منصة حرّة: الذهب.. ثروة سيادية في أيدي التجار

منصة حرّة: الذهب.. ثروة سيادية في أيدي التجار
  • 27 سبتمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

نورالدين عثمان

وقعت وزارة الطاقة والتعدين، 7 اتفاقيات امتياز جديدة للتنقيب عن الذهب والمعادن في 4 ولايات هي: نهر النيل، والشمالية، وجنوب كردفان والبحر الأحمر، وتعتزم توقيع 13 اتفاقية جديدة الأسبوع المقبل لتصبح بذلك 20 اتفاقية.

 والشركات التي وقعت معها الوزارة شملت شركات أجنبية ومحلية، وهي: الشاطئ، ويماني، وكلدفان للتعدين، وهديل، وشان شونق وشركة الخدمات المتكاملة، وهي مملوكة بنسبة كبيرة لمستثمرين إماراتيين، وتستمر الشراكة حسب العقد أكثر من 30 عاماً.

وأكدت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي المكلفة هبة محمد أحمد، أن هنالك 400 شركة تعمل في مجال الاستكشاف، إلا أن التي دخلت الإنتاج لا تتعدى 13 شركة، العاملة منها 3 شركات فقط، والتزمت بتقديم إعفاءات جمركية واتباع مبدأ الشفافية لإزالة الممارسات الفاسدة السابقة.

من جانبنا نقول للوزيرة المكلفة، وماذا تركتي بعد حديثك هذا للممارسات الفاسدة السابقة، لتعملي على إزالتها، يبدو أنكم كوزراء مكلفين من يحتاج إلى إزالة، كيف بالله تتحدثون مرة أخرى عن الإعفاءات الجمركية لشركات خاصة تسرق ثروة سيادية عبر تراخيص رسمية صادرة من وزارة الطاقة والتعدين، وتجني مليارات الدولارات، وفوق كل هذا يتم منحها إعفاءات جمركية، هل لهذا ثار الشعب السوداني وانتفض ضد النظام البائد؟.. للأسف يبدو أن ما يحدث في قطاع التعدين كارثة حقيقية، تحتاج إلى حل سريع وجذري.

سبق وأن طالبنا مجلس الوزراء، بضرورة سيطرة الدولة على هذا القطاع الحيوي، وقلنا بالحرف الواحد، أن الدولة ليس لديها معلومات كافية عن الكميات الكبيرة التي يتم تهريبها من الذهب، وتتحدث تقارير خارجية عن تجاوز المهرب من هذه الثروة السيادية الـ 100 طن ذهب سنوياً، والإحصائيات الرسمية تتحدث عن إنتاج يتراوح بين 20 إلى 30 طناً في السنة، ونصيب الدولة من الإنتاج المعلن رسمياً لا يتجاوز “الفتافيت” التي لا تسمن ولا تغني من جوع، وبدلاً من أن نشاهد قرارات شجاعة، بمنع الشركات الخاصة في الاستثمار في قطاع الذهب باعتباره سلعة سيادية مثلها مثل البترول تماماً، نسمع عن وعود على شاكلة منح الشركات إعفاءات جمركية وضريبية.

الشركات التي تعمل في مجال التعدين، لا توجد رقابة رسمية عليها، ولا تستطيع الدولة ضبط إنتاجها، وليس لها القدرة على التحكم بممرات ووديات وأوكار التهريب، وما يحدث اليوم في مجال التعدين يعتبر جريمة بمشاركة “الطاقة” و”المالية”، إذ لا يمكن أن تمنح الدولة التراخيص وهي جالسة في المكاتب المكيفة لتأتي لها الشركات بالإنتاج وتقول لها هذا إنتاجنا وهذا نصيبكم، فتفرح الدولة وتكتب عن ذلك باعتباره إنجاز كبير يستحق الإشادة، والحقيقة أن ما يحدث “فشل” كبير.

الشركات العاملة في التنقيب، تعمل بإمكانيات متواضعة، وبعض الآليات، وعدد قليل من العمالة، وتجني المليارات، وتستطيع الحكومة اليوم، تأسيس شركة قابضة تسيطر على هذا المجال بالتدرج، ونؤكد أن إنتاج الشركة الحكومية خلال عام واحد فقط من مربع واحد، سيفوق نصيب الدولة الذي تجنيه من هذه الشركات مقابل منح “التراخيص”، ولكن يبدو أن الشركات الخاصة أقوى من الدولة، وتحمي مصالحها الذاتية بكفاءة وفعالية أكثر من حماية الحكومة لمصالح الشعب.

لماذا لا يصدر قرار شجاع بإيقاف عمل الشركات الخاصة في هذا المجال فوراً، والبدء في تأميم القطاع، والسيطرة عليه من قبل الدولة، لأن المليارات التي تهرب إلى الخارج، أولى بها هذا الشعب، وعلى الأقل ستغطي لنا فاتورة الوقود والدقيق، وبدلاً من أن تمارس الدولة مهنة “التسول”، عليها أن تبدأ في “الإنتاج”، وأضعف الإيمان لماذا لا تشترط الحكومة مشاركة الشركات بنسبة مسيطرة، مع تملك بنسبة 100% بعد 30 عاماً، بدلاً من هذه العشوائية الحاصلة اليوم، ونحن على يقين بأن هذا الشرط مقبول للشركات نظراً للثروة الضخمة والعائد الكبير الذي يدخل خزينة الشركات، وننتظر من الحكومة أن تتعامل بحزم وقوة أو التنحي.. حباً ووداً..

manasathuraa@gmail.com

التعليقات مغلقة.