إعلانات الشركات الأميركية فى زمن كورونا: والله العظيم نحن ما زلنا هنا

إعلانات الشركات الأميركية فى زمن كورونا: والله العظيم نحن ما زلنا هنا
  • 28 أبريل 2020
  • لا توجد تعليقات

واشنطن: محمد يوسف وردي

تبذل الشركات التجارية قصارى جهدها لإغراق سوق الدعاية بإعلانات مناسبة لوباء كورونا.. في كلمات مؤثرة للغاية طرحت احدى شركات ورق التواليت دعاية تقول: معاً سنجعل أميركا تدور!!

في ظاهرها تبدو هذه الإعلانات، كأنها تقوم بعمل خير واستشعار بالمسؤولية الاجتماعية، عندما تركز في رسائل الوقاية وإرشادات السلامة، لكن تبدو المسالة مزعجة إلى حد ما عندما يتقمص كل معلن دور دكتور أنتونى فاوشي.

 الناس كانت تجد الراحة والمتعة في الإعلانات التجارية، وكثيراً ما كانوا يتبادلون مقاطع الفيديو للإعلانات المتميزة قبل أن يدهمهم كورونا.. لقد غير كورونا كل شيء، وبات على الجمهور أن يكيف مزاجه مع كورونا في ظل الشوارع الفارغة والمتاجر المغلقة، وينظر للإعلانات نظرة رضا كون تحذيراتها تحمل شيئاً من المصداقية حتى مع فقدانها المردود العاطفي!!
كتب الروائي أرونداتي روي لصحيفة فاينانشيال تايمز “أجبر الوباء البشر على الانفصال عن الماضي وتصور عالمهم من جديد. وبات الامر متروكاً للناس كي يحددوا كيف يسيرون نحو المستقبل”.

وبالفعل لقد صار العالم مختلفاً الآن – فقط قم بتشغيل التلفزيون، وسوف تجد الاختلاف واضحاً، وشبه البعض الوضع الذى تتعامل معه الإعلانات الآن بالانثروبولوجيا الثقافية،
بحكم أن الإعلانات التجارية تلغراف ما تريد الشركات من الأميركيين أن يفكروا فيها ولا يسعهم إلا أن يظهروا ما يفكرون فيه حقاً عن الناس، يحاول المعلنون دائمًا التعبير عن لحظتنا الثقافية والتأثير فيها.

بودوايزر أحد اكبر مصانع البيرة وجه ميزانيته للفعاليات الرياضية والترفيهية الى الصليب الأحمر. غربهوب إحدى شركات توصيل الطعام تناشد الجمهور لإنقاذ المطاعم المحلية من خلال طلب الطعام الجاهز؛ ويحول مجلس السياحة في لاس فيغاس لوحته الإعلانية الشهيرة “ما يحدث في فيغاس يبقى في فيغاس” إلى أخرى تقول: “صحتك وسلامتك أكثر أهمية من أضواء وعروض مدينة الشمس”.

فرضت كورونا على الإعلانات التجارية واقعاً لا يمكن تجاوزه، فقد سحبت معظم الشركات إعلاناتها القديمة لكي تتواءم مع الظروف الجديدة.

إعلان صمم بمشاركة الآلاف داخل إستاد رياضي يتم استبداله بإعلان صغير داخل غرفة لرجل وطفل وحدهما لكنه مع بساطته يعكس حالة إغلاق الدولة.

غاب التأثير العاطفي الدائم على المستهلك المستهدف، وتعيّن علي الشركات ذكر الوباء حتى ولو كانت تريد بيع سلعة تافهة. وجميعها بالطبع يتودد الى الجمهور بعبارات تطمين بأن السلعة التي يطلبها مبرأة من عدوى كورونا.

 تتعهد سلاسل البيتزا ب “عدم لمس فطيرتك” و (يمكنك الحصول على بيتزا حتى اثناء إقامتك في منزلك)، تتعهد شركات الاتصالات بإبقائك على اتصال دائم!!

تستغل الشركات الإغلاق الذي طال أميركا أسوا استغلال، وكل واحدة منها تريد منك أن تعرف أنها هنا. وقد عبرت عملاقة الاتصالات فيرايزون جيداً عن هذا الشعور (“نحن هنا، ونحن جاهزون”) في سلسلة من الإعلانات … وتستخدم تويوتا في إعلانها الجديد صوتاً واعدًا يقول: “نحن هنا من أجلك الآن وفي أفضل الأيام المقبلة”.

شركات الإعلانات تفعل المستحيل لكي تبقى على الخط بينها وبين الجمهور مفتوحاً، ريثما ينعدل الحال، لكن لا هي ولا الجمهور يملكان اليقين، ومع إعلان فريق عمل البيت الأبيض بضرورة استمرار توجيهاتهم المتعلقة بالتباعد الاجتماعي لعدة شهور قادمة فالخوف كل الخوف أن تتحول الإعلانات من نحن هنا إلى نحن كنّا هنا!!


التعليقات مغلقة.