سفينة بَـــوْح – جُرعات تحصينية

سفينة بَـــوْح –  جُرعات تحصينية
  • 29 أكتوبر 2019
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل

يبدو أن غيبوبة الصدمة والفُجاءة التي ألمت بمنسوبي الطُغمة الإنقاذية ومن أيَّدهم في غيِّهم بالدعم والتأييد والإنتفاع والمشاركة لم تزل ماثلة في أفئدة وعقول بعض الساسة الكبار ، فقد ظننتُ أننا بعد الثورة قد كفينا آذاننا الإستماع إلى هرطقاتهم وتصريحاتهم غير المُتزنة وغير المُتسِقة على الدوام مع ما يشغل الناس من هواجس وهموم ، وآخر هؤلاء هو رئيس حزب الأمة الوطني السيد عبد الله مسار ، والذي بدا في غمرة شعوره (بالملل) من التواجد خارج إطار السلطة الإنتقالية بعد أن تم تصنيفه عبر قيَّم وأخلاقيات وقوانين ديسمبر المجيدة (مشاركاً) في النظام البائد بالرغم من ترَّجُلهِ من صهوة جواد الإنقاذ في ساعة الصفر الأخيرة وبعد أن بدت بوادر إنتصار الثورة وأشرقت أنوارها في لُجة الظلام ، خرج الرجل حينها من الإنقاذ ليس لأجل الوطن ولا لأجل الشعب ، لكنه خرج لمصالحه الشخصية ومستقبل حزبه الذي هو بلا قواعد شارعية ، خرج من الإنقاذ وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة إعتقاداً منه أن ذلك سيُعطيه صكاً موثَّقاً ودليلاً لا يخضع للمحاسبة ولا الرجوع إلى تاريخهُ المظلم في مجال الإنحياز لمطالب الشعب وإرادة الوطن ، عبد الله مسار بكل بساطة يريد الولوج مرةً أخرى إلى دهاليز السلطة والنفوذ على ذات المعايير والإشتراطات والقيَّم القبيحة التي توافق فيها في ما مضى مع دولة الفساد الإنقاذية البغيضة.


يقولُ عبد الله مسار الذي شارك الإنقاذ حكمها وقمعها وإستلابها لموارد البلاد ومُقدَّراتها وأرواح شعبها وكرامته وحريته المُستحقة ، أنه قادر خلال إسبوع أن يجمع ما مقداره عشرة ألف من الجماهير لإشعال ثورة ضد الحكومة الإنتقالية التي أتهمها بأنها (غير وطنية) بسبب أن معظم كوادرها جاءوا من الخارج ، ونقول للرجل المُلول من التواجد بعيداً عن كراسي السلطة والحكم ، أن الشعب السوداني يحمدُ الله أنْ جاء معظم منسوبي الحكومة الإنتقالية من كفاءاتنا بالخارج ، لأن في ذلك بالإضافة إلى كفاءتهم ما يفيد أنهم لم يتلوثوا (بالعدوى) الناتجة من مجرَّد القُرب أو التواجد في أماكن يستشري فيها (وباء الفساد) كما كان حالكم قبل حينٍ من الزمان ليس ببعيد ، كما أنهم أكملوا جرعاتهم (التحصينية) ضد وباء السعي إلى السلطة لمجرَّد إرضاء الغرور الذاتي أو السعي إلى مصلحة شخصية ، لأنهم يؤمنون بأن تولي المناصب في هذا الوقت العصيب من تاريخ الوطن تكليفٌ عسير وليس تشريفٌ يُكتسب ، وبذلك فهي حسب القيَّم والأخلاقيات الثورية تسعى إليهم ولا يسعون لها.


لا مجال للتراجع عن مبدأ (حرمان) من ساهموا ولو بشِق تمرة في إستمرار إستقواء الإنقاذ على الوطن والشعب فذاك حقٌ واجب للثورة والشعب والوطن ، وهو كذلك حقٌ مُستحق لتلك الأحزاب النفعية حتى تستفيد من الفترة الإنتقالية في تقويم مسيرتها وتصحيح رؤاها الوطنية وإعادة صياغة (صوتها وصورتها) أمام جماهير الشعب السوداني علهُ يستطيع التعامل معها من جديد.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.