن هذا ليوم مشؤوم للسودان والسودانيين عموماً. وذكر خليل علته كثيراً ويقول في عزة:
عَزّة جسمي صار زي الخلال
ويقول:
تلك ستون ليلة هي كالسجن أو أشدّ
صدمة ليتها صدمة الأتومبيل أو الأسد
عِلّتي وهي عِلّتي قصة الناس في البلد

وعندما أوصاه الطبيب في مصر بترك السهر والخمر، وإلا فإن عمره قصير، قال لصديقه أحمد الطريفي الزبير باشا: (يعني أيه مدّة طويلة ومدّة قصيرة خلينا نشرب عشان ننتهي بسرعة).
ومن الواضح أنه قد وجد عسفاً من الإدارة في عمله؛ لكونه أصبح هدفاً لها لعقابه على شعره، وإشاراته للإدارة البريطانية بالتلميح والتصريح، ولا غرابة إذا عوقب لغيابه ثلاث دقائق بخصم يوم كامل من مرتبه، وبلغت أيام الخصم طيلة خدمته من (1913- 1929م) عشرين يوماً .

* حلقات نشرت في منتدى جزيرة أرنتى ومنتدى عمارة

الوسوم الحسن-هاشم

التعليقات مغلقة.