مرحبا بالسلام أياً كان ثمنه

مرحبا بالسلام أياً كان ثمنه
  • 04 أكتوبر 2020
  • لا توجد تعليقات

هشام عباس

تخيل لو كان فى انترنت زمن الرسول (ص) .. بعد صلح الحديبية كنت حتلقى اللوايفة بتاعننا متشعبطين قمم نخيل المدينة المنورة – بسبب ضعف الشبكة – وهم يصرخون فى بث مباشر إانها اتفاقية العار ) ( لقد باع الرسول الإسلام ) ( لقد باع دماء شهدائنا فى بدر واحد ) ( كيف نتفق مع الكفار الذين أذلونا وقتلوا إخواننا ).

بالنظرة السطحية كل بنود صلح الحديبية كانت فى صالح قريش، وضد المسلمين، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يرى أبعد من حماس الصحابة ورغبتهم فى الشهادة أو النصر، وشوقهم لدخول مكة، وفرض الإسلام فيها .. كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرى ما لا يراه الصحابة. كان يعلم أن الاتفاق يحقن كثيراً من الدماء، ومنها دماء من أسلموا بعد ذلك بعامين، وحسن إسلامهم، وأصبحوا من أشهر الصحابة. وكان يرى أن الوقت فى صالح الإسلام وضد قريش، وكان يرى كم فقد فى بدر واحد من رجال أطهار كانوا خسارة كبيرة لا يمكن أن يتحمل مثلها الرسالة الجديدة فى حرب جديدة، حتى ولو خلصت بانتصار المسلمين.
فى النهاية، دخل المسلمون مكة بعد ذلك دون نقطة دم ودون خسارة أحد بل تحول كل قادة قريش ممن كانوا سيقاتلونهم إما يقتلون وإما يقتلون إلى رصيد بشري لصف الإسلام وهو الذى أعطى الاسلام قوة جديدة. وبدخول قريش دانت الجزيرة العربية للمسلمين، وباتوا أكبر قوة فى تلك الفترة.

كمية المزايدات والمتاجرة باسم الثورة واسم الشهداء تخطت كل حدود المعقول، وباتت مسألة قبيحة، وكل من هب ودب يرى أنه الثورى الوحيد، ويرى أنه الأحرص حتى من أهل الشهداء على دماء الشهداء ,,كمية الضجيج والصراخ فى الواقع السودانى بات أمراً مرهقاً للعقل والنفس، خصوصاً ممن لا يرون أبعد من أرنبة أنوفهم.

ان كنت ترى – مع إنى لا أرى ذلك – ان اتفاق السلام الذى وقع بالامس يخصم من حقوق الشهداء ومن حقوق ثورتك يجب أن تفهم أن السودان ليس الخرطوم، وأن حدود الوطن ليس ساحة القيادة العامة، والأهم من ذلك يجب أن تفهم أنه لو كان فى ثورتنا مائة او مائتى شهيد فأطراف السودان التى تنزف قدمت 500 ألف شهيد، ويجب أن تفهم أنك إذا كنت قد صحوت من نومك بعد 30 سنة، وشاركت فى ثورة أن هؤلاء ثائرين يقاتلون من عشرات السنين ضد النظام، ويجب ان تفهم أنه إذا كانت ثورتك قد حققت لك الحرية، وأن تنام فى بيتك آمناً مطمئناً تلعلع وتستفرغ فى وجوهنا باللايفات، فإن هؤلاء لا زالوا فى الأحراش ومعسكرات النازحين ولا زالوا يقتلون ويغتصبون.

لو بطلت مزايدة ومتاجرة رخيصة بدماء الشهداء ستفهم أن التاريخ لم ولن يتوقف عند ثورتك، وأن الوطن أكبر من مجرد ثورة اسقطت نظاماً. ويجب أن تفهم ان ألف ثورة لن تصلح حال وطن ما دام هناك طلقة تطلق وحروب تدور د.
هناك أشياء أكبر من مجرد لايف، وكسب شيرات، ونيل الإعجاب وحب ظهور.
مرحبا بالسلام أياً كان ثمنه.

الوسوم -هشام-عباس

التعليقات مغلقة.