الحكومة الانتقالية نجحت أم فشلت؟

الحكومة الانتقالية نجحت أم فشلت؟
  • 27 نوفمبر 2019
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

ثلاثة شهور مرت على حكومة الفترة الانتقالية بقيادة الدكتور عبدالله حمدوك ، فهل حان اوان جرد الحساب ؟ هل الفترة التي مرت من عمر الحكومة الانتقالية كافية لكي يتم تقييم ما قامت به هذه الحكومة وفق معياري النجاح و الفشل ؟ .

لا أعتقد أن الفترة التي مرت من عمر الحكومة الانتقالية كافية لوصمها بالفشل او وصفها بالنجاح ، فهي فترة بكل المقاييس قصيرة جدا على مجمل الظروف التي واجهتها الحكومة ، و أولها ظروف الهياكل الحكومية نفسها التي لم تكتمل بعد ، و اقصد بالهياكل الحكومية كل المؤسسات و الاذرع و الاليات التي تمارس من خلالها اي حكومة في اي دولة إدارة البلاد .

تم تشكيل الحكومة الانتقالية من وزراء وجدوا أنفسهم فجأة في عمق أوكار الدولة العميقة محاطين بها من كل الجوانب ابتداءا من وكيل الوزارة إلى أصغر موظف ، و هذا بالطبع يوضح الصورة العامة للدولة ، رأس ثائر و جسد من الدولة العميقة ، و هي صورة توضح منتهى الاختلاف الهيكلي الذي لا يمكن أن تقوم في وجوده اي حكومة بواجبها فعليا ، و تعكس مشهد وجود مستويات حكومية غير متناغمة اطلاقا و متعاكسة تماما في الاهداف .

كذلك لا يمكن مطالبة السادة الوزراء بالتأقلم مع هذه الأوضاع ، و محاولة تسيير العمل بالدولة عبر جسد الدولة العميقة و كان شيئا لم يكن ، فقط لكي يقول الناس بعد ثلاثة شهور ان الحكومة الانتقالية قد نجحت ، فهذا و ان حدث سيكون نجاحا ذو ثمن باهظ هو إبقاء و تغذية التمكين .

نعم وظيفة الحكومة الانتقالية و وزرائها تنظيف هذا الهيكل و تفكيك التمكين و تذويب الدولة العميقة ، و لكنها عملية معقدة ، لا يمكن انجازها في اول ثلاثة شهور . و الجميع يرى ان محاولات الحكومة الانتقالية في تفكيك التمكين مستمرة و لكنها مازالت محاولات فردية تفتقر للقانون الواضح و المفصل الذي يمكن جميع الوزراء و المستويات بالدولة من اتخاذ قرارات تفكيك متشابهة عبر وصف قانوني موحد ، بدل أن يطبق كل وزير ما يرى أنه الطريقة المثلى لتفكيك التمكين .

أشير هنا إلى أن السيد وزير العدل بالامس فقط قدم لمجلس الوزراء مشروع قانون تفكيك التمكين ، مما يعني أن كل المرحلة السابقة التي اجتهد فيها الوزراء في تفكيك التمكين كان عبارة عن جهود شخصية في إطار عام بلا قانون واضح . لذلك بعد اجازة هذا القانون في الجلسة المشتركة المنتظرة بين مجلس السيادة و مجلس الوزراء سيكون بيد الوزراء سيف قانوني بتار يستخدمونه بكل أريحية في تفكيك التمكين في الوزارات و المؤسسات الحكومية .

اجازة قانون تفكيك التمكين ستكون هي نقطة الانطلاق الفعلية للحكومة الانتقالية ، في كل الجوانب السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، إذ سياسيا قد يؤسس هذا القانون لحل حزب المؤتمر الوطني و مصادرة أمواله و ممتلكاته و منع النشاط باسمه و الانتماء اليه ، كما قد يؤسس اقتصاديا لعملية تأميم ضخمة لكل الشركات و المؤسسات شبه الحكومية و الخاصة التي قامت على رضع ثدي الدولة في عهد المخلوع، هذا غير طلب الاموال المنهوبة خارجيا و املاك قادة و منتفعي النظام بالخارج . و اجتماعيا سيكون لهذا القانون دور في تضميد الجراح عبر محاسبة الظالمين بالعقاب الذي انزلوه بالآخرين من فصل و إقالات و حرمان من الترقيات و الاموال و نزع أراضي و وظائف الخ .

نعم سيكون هذا القانون هو نقطة الانطلاق للحكومة الانتقالية بينما ستكون نقطة التقييم العادلة على الأقل بعد عام كامل من لحظة أداء القسم ، و أي تقييم متسرع قبل انتهاء هذا العام سيكون مجرد وسيلة لتحميل الحكومة جرائم لم ترتكبها و قصور لم تتعمده و ذنب لم تجنيه .


Sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.