سفينة بَوْح – إعترافاً و إعتذاراً ..!

سفينة بَوْح – إعترافاً و إعتذاراً ..!
  • 07 نوفمبر 2020
  • لا توجد تعليقات

هيثم الفضل




إعترافاً بالحقيقة المُرة ، وإنطلاقاً مما يدور في عقلية رجُل الشارع العادي ، على أمثالي من الذين كانوا قد بشَّروا (بقُدسية) القيَّم الديموقراطية وما يجب أن تكون عليه بعد ثورة ديسمبر المجيدة ، أن نعتذر و(نُلفت) نظر الذين بشَّرناهم أن (مُعظم) ما يحدث الآن ليس لهُ علاقة بما كنا نشير إليه من تلك المباديء ، التي على ما يبدو أن أوان مثولها في واقعنا لم يحِن بعد ، مع التذكير بأن ذلك لا يعني بأن الثورة بُنيَّت على باطل ولكنها (مُنعت) من النُضج والإثمار وبالتالي حُرم الناس قبل أن يمسحوا عن جبينهم عرق النضال من الإستمتاع بمردوداتها.

فهذا الشعب الكادح الصبور ، لم يذُق طعماً لراحة البال والشعور بالتقدُّم خطوة إيجابية إلى الأمام ، منذ أن أمسكت بتلابيب ثورته ثُلةً جعلت مطالبه وأمانيه وإحتياجاته المُلِّحة في ذيل إهتماماتها ، بل وصل بها الأمر أن تخادع الجماهير عبر التخفي وراء الكثير من الأقنعة التي من فرط تكرار أشكالها ومضامينها لم تعُد أوهامها تنطلي على أحد ، ودونكم ما تدَّعيه أحزاب وتنظيمات قوى الحرية والتغيير تجاه مُعظم ما يطرأ من أحداث وتوجُّهات وقرارات للحكومة الإنتقالية من إعلان (براءتها) وعدم مسئوليتها كلما أودت كارثة بآمال الكادحين ،

تارةً تحت حجة أن الحزب الشيوعي وبقية الأحزاب اليسارية قد إستولوا على المناصب وعملوا على (تمكين) كوادرهم في المناصب الدستورية والوظائف المدنية الهامة ، وتارةً أُخرى عبر المشاركة في إتخاذ القرار الخاطيء والمناويء للمصالح العامة ، ثم عندما تُعلنهُ الحكومة ويصبح واقعاً قبيحاً تأباهُ الجماهير ، تنبري آلاتها الإعلامية لتشجُب ذات القرار وتقف ضدهُ ، بل وأحياناً تدعو الجماهير للمقاومة والخروج في المواكب تحت شعارات فضفاضة ووهمية تستهدف تهدئة القواعد الشارعية وهدهدة توتُّر الرأي العام ، وفي مقدمتها شعار (تصحيح مسار الثورة) ،

على حزب الأمة والحزب الإتحادي الأصل والمؤتمر السوداني وغيرهم من التنظيمات التي واكبت مفاوضات تأسيس الحكومة الإنتقالية المدنية ، أن يعرفوا أن ذاكرة الشعب السوداني ليست خرِبة بالقدر الذي يجعله ينسى تنَّصُلهم عن المسئولية إبانها حين أعلنوا عدم رغبتهم في المشاركة ، ليبقى السؤال الإستراتيجي قائماً ، وبعد نأيكُِم عن المشاركة مَنْ تبَّقى من القوى السياسية ليعتلي سطوة النفوذ والسيطرة ؟ مُستأثِراً بتكوين الحكومة والهيمنة على مناصبها غير اليساريين ؟ ، وكيف تتجَّرءون اليوم على لومهم وإتهامهم بالتمكين لأنفسهم وقد قدَّمتُم لهم فرصةً لا يحلمون بها على طبقٍ من ذهب ؟.

عندما تفقد القيَّم الديموقراطية قداستها في واقع الأداء اليومي لحكومة الثورة الإنتقالية ، سينقلبُ عليكم الصادقون في إرساء مبادئها لأنهم لن يرضوا بأنصاف الحلول وهُم في عنُق الزُجاجة ، فلا عدالة دون عجلةٍ مُتسارعة لإعلان نتائج التحقيق في مجذرة القيادة العامة وبقية الجرائم التي أُرتكبت أثناء الثورة ، ولا مساواة يُمكن الإستفادة منها وفلول النظام البائد ما زالوا يستأثرون بموارد وخيرات البلاد ويتحكَّمون في معاش الناس وأمنهم وأمانهم ، ولا حُرية يُمكن الحديث عنها والكباري والشوارع تُغلق في وجه المواكب والمسيرات والشهداء يتساقطون برصاص الشرطة والقوات الأمنية حتى يومنا هذا ، ولا ديموقراطية يمكن الإشارة إليها والحكومة وحاضنتها السياسية تتجاوز الحقوق الدستورية للمواطن حين تبِتُ وتشرع في تدشين مشاريع إستراتيجية لا (تُجاز) حسب الأعراف إلا عبر البرلمانات والإستفتاءات الشعبية ، تُرى هل تعقلون قبل فوات الأوان ووقوع (إنقلابٍ) يقودهُ الصادقون من مُسانديكم في شارع الثورة الذي على ما يبدو لم يختِم جولاتهِ بعد ؟.

الوسوم هيثم-الفضل

التعليقات مغلقة.