مليونية تجمع المهنيين بين الرفض و القبول

مليونية تجمع المهنيين بين الرفض و القبول
  • 30 يناير 2020
  • لا توجد تعليقات

يوسف السندي

دعا تجمع المهنيين إلى مليونية اليوم الخميس من أجل استكمال هياكل السلطة الانتقالية واستحقاقات التحول الديمقراطي ، مستهدفا ستة أهداف هي تعيين الولاة ، تشكيل المجلس التشريعي، تكوين المفوضيات، سيادة مجلس الوزراء على بنك السودان ، إعادة ملف السلام لمجلس الوزراء ، ووضع يد وزارة المالية على أموال الجيش و الأجهزة الأمنية و الدعم السريع . ومنذ إطلاقها اختلف الثوار حولها ، قبلها الكثيرون وإستهجنها أخرون ، ولكل دفوعاته.

الرافضون لمليونية تجمع المهنيين يرون ان المواكب والمليونيات قد تضعف الحكومة الانتقالية وقد تفتح الباب للثورة المضادة من خلال تفسير كثير من المكونات داخليا وخارجيا لهذه المليونيات باعتبارها رفضا جماهيريا لأداء الحكومة الانتقالية و دعوة لثورة تصحيحية تطيح بهذه الحكومة و تاتي بحكومة أخرى ، و بالتاكيد قد يكون اول من يلتقط قفاز مثل هذا هو الكيانات العسكرية و الامنية للدولة العميقة و التي قد تعيد تحركاتها و تخلق نوعا من البلبلة يصعد من الاحتجاجات و يخرجها عن سيطرة تجمع المهنيين و قوى الحرية و التغيير مما يحول الوضع إلى وضع مشابه لما حدث في مصر في ثورة ٣٠ يونيو حين خرجت الجماهير المصرية في رفض واسع لحكومة مرسي و طالبت باستبداله فالتقط الجيش القفاز و صعد السيسي إلى السلطة و ظل فيها حتى اللحظة .

نعم سيناريو السيسي بعيد عن الواقع و لكنه ليس مستبعدا في حال تطورت الأوضاع بصورة دراماتيكية نحو انهيار اقتصادي شامل ، و لهذا فإن الرافضين للمليونيات يريدون أن يغلقوا هذا الباب مبكرا مستخدمين المثل السوداني الشهير ( الباب البجيب الريح سده وأستريح ) ، الجانب الاخر من موضوعية جماعة رفض المليونية يتمثل في تبريرهم بأن التجمع أصبح جزء من السلطة فهو من سمى احد اعضاء مجلس السيادة و يشغل القيادي السابق فيه مدني عباس وزارة اتحادية هذا بجانب وجود تجمع المهنيين ككتلة داخل قوى الحرية و التغيير الحاضن الرئيسي لحكومة حمدوك، و بالتالي فإن خروج تجمع المهنيين على الحكومة الانتقالية يصوره كانه يخرج على نفسه ، وهو ما يخالف المنطق إذ أن التجمع بما انه حكومة فعليه استخدام وجوده في الحكومة و مؤسساتها لاحداث التغيير المنشود و ليس عبر الشارع كما تفعل المعارضة .

الداعين للخروج منطقهم ان هناك بطء شديد في تنفيذ مطلوبات ثورية حساسة بدرجة كبيرة كان يجب إنجازها منذ الشهر الأول لتشكيل السلطة الانتقالية مثل تعيين الولاة و المجلس التشريعي و المفوضيات و ولاية وزارة المالية الكاملة على المال العام، و أن التاخير حتى هذه اللحظة رغم مطالبات تجمع المهنيين و قوى الحرية و التغيير و مطالبات الأحزاب و الكيانات الثورية و الشارع المتكررة يدل على أن الأمر يحتاج ( جكة ) و أفضل جكة هي الشارع فهو السلاح الوحيد المجرب و الفعال لايصال الرسائل واضحة و جلية حول حوجة البلاد لتنفيذ أهداف ثورة ديسمبر بسرعة و حسم .

المشفقون على وجود تيار رافض و تيار معارض من داخل الثوار عليهم أن يتعلموا ان اتفاق كامل و شامل كالذي حدث أيام المواكب ليس ضروريا في أيام دولة الثورة ، فالاختلاف في الآراء و في التكتيكات و في الأولويات سيكون حاضرا دوما بين رفقاء الأمس و اليوم ، و ليس بالضرورة أن يكون خلف هذا الاختلاف أجندة خفية او مكاسب تسعى جهة لتحقيقها غصبا عن الآخرين.

يظل تجمع المهنيين هو الكتلة المعبرة عن الشارع غير المحزب و يظل هو ثيرمومتر حرارة الثورة كلما ارتفع نبضه حقق الشعب المكاسب و ليس العكس .
ختاما نبارك لتجمع المهنيين تتويجه من قبل منظمة Freedom house الأمريكية بجائزة الحرية السنوية لدوره الرائد في قيادة الثورة السودانية .


sondy25@gmail.com

التعليقات مغلقة.